الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يؤتيني خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا "لولا "؛ للحض؛ والمبالغة في الإنكار؛ بمعنى "هلا "؛ أي: هلا إذ دخلت جنتك قلت: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله "؟ و "إذ "؛ بمعنى "وقت "؛ المعنى: هلا وقت دخولك جنتك ورؤيتك هذه النعمة قلت: "ما شاء الله "؟ أي: هذا ما شاء الله؛ وإنه بإرادته؛ ومشيئته؛ ولولا مشيئته ما نلتها؛ وإنه لا قوة لك؛ إنما القوة كلها لله؛ فهو الذي [ ص: 4533 ] أعطاك؛ وإن حق النعمة شكرها؛ لا كفرها؛ ولا التطاول بها؛ والمفاخرة على غيرك؛ والاعتزاز بها من غير عزة الله - سبحانه وتعالى -؛ ثم أخذ بعد ذلك يرد على مفاخرته راضيا؛ راجيا: إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يؤتيني خيرا من جنتك "إن ترن "؛ حرف شرط؛ وفعله؛ وجوابه: "فعسى "؛ والفاء داخلة فيه؛ لأنه فعل طلب؛ للرجاء؛ و "أنا "؛ ضمير الفصل فيه؛ تأكيد لحديث المتكلم عن نفسه؛ وكان التأكيد لبيان أنه أقل منه في نظره؛ أي: "إن ترني أنا في نظرك أقل منك؛ فإن الله هو الرزاق ذو القوة المتين؛ لا يمنعه أحد من عطاء يشاؤه؛ فعسى ربي الذي خلقني؛ وكفلني؛ وقام على شؤوني؛ أن يؤتيني خيرا من جنتك التي تفاخر بها؛ وتغتر بها؛ إني أرجو الله؛ وأرجو ما عنده؛ مؤمنا بأنه هو الذي يعطي؛ ويمنع؛ فإن أعطانا شكرنا؛ وإن منعنا صبرنا؛ وهو خير لنا؛ وقال: ويرسل عليها حسبانا من السماء الضمير في "عليها "؛ يرجع إلى الجنة; لأنها المذكورة وحدها في قوله (تعالى):

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية