الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا ويزيد الله الذين اهتدوا بأن سلكوا طريق الهداية؛ وأزالوا كل غشاوة؛ ونفذوا إلى نور الحق؛ "هدى "؛ بأن يستمسكوا بالحق؛ ويهتدوا بهديه؛ والآيات التي تنزل تزيدهم إيمانا فوق إيمانهم؛ وكل سورة تنزل تزيد قوة في إيمانهم؛ كما قال (تعالى): وإذا ما أنـزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون

                                                          وإن الذين اهتدوا تشرب قلوبهم حب الإيمان؛ ويستمرئون الطاعة؛ فيسيرون في طريقها؛ ويصلون إلى الغاية؛ وما كان من أعمالهم فهو باق له أجره وثوابه؛ ويرد عليهم يوم القيامة؛ وإن كل خير يبقى؛ وكل شر يزول؛ فهو كالزبد يكون له مظهر الوجود؛ ولا يبقى؛ ولقد قال (تعالى): فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ؛ والأعمال الصالحة لهذا باقية; ولذا قال (تعالى): والباقيات الصالحات وهي ما تكون ثمرة للإيمان القوي المثمر؛ خير عند ربك ثوابا أي: خير جزاء وقبولا عند الله؛ أما غيرها من الأعمال التي لا تكون ثمرة للإيمان؛ فلا خير فيها؛ ولا تبقى؛ ولقد قال في مثل ما ينفق الكافرون: مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون [ ص: 4682 ] فالباقيات الصالحات من أهل الإيمان تكون خيرا جزاء من أعمال الكافرين؛ و "خير "؛ أفعل تفضيل؛ ولكنه ليس على بابه; لأن مقابله لا خير فيه قط؛ وقوله (تعالى): وخير مردا أي: خير ما يرد به المؤمن يوم القيامة؛ فهو يرجع عاريا من كل حلية؛ إلا حلية العمل الذي يكون به الثواب؛ ويكون لغيره العقاب؛ والخيرية في أفعل التفضيل ليست على بابها؛ إذ لا خير في غيرها؛ إذا كان أفعل التفضيل ليس على بابه؛ فالمراد به أنه بلغ من الخيرية أعلى درجاته؛ فلا خير يعلوه قط.

                                                          وإن منشأ الضلالة هو الغرور بهذه الحياة؛ والطمع؛ وقد صور - سبحانه وتعالى - هذا الغرور في قوله:

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية