الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإذا نوى المسافر الإفطار ثم قدم المصر قبل الزوال فنوى الصوم أجزأه ) لأن السفر لا ينافي أهلية الوجوب ولا صحة الشروع ( وإن كان في رمضان فعليه أن يصوم ) لزوال المرخص في وقت النية ; ألا ترى أنه لو كان مقيما في أول اليوم ثم سافر لا يباح له الفطر ترجيحا لجانب الإقامة فهذا أولى ، [ ص: 366 ] إلا أنه إذا أفطر في المسألتين لا تلزمه الكفارة لقيام شبهة المبيح .

التالي السابق


( قوله وإذا نوى المسافر الإفطار ) أي في غير رمضان بدليل قوله وإن كان في رمضان ، ثم نية الإفطار ليس بشرط ، بل إذا قدم قبل الزوال والأكل وجب عليه صوم ذلك اليوم بنية ينشئها .

( قوله ألا ترى إلخ ) يعني أن المرخص السفر ، فلما لم يتحقق في أول اليوم كان الخطاب متوجها عليه بتعين الصوم فلا يجوز له الفطر فيه بحدوث إنشائه . وقد يشكل عليه ما صح عنه عليه الصلاة والسلام مما قدمناه { أنه خرج من المدينة عام الفتح حتى إذا كان بكراع الغميم وهو صائم رفع إناء فشرب } اللهم إلا أن يدفع بتجويز كون خروجه كان قبل الفجر وفيه بعد ، وأيضا قولهم : ما لم يتحقق المرخص ، فالخطاب بالصوم عينا ممنوع ، لم لا يجوز أن يكون الخطاب بتعينه إن لم يحدث سفرا في أثناء اليوم فيجب الشروع قبله ، فإذا سافر في أثناء اليوم زال التعين لأنه كان بشرط عدمه ، وهذا البحث مذهب بعض الفقهاء حكاه بعض شارحي كتاب مسلم ، والجمهور على تعين صومه .

واعلم أن إباحة الفطر للمسافر إذا لم ينو الصوم ، فإذا نواه ليلا وأصبح من غير أن ينقض عزيمته قبل الفجر أصبح صائما فلا يحل فطره في ذلك اليوم ، لكن لو أفطر فيه لا كفارة عليه لأن السبب المبيح من حيث الصورة وهو السفر قائم فأورث شبهة وبها تندفع الكفارة . ويشكل عليه حديث كراع الغميم بناء على أن الصحيح أن فطره عنده ليس في اليوم الذي خرج فيه من المدينة لأنه مسافة بعيدة لا يصل إليها في يوم واحد ، بل معنى قول الراوي حتى إذا كان بكراع الغميم وهو [ ص: 366 ] صائم أنه كان صائما حين وصل إليه ، ولا شك أنه صوم يوم لم يكن في أوله مقيما غير أنه شرع في صوم الفرض وهو مسافر ثم أفطر . وتبين بهذا اندفاع الإشكال عن تعين الصوم في اليوم الذي أنشأ فيه السفر وتقريره على تعين صوم اليوم الذي شرع في صومه عن الفرض وهو مسافر . والحاصل أنه إن كان بلوغه كراع الغميم في اليوم الذي خرج فيه أشكل على الأول ، وإن كان فيما بعد أشكل على ما بعده ولا مخلص إلا بتجويز كونه عليه الصلاة والسلام علم من نفسه بلوغ الجهد المبيح لفطر المقيم ونحوه ممن تعين عليه الصوم وخشي الهلاك ، والله أعلم .

( قوله في المسألتين ) هما إذا أنشأ السفر بعد الصوم وإذا صام مسافرا ثم أقام




الخدمات العلمية