الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وليس على أهل مكة طواف القدوم ) لانعدام القدوم في حقهم . قال ( ثم يخرج إلى الصفا فيصعد عليه ويستقبل البيت ويكبر ويهلل . ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويرفع يديه ويدعو الله لحاجته ) لما روي { أن النبي عليه الصلاة والسلام صعد الصفا حتى إذا نظر إلى البيت قام مستقبل القبلة يدعو الله } ولأن الثناء والصلاة يقدمان على الدعاء تقريبا إلى الإجابة كما في غيره من الدعوات . والرفع سنة الدعاء . وإنما يصعد بقدر ما يصير البيت بمرأى منه ، لأن الاستقبال هو المقصود بالصعود ، ويخرج إلى الصفا من أي باب شاء . وإنما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من باب بني مخزوم ، وهو الذي يسمى باب الصفا لأنه كان أقرب الأبواب إلى الصفا لا أنه سنة .

التالي السابق


( قوله ثم يخرج إلى الصفا ) مقدما رجله اليسرى حال الخروج من المسجد قائلا " باسم الله والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك وأدخلني فيها . وأعذني من الشيطان " ( قوله : ويكبر ويهلل ) وفي الأصل قال " فيحمد الله ويثني عليه ، ويكبر ويهلل ويلبي . ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويدعو الله لحاجته " .

وقدمنا من حديث جابر الطويل قوله " فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير . لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ، ونصر عبده ، وأعز جنده . وهزم الأحزاب وحده " ثم دعا بين ذلك قال مثل ذلك ثلاث مرات .

[ ص: 459 ] ومن المأثور أن يقول : لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه ، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ، ويرفع يديه جاعلا باطنهما إلى السماء كما للدعاء ، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو .

وفي البدائع : الصعود على الصفا والمروة سنة فيكره تركه ولا شيء عليه ، ويقول في هبوطه " اللهم استعملني بسنة نبيك وتوفني على ملته ، وأعذني من مضلات الفتن برحمتك يا أرحم الراحمين " فإذا وصل إلى بطن الوادي بين الميلين الأخضرين قال " رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم ، إنك أنت الأعز الأكرم " يؤثر ذلك عن ابن عمر ويقول على المروة مثل ما قال على الصفا ، وأما أنه عليه الصلاة والسلام خرج من باب بني مخزوم فأسنده الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المسجد إلى الصفا من باب بني مخزوم } . وأسند أيضا عن جابر رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم ، إلى أن قال : ثم خرج من باب الصفا } وروى ابن أبي شيبة عن عطاء مرسلا { أنه عليه الصلاة والسلام خرج إلى الصفا من باب بني مخزوم } .

وأما عدد الأشواط ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما { قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة فطاف بالبيت سبعا ، وصلى خلف المقام ركعتين ، وطاف بين الصفا والمروة سبعا } هذا والأفضل للمفرد أن لا يسعى بين الصفا والمروة عقيب طواف القدوم ، بل يؤخر السعي إلى يوم النحر عقيب طواف الزيارة لأن السعي واجب ، فجعله تبعا للفرض أولى من جعله تبعا للسنة ، وإنما جاز بعد طواف القدوم رخصة بسبب كثرة ما على الحاج من الأعمال يوم النحر ، فإنه يرمي ، وقد يذبح ، ثم يحلق بمنى ، ثم يجيء إلى مكة فيطوف الطواف المفروض ، ثم يرجع إلى منى ليبيت بها ، فإذا لم يكن من غرضه أن يسعى بعد طواف القدوم أخذا بالأولى فلا يرمل فيه ، لأن الرمل إنما شرع في طواف بعده سعي ، ويرمل في طواف الزيارة على ما سنذكر .

هذا وشرط جواز السعي أن يكون بعد طواف أو أكثره ، ذكره في البدائع




الخدمات العلمية