الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وغسله بالماء أفضل ) لقوله تعالى فيه رجال يحبون أن يتطهروا نزلت في أقوام كانوا يتبعون الحجارة الماء ، ثم هو [ ص: 215 ] أدب .

وقيل هو سنة في زماننا ، ويستعمل الماء إلى أن يقع في غالب ظنه أنه قد طهر ، ولا يقدر بالمرات إلا إذا كان موسوسا فيقدر بالثلاث في حقه ، وقيل بالسبع ( ولو جاوزت النجاسة مخرجها لم يجز فيه إلا الماء ) وفي بعض النسخ : إلا المائع ، وهذا يحقق اختلاف الروايتين في تطهير العضو لغير الماء على ما بينا ، وهذا لأن المسح غير مزيل إلا أنه اكتفى به في موضع الاستنجاء فلا يتعداه ، ثم يعتبر المقدار المائع وراء موضع الاستنجاء عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله لسقوط اعتبار ذلك الموضع ، وعند محمد رحمه الله مع موضع [ ص: 216 ] الاستنجاء اعتبارا بسائر المواضع

التالي السابق


( قوله لقوله تعالى إلخ ) لا يطابق المدلول وهو أن الماء أفضل ما ذكر ، بل مقتضاه أن الجمع أفضل وهو لا يستلزم أفضلية الماء منفردا ، ثم هو حديث رواه البزار وقال : لا نعلم أحدا رواه عن الزهري إلا محمد بن عبد العزيز ، ولا نعلم أحدا روى عنه إلا ابنه ا هـ . وقال ابن أبي حاتم : سألت أبي عنه فقال : هم ثلاثة إخوة محمد بن عبد العزيز وعبد الله بن عبد العزيز وعمران بن عبد العزيز ، وهم ضعفاء في الحديث ليس لهم حديث مستقيم ، والذي يطابق المدلول حديث ابن ماجه عن طلحة بن نافع قال : أخبرني أبو أيوب وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك لما نزلت { فيه رجال يحبون أن يتطهروا } قال { صلى الله عليه وسلم : يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم في الطهور ، فما طهوركم ؟ قالوا : نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة ونستنجي بالماء ، قال : هو ذاكم فعليكموه } [ ص: 215 ] وسنده حسن ، وإن كان عتبة بن حكيم فيه مقال ضعفه النسائي ، وعن ابن معين فيه روايتان ، وقال أبو حاتم صالح الحديث ، وقال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به ، وأخرج الحاكم الحديث وصححه .

والحاصل أن الجمع أفضل ثم الماء ثم غيره .

( قوله وقيل هو ) أي استعمال الماء سنة في زماننا ، قاله الحسن البصري ، فقيل له إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يتركونه ، فقال : إنهم كانوا يبعرون بعرا وأنتم تثلطون ثلطا .

ورواه البيهقي في سننه عن علي رضي الله عنه قال : إن من كان قبلكم كانوا يبعرون بعرا وأنتم تثلطون ثلطا فأتبعوا الحجارة الماء ، هذا والنظر إلى ما تقدم أول الفصل من حديث أنس وعائشة رضي الله عنهما يفيد أن الاستنجاء بالماء سنة مؤكدة في كل زمان لإفادته المواظبة ، وإنما يستنجي بالماء إذا وجد مكانا يستر فيه نفسه ولو كان على شط نهر ليس فيه سترة لو استنجى بالماء قالوا يفسق ، وكثيرا ما يفعله عوام المصلين في الميضأة فضلا عن شاطئ النيل ( قوله موسوسا ) بكسر الواو لأنها حديث النفس فهو نفسه يتحدث وإذا فتح وجب وصله فيقال موسوسا إليه أي تلقى إليه الوسوسة وفيما نقل أيضا تقديره بعشر مرات أي صبات للماء وفي الخلاصة منهم من شرط الثلاث ومنهم من شرط السبع ومنهم من شرط العشرة ومنهم من وقت في الإحليل ثلاثا وفي المقعدة خمسا .

والصحيح أنه مفوض إلى رأيه فيغسل حتى يقع في قلبه أنه طهر ا هـ وكان المراد بالاشتراط الاشتراط في حصول السنة وإلا فترك الكل لا يضره عندهم ( قوله لسقوط اعتبار ذلك الموضع ) تقدم أن كون قدر الدرهم ليس مانعا مأخوذ من سقوط غسل أحد السبيلين ومعنى هذا ليس إلا أنه سقط شرعا بدليله فعرفنا ذلك الدليل أن قدره وهو [ ص: 216 ] الدرهم معفو عنه شرعا وإذا كان هو المعرف فسقوطه أيضا هو لأنه قدره فيلزم الغسل إذا زاد بالأصل غاية ما فيه أنه أول محل عرفنا ذلك وهو لا يقتضي أن يعتبر فيه درهم آخر معه وإلا لقيل في غيره أيضا مقدار الدرهم ساقط فيعتبر القدر المانع وراءه وهو باطل وإذا لم يسقط الزائد لا يجزئ فيه الحجر .

وفي الخلاصة وإن خرج القيح أو الدم من ذلك الموضع لا يكفيه الحجر هذا إذا كانت النجاسة التي على موضع الاستنجاء قدر الدرهم أو أقل فإن كانت أكثر عن أبي حنيفة يكفيه الحجر وعن محمد لا يكفيه وعن أبي يوسف روايتان .




الخدمات العلمية