الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
واختلفوا في حد التقادم ، وأشار في الجامع الصغير إلى ستة أشهر ، فإنه قال بعد حين ، وهكذا أشار الطحاوي ، وأبو حنيفة لم يقدر في ذلك وفوضه إلى رأي القاضي في كل عصر .

وعن محمد أنه قدره بشهر ; لأن ما دونه عاجل ، وهو رواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف وهو الأصح . وهذا إذا لم يكن بين القاضي وبينهم مسيرة شهر ، أما إذا كان تقبل شهادتهم ; لأن المانع بعدهم عن الإمام فلا تتحقق التهمة . والتقادم في حد الشرب كذلك [ ص: 283 ] عند محمد ، وعندهما يقدر بزوال الرائحة على ما يأتي في بابه إن شاء الله تعالى

التالي السابق


. ( قوله واختلفوا في حد التقادم ، وأشار محمد في الجامع الصغير إلى أنه ستة أشهر حيث قال شهدوا بعد حين ) وقد جعلوه عند عدم النية ستة أشهر على ما تقدم في الأيمان إذا حلف لا يكلمه حينا ، وأبو حنيفة لم يقدره . قال أبو يوسف : جهدنا بأبي حنيفة أن يقدره لنا فلم يفعل وفوضه إلى رأي القاضي في كل عصر ، فما يراه بعد مجانبة الهوى تفريطا تقادم ، وما لا يعد تفريطا غير تقادم ، وأحوال الشهود والناس والعرف تختلف في ذلك ، فإنما يوقف عليه بنظر نظر في كل واقعة فيها تأخير فنصب المقادير بالرأي متعذر ( وعن محمد أنه قدره بشهر لأن ما دونه عاجل ) على ما في مسألة الحلف ليقضين دينه عاجلا فقضاه فيما دون الشهر لا يحنث وبعده يحنث ( وهو رواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف وهو الأصح ) ومأخذ هذه الرواية مما في المجرد .

قال أبو حنيفة : لو سأل القاضي الشهود متى زنى بها فقالوا منذ أقل من شهر أقيم الحد ، وإن قالوا شهر أو أكثر درئ عنه . قال أبو العباس الناطفي : فقدره على هذه الرواية بشهر وهو قول أبي يوسف ومحمد ( وهذا ) أعني كون الشهر فصاعدا يمنع قبولها ( إذا لم يكن بينهم وبين القاضي مسيرة شهر ، أما إذا كان تقبل شهادتهم ) بعد الشهر ( لأن المانع بعدهم عن الإمام فلا تتحقق التهمة ) [ ص: 283 ] فقد نظر في هذا التقادم إلى تحقق التهمة فيه وعدمه ، وهو يخالف ما ذكره من قريب أنه بعد ما أنيط بالتقادم لا يراعى وجود التهمة في كل فرد ، إلا أن يقال : إذا كان المانع البعد أو المرض ونحوه من الموانع الحسية والمعنوية حتى تقادم لم يكن ذلك التقادم المناط به بل هو ما لم يكن معه هذه الموانع من الشهادة .

ويجاب بأن هذا رجوع في المعنى إلى اعتبار التقادم المناط به ما يلزمه أحد الأمرين من الفسق والتهمة ، ثم هذا التقادم المقدر بشهر بالاتفاق في غير شرب الخمر ، أما فيه فكذلك عند محمد ( وعندهما يقدر بزوال الرائحة ) فلو شهدوا عليه بالشرب بعدها لم تقبل عندهما ، وستأتي هذه المسألة إن شاء الله تعالى




الخدمات العلمية