الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ولا تكره الحيلة [ ص: 422 ] في إسقاط الشفعة عند أبي يوسف وتكره عند محمد ) لأن الشفعة إنما وجبت لدفع الضرر ، ولو أبحنا الحيلة ما دفعناه ولأبي يوسف أنه منع عن إثبات الحق فلا يعد ضررا ، وعلى هذا الخلاف الحيلة في إسقاط الزكاة

التالي السابق


( قوله ولا تكره الحيلة [ ص: 422 ] في إسقاط الشفعة عند أبي يوسف رحمه الله وتكره عند محمد رحمه الله ) قال في العناية أخذا من النهاية ومعراج الدراية : اعلم أن الحيلة في هذا الباب إما أن تكون للرفع بعد الوجوب أو لدفعه ; فالأول مثل أن يقول المشتري للشفيع أنا أوليها لك فلا حاجة لك في الأخذ فيقول نعم تسقط به الشفعة وهو مكروه بالإجماع والثاني مختلف فيه قال بعض المشايخ : غير مكروه عند أبي يوسف مكروه عند محمد وهو الذي ذكر في الكتاب ، وهذا القائل قاس فصل الشفعة على فصل الزكاة ومنهم من قال : لا تكره الحيلة لمنع وجوب الشفعة بلا خلاف ، وإنما الخلاف في فصل الزكاة انتهى أقول : في هذا التقرير شيء ، وهو أنه [ ص: 423 ] إما أن يراد بالإجماع والاختلاف في قوله ( وهو مكروه بالإجماع ، والثاني مختلف فيه ) إجماع المجتهدين واختلافهم في نفس المسألة أو إجماع المشايخ واختلافهم في الرواية .

وأيا ما كان لا يخلو التقرير المذكور عن اضطراب أما على الأول فلأن القطع بكون الثاني مختلفا فيه لا يكون تاما حينئذ ، لأن اختلاف الاجتهاد في الثاني إنما كان على قول بعض المشايخ من الرواة وأما على قول بعضهم فلا خلاف بين المجتهدين في عدم كراهة الحيلة في هذا الفصل وإنما الخلاف بينهم في فصل الزكاة كما ذكره وأما على الثاني كما هو المتبادر من قوله قال بعض المشايخ غير مكروه إلخ ، فلأن القطع بكون الأول مكروها لا يصح حينئذ لأن شمس الأئمة السرخسي روى عدم كراهة الاحتيال في باب الشفعة على كل حال حيث قال في باب الشفعة بالعروض من المبسوط بعد ما ذكر وجوه الحيل والاستعمال بهذه الحيل لإبطال حق الشفعة : لا بأس به ، أما قبل وجوب الشفعة فلا إشكال فيه ، وكذلك [ ص: 424 ] بعد الوجوب إذا لم يكن قصد المشتري الإضرار به وإنما قصده الدفع عن ملك نفسه ثم قال : وقيل هذا قول أبي يوسف وأما عند محمد فيكره ذلك على قياس اختلافهم في الاحتيال لإسقاط الاستبراء وللمنع من وجوب الزكاة انتهى قال الإمام قاضي خان في فتاواه ذكر محمد رحمة الله عليه في الأصل : الحيلة في إسقاط الشفعة ، ولم يذكر الكراهة قالوا : على قول أبي يوسف لا تكره ، وعلى قول محمد تكره وهذا بمنزلة الحيلة لمنع وجوب الزكاة ومنع الاستبراء على قول أبي يوسف لا تكره وقال بعض المشايخ : تكره الحيلة لإسقاط الشفعة بعد الوجوب لأنه احتيال لإبطال حق واجب ، وقبل الوجوب إن كان الجار فاسقا يتأذى منه فلا بأس به وقال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي : لا بأس بالاحتيال لإبطال حق الشفعة على كل حال أما قبل وجوب الشفعة [ ص: 425 ] فلا شك ; كما لو ترك اكتساب المال لمنع وجوب الزكاة ، وبعد وجوب الشفعة لا يكره الاحتيال أيضا لأنه احتيال لدفع الضرر عن نفسه لا لإضرار بالغير ، فظاهر ما ذكر في الكتاب دليل على هذا ، إلى هنا لفظ فتاوى قاضي خان




الخدمات العلمية