الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ولا يدفع إلى مكاتبه ومدبره وأم ولده ) لفقدان التمليك إذا كسب المملوك لسيده وله حق في كسب مكاتبه فلم يتم التمليك ( ولا إلى عبد قد أعتق بعضه ) عند أبي حنيفة رحمه الله لأنه بمنزلة المكاتب عنده وقالا : يدفع إليه لأنه حر مديون [ ص: 272 ] عندهما ( ولا يدفع إلى مملوك غني ) لأن الملك واقع لمولاه ( ولا إلى ولد غني إذا كان صغيرا ) لأنه يعد غنيا بيسار أبيه ، بخلاف ما إذا كان كبيرا فقيرا لأنه لا يعد غنيا بيسار أبيه وإن كانت نفقته عليه ، وبخلاف امرأة الغني لأنها إن كانت فقيرة لا تعد غنية بيسار زوجها ، وبقدر النفقة لا تصير موسرة .

التالي السابق


( قوله : وله حق في كسب مكاتبه ) ولذا لو تزوج بأمة مكاتبه لم يجز بمنزلة تزوجه بأمة نفسه .

( قوله لأنه حر مديون ) أما أن يكون لفظ أعتق بعضه مبنيا للفاعل أو للمفعول فعلى الأول لا يصلح التعليل لهما بأنه حر مديون ، إذ هو حر كله بلا دين عندهما ; لأن العتق لا يتجزأ عندهما فإعتاق بعضه إعتاق كله وعلى الثاني لا يصح تعليله عدم الإعطاء بأنه بمنزلة المكاتب عنده لأنه حينئذ مكاتب للغير ، وهو مصرف بالنص ، فلا يعرى عن الإشكال ويحتاج في دفعه إلى تخصيص المسألة . فإن قرئ بالبناء للفاعل فالمراد عبد مشترك بينه وبين ابنه أعتق هو نصيبه فعليه السعاية للابن فلا يجوز له الدفع إليه لأنه كمكاتب ابنه ، وكما لا يدفع لابنه لا يجوز الدفع لمكاتبه .

وعندهما يجوز لأنه حر مديون للابن . وإن قرئ بالبناء للمفعول فالمراد عبد مشترك بين أجنبيين أعتق أحدهما نصيبه فيستسعيه الساكت فلا يجوز للساكت الدفع إليه ، لأنه كمكاتب نفسه ، وعندهما يجوز لأنه مديونه وهو حر ، ويجوز أن يدفع الإنسان [ ص: 272 ] إلى مديونه أما لو اختار الساكت التضمين كان أجنبيا عن العبد فيجوز له أن يدفع إليه كمكاتب الغير .

( قوله ولا يدفع إلى مملوك غني ) فإن كان مأذونا مديونا بما يستغرق رقبته وكسبه جاز الدفع إليه عند أبي حنيفة خلافا لهما بناء على أن المولى لا يملك كسبه عنده فهو كالمكاتب ، وعندهما يملك ، ولا إلى مدبره وأم ولده ، بخلاف مكاتبه لأنه مصرف بالنص .

وفي الذخيرة : إذا كان العبد زمنا وليس في عيال مولاه ولا يجد شيئا أو كان مولاه غائبا يجوز ، روي ذلك عن أبي يوسف ا هـ . وفيه نظر لأنه لا ينتفي وقوع الملك لمولاه بهذا العارض وهو المانع ، وغاية ما في هذا الوجوب كفايته عن السيد وتأثيمه بتركه واستحباب الصدقة النافلة عليه ، وقد يجاب بأنه عند غيبة مولاه الغني وعدم قدرته على الكسب لا ينزل عن حال ابن السبيل .

( قوله ولا إلى ولد غني إذا كان صغيرا ) ولا فرق بين الذكر والأنثى ، وبين أن يكون في عيال الأب أو لا في الصحيح ، وفي الفتاوى : لو دفع الزكاة إلى ابنة غني يجوز في رواية عن أبي يوسف وهو قول أبي حنيفة ومحمد ، وكذا إذا دفع إلى فقير له ابن موسر .

وقال أبو يوسف إن كان في عيال الغني لا يجوز وإن لم يكن جاز ( قوله وإن كانت نفقته عليه ) بأن كان زمنا أو أعمى ونحوه بخلاف بنت الغني الكبيرة فإنها تستوجب النفقة على الأب ، وإن لم يكن بها هذه الأعذار وتصرف الزكاة إليها لما ذكر في الابن الكبير .

( قوله وبخلاف امرأة إلخ ) هذا ظاهر الرواية ، وسواء فرض لها النفقة أو لا . وعن أبي يوسف لا يجزئه لأنها مكفية بما توجبه على الغني فالصرف إليها كالصرف إلى ابن الغني . وجه الظاهر ما في الكتاب . والفرق أن استيجابها النفقة بمنزلة الأجرة ، بخلاف وجوب نفقة الولد الصغير ، لأنه مسبب عن الجزئية فكان كنفقة نفسه ، فالدفع إليه كالدفع إلى نفس الغني




الخدمات العلمية