الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم [12] فسر ابن عباس الإثم فيم هو؟ قال : أن تقول بعد أن تظن ، فإن أمسكت فلا إثم ، والبين في هذا أن الظن الذي هو إثم ، وهو حرام على فاعله ، أن يظن بالمسلم المستور شرا ، وأما الظن المندوب إليه فأن تظن به خيرا وجميلا ، كما قال جل وعز ( لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا ) قال ( ولا تجسسوا ) أي لا تبحث عن عيب أخيك بعد أن ستره الله جل وعز عنه . ( ولا يغتب بعضكم بعضا ) بين الله جل وعز الغيبة على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ، كما قرئ على أحمد بن شعيب عن علي بن حجر قال : حدثنا إسماعيل قال : حدثنا العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتدرون ما الغيبة؟ قالوا : الله جل وعز ورسوله أعلم قال : أن تذكر أخاك بما يكره قيل : أرأيت إن كان ذلك في أخي؟ قال : إن كان فيه فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته" فهذا حديث لا [ ص: 215 ] مطعن في سنده ثم جرت العلماء عليه ، فقال محمد بن سيرين : إن علمت أن أخاك يكره أن تقول ما أشد سواد شعره ، ثم قلته من ورائه فقد اغتبته . فقالت عائشة رضي الله عنها قلت بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم في امرأة ما أطول درعها فقال النبي صلى الله عليه وسلم "قد اغتبتها فاستحلي منها" وقال أبو نضرة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "الغيبة أشد من الزنا ، لأن الرجل يزني فيتوب فيتوب الله عليه والرجل يغتاب الرجل فيتوب فلا يتاب عليه حتى يستحله" . قال أبو جعفر : وفي الغيبة ما لا يقع فيه استحلال ، وهو أعظم ، كما روي أن رجلا قال لمحمد بن سيرين : إني قد اغتبتك فحللني فقال : إني لا أحل ما حرم الله تعالى . وروى عقيل عن ابن شهاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كلما كرهت أن تقوله لأخيك في وجهه ثم قلته من ورائه فقد اغتبته" ( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا ) هذا الأصل ثم من خفف قال : ميتا ( فكرهتموه ) قال الكسائي : المعنى فكرهتموه فينبغي أن تكرهوا الغيبة . وقال محمد بن يزيد : أي فكرهتم أن تأكلوه فحمل على المعنى مثل ( ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك ) .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية