الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إذ تستغيثون ربكم [9]

                                                                                                                                                                                                                                        لقلتكم في العدد، أي اذكر فاستجاب لكم أني في موضع نصب، أي [ ص: 178 ] بأني. وقرأ عيسى بن عمر (إني) بمعنى: (قال إني) وروي عن عاصم (أني ممدكم بألف من الملائكة) كما تقول: فلس وأفلس.

                                                                                                                                                                                                                                        (مردفين) قراءة أبي جعفر وشيبة ونافع ، وقرأ أبو عمرو وابن كثير وعاصم والأعمش والكسائي وحمزة (مردفين) بكسر الدال.

                                                                                                                                                                                                                                        قال سيبويه : وقرأ بعضهم (مردفين) بفتح الراء وتشديد الدال، وبعضهم (مردفين) بكسر الراء، وبعضهم (مردفين) بضم الراء، والدال مكسورة في القراءات الثلاث.

                                                                                                                                                                                                                                        (مردفين) بفتح الدال فيها تقديران:

                                                                                                                                                                                                                                        يكون في موضع نصب على الحال من (كم) في (ممدكم) أي: أردف بهم المؤمنين، وهذا مذهب مجاهد ، قال مجاهد : أي ممدين.

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : ويجوز أن يكون (مردفين) في موضع خفض، نعتا للألف.

                                                                                                                                                                                                                                        و(مردفين) بكسر الدال، قال أبو عمرو فيه: أي أردف بعضهم بعضا، ورد أبو عبيد على أبي عمرو هذا القول، وأنكر كسر الدال، واحتج أن معنى (أردف فلان فلانا) جعله خلفه، قال: ولا نعلم هذا في صفة الملائكة يوم بدر، وأنكر أن يكون (أردف) بمعنى ردف، قال: لقول الله - جل وعز -: تتبعها الرادفة ولم يقل: (المردفة).

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : لا يلزم أبا عمرو هذا الرد، ولا تتأول قوله على ما تأوله أبو عبيد ، ولكن المعنى في (مردفين) قد تقدم بعضهم بعضا، يقال: ردفته وأردفته بمعنى تبعته وأتبعته، ولو كان كما قال أبو عبيد لكان معنى (مردفين) بفتح الدال (مردفين) خلفكم، وإنما معنى (مردفين) في آثاركم، أي اتبع بعضهم بعضا، وهذا أقوى من قول من قال مردف بهم [ ص: 179 ] المسلمون؛ لأن ظاهر القرآن على خلافه، والقراءة بـ مردفين أولى؛ لأن أهل التأويل على هذه القراءة يفسرون، أي: أردف بعضهم بعضا.

                                                                                                                                                                                                                                        وأما (مردفين) فتقديره عند سيبويه : مرتدفين، ثم أدغم التاء في الدال فألقى حركتها على الراء؛ لئلا يلتقي ساكنان.

                                                                                                                                                                                                                                        ومن قال: (مردفين) كسر الراء لالتقاء الساكنين.

                                                                                                                                                                                                                                        ومن قال: (مردفين) بضم الراء؛ لأن قبلها ضمة، كما تقول: رد يا هذا.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية