الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ؛ يقال : هو صداق المرأة؛ وصدقة المرأة؛ وصدقة المرأة.

                                                                                                                                                                                                                                        و " صداق المرأة " ؛ مفتوح أولها؛ والذي في القرآن جمع " صدقة " ؛ ومن قال : " صدقة " ؛ قال : " صدقاتهن " ؛ كما يقول : " غرفة " ؛ و " غرفات " ؛ ويجوز " صدقاتهن " ؛ و " صدقاتهن " ؛ بضم الصاد؛ وفتح [ ص: 12 ] الدال؛ ويجوز " صدقاتهن " ؛ ولا تقرأن من هذا إلا ما قد قرئ به؛ لأن القراءة سنة لا ينبغي أن يقرأ فيها بكل ما يجيزه النحويون؛ وإن تتبع فالذي روي من المشهور في القراءة أجود عند النحويين؛ فيجتمع في القراءة - بما قد روي - الاتباع وإثبات ما هو أقوى في الحجة؛ إن شاء الله.

                                                                                                                                                                                                                                        ومعنى قوله : نحلة ؛ فيه غير قول؛ قال بعضهم : " فريضة " ؛ وقال بعضهم : " ديانة " ؛ تقول : " فلان ينتحل كذا وكذا " ؛ أي : يدين به؛ وقال بعضهم : هي نحلة من الله لهن أن جعل على الرجال الصداق؛ ولم يجعل على المرأة شيئا من الغرم؛ فتلك نحلة من الله للنساء؛ يقال : " نحلت الرجل والمرأة - إذا وهبت له - نحلة؛ ونحلا " ؛ ويقال : " قد نحل جسم فلان؛ ونحل " ؛ إذا دق؛ و " النحل " : جائز أن تكون سميت " نحلا " ؛ لأن الله - جل ثناؤه - " نحل الناس العسل الذي يخرج من بطونها.

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - جل وعز - : فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا ؛ أي : عن شيء من الصداق؛ و " لكم " ؛ خطاب للأزواج؛ وقال بعضهم : للأولياء ههنا؛ و " نفسا " ؛ منصوب على التمييز؛ لأنه إذا قال : " طبن لكم " ؛ لم يعلم في أي صنف وقع الطيب؛ المعنى : فإن طابت أنفسهن بذلك؛ وقد شرحناه قبل هذا المكان شرحا وافيا.

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : فكلوه هنيئا مريئا ؛ يقال : " هنأني الطعام ومرأني " ؛ وقال بعضهم : يقال مع " هنأني " : " مرأني " ؛ فإذا لم تذكر " هنأني " ؛ قلت : " أمرأني " ؛ بالألف؛ وهذا حقيقته أن " مرأني " ؛ تبينت أنه [ ص: 13 ] سينهضم؛ وأحمد مغبته؛ فإذا قلت : " أمرأني الطعام " ؛ فتأويله أنه قد انهضم؛ وحمدت مغبته.

                                                                                                                                                                                                                                        فإن قال قائل : إنما قيل : فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا ؛ فكيف يجوز أن يقبل الرجل المهر كله؛ وإنما قيل له : " منه " ؟ فالجواب في ذلك أن " منه " ؛ ههنا للجنس؛ لما قال - عز وجل - : فاجتنبوا الرجس من الأوثان ؛ فلم نؤمر أن نجتنب بعض الأوثان؛ ولكن المعنى : اجتنبوا الرجس الذي هو وثن؛ أي : فكلوا الشيء الذي هو مهر.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية