الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 70 ] ولا تسقط زكاة حرث ومعدن وماشية : بدين ، أو فقد ، أو أسر ، وإن ساوى ما بيده ، إلا زكاة فطر عن عبد عليه مثله ، بخلاف العين ، ولو دين زكاة ، [ ص: 71 ] أو مؤجلا ، أو كمهر أو نفقة زوجة مطلقا ، أو ولد إن حكم بها .

التالي السابق


( ولا تسقط زكاة حرث ) أي محروث من حب وثمر ( ومعدن ) ذهب أو فضة ( وماشية ) أي : نعم ( بدين ) على مالكها مستغرق لها ( أو فقد ) أي غيبة المالك وانقطاع خبره ( أو أسر ) للمالك من حربي لحمله على الحياة . وكذا زكاة فطره إن خالف الدين ما بيده من حرث إلخ بل ( وإن ساوى ) الدين ( ما بيده ) أي المالك من ذلك بأن كان عليه خمسة أوسق من قمح وخرج له مثلها أو عليه خمسة جمال وله مثلها ، أو عليه عشرة وبيده خمسة .

( إلا زكاة فطر عن عبد ) و ( عليه ) أي المالك ( مثله ) أي : العبد فتسقط عنه حيث لم يكن له ما يقابله فيها من له رق وعليه رق مثله في الصفة فلا يزكي عنه الفطر إن لم يكن له مال . أبو الحسن ظاهرها ليس له ما يقابل به الدين ، وإن كان له ما يخرجه زكاة فطر . عبد الحق فيه نظر ; لأن العبد الذي في يده ليس كالعين المستحقة ; لأن الذي عليه في ذمته ، ولو هلك ما بيده لطولب بما عليه فوجب كون زكاة فطره عليه إن ملكها وإلا فلا شيء عليه ; لأنه إن باعه أدى زكاة الفطر من ثمنه فالدين أولى به . وقد قال ابن القاسم الذي جنى عبده ومضى عليه يوم الفطر قبل أن يسلمه عليه زكاة فطره مع كون عين العبد كالمستحقة لتعلق الجناية به لا بالذمة . فإذا كان هذا العبد الذي كالمستحق عليه زكاة فطره فكيف هذا الذي هو غير مستحق . ولو هلك لبقي الدين في ذمته فلعل ابن القاسم أراد أن يقوله إن لم يكن له مال أنه ليس له ما يؤدي منه زكاة الفطر ا هـ .

( بخلاف ) زكاة ( العين ) أي : الذهب والفضة ومنها قيمة عرض المدير فيسقطها الدين والفقد والأسر إن لم يكن دين زكاة بل ( ولو ) كان الدين ( دين زكاة ) ترتبت في ذمته ، وشمل زكاة الفطر والعين وعرض التجارة والماشية والحرث إن كان حالا بل [ ص: 71 ] أو ) كان الدين الذي عليه ( مؤجلا ) ويعتبر عدده ; لأنه يئول للحلول بمضي الزمن أو الموت أو الفلس إن كان غير مهر بل ( أو ) كان ( كمهر ) لزوجته ولو مؤجلا ، هذا قول الإمام مالك " رضي الله عنه " وابن القاسم وهو المشهور . وقال ابن حبيب تسقط الزكاة بكل دين إلا مهور النساء إذ ليس شأنهن القيام به إلا في موت أو فراق ، وأدخلت الكاف دين الوالدين والصديق .

( أو ) كان الدين ( نفقة زوجة ) ترتبت عليه وهو موسر حال كونه ( مطلقا ) عن التقييد بالحكم بها ; لأنها في نظير الاستمتاع ( أو ) نفقة ( ولد إن حكم بها ) متجمدة عن ماض من غير مالكي . ومعنى الحكم الفرض أي : إن فرضها وقدرها حاكم فتصير كالدين في اللزوم وعدم السقوط بمضي الزمن ، فلا يقال : الماضية سقطت بمضي زمنها والمستقبلة لا يحكم بها إذ الحكم ، سواء كان على ظاهره أو بمعنى التقدير صيرها كالدين في اللزوم ، وسواء تقدم للولد يسر أم لا باتفاق . فإن لم يحكم بها فقال ابن القاسم لا تسقط . وقال أشهب تسقط .




الخدمات العلمية