الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 127 ] وصحته مطلقا بنية مبيتة أو مع الفجر [ ص: 128 ] وكفت نية لما يجب تتابعه لا مسرود ويوم معين ، ورويت على الاكتفاء فيهما ، لا إن انقطع تتابعه : بكمرض ، أو سفر

التالي السابق


( وصحته ) أي : الصوم ( مطلقا ) عن تقييده بكونه فرضا مشروطة ( بنية ) أي قصد الصوم ولو لم يستحضر كونه قربة لله تعالى ويحتاج الفرض لنيته ، فإن نوى الصوم وشك هل نواه نفلا أو قضاء أو وفاء نذر انعقد تطوعا ، وإن شك في الأخيرين لم يجز عن واحد منهما ، ووجب إتمامه لانعقاده نفلا في الظاهر ( مبيتة ) بضم الميم وفتح الموحدة والمثناة تحت مشددة ليلا بين غروب الشمس وطلوع الفجر ، ولا يضر الأكل والشرب والوطء والنوم بعدها ، ويبطلها الإغماء والجنون والسكر بعدها فإن استمر الفجر فلا يصح الصوم ، وإن زال قبله وجددت النية قبله صح الصوم وإلا فلا : يصح وعاشوراء كغيره على المشهور .

ابن بشير لا خلاف عندنا أن الصوم لا يجزئ إلا إن تقدمت النية على سائر أجزائه فإن طلع الفجر ولم ينو لم يجزه في سائر أنواع الصوم إلا يوم عاشوراء ففيه قولان المشهور من المذهب أنه كالأول لعموم قوله صلى الله عليه وسلم { لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل } ، والشاذ اختصاص يوم عاشوراء بصحة صومه إن وقعت نيته في النهار ، ولا خلاف عندنا أن محل النية الليل ومتى عقدها فيه أجزاه ولا يشترط مقارنتها للفجر بخلاف الصلاة والطهارة والحج فلا بد من مقارنتها أو تقدمها بيسير ا هـ .

وسواء نوى قبل الفجر ( أو مع ) طلوع ( الفجر ) إن اتفق ذلك فلا تجزئ قبل الغروب عند الكافة ولا بعد الفجر ; لأنها القصد وقصد الماضي محال ، هذا قول عبد الوهاب وصوبه اللخمي وابن رشد . وروى ابن عبد الحكم لا تجزئ مع الفجر ورد ابن عرفة الأول بأن النية تتقدم المنوي ; لأنها قصدها وهو متقدم على المقصود وإلا كان غير منوي . وأجيب بأن هذه أمور جعلية ، وقد اكتفى الشارع بالمقارنة في الصلاة فإن تكبيرة [ ص: 128 ] الإحرام ركن منها والنية مقارنة لها . وكلام ابن بشير وابن الحاجب والقرافي يفيد أن الأصل كونها مقارنة للفجر ورخص تقدمها عليه للمشقة في مقارنتها له .

( وكفت نية ) واحدة ( لها ) أي صوم ( يجب تتابعه ) كرمضان وكفارة فطره وقتل وظهار ونذر متتابع كنذر صوم شهر معين بناء على أنه كعبادة واحدة من حيث ارتباط بعضه ببعض ، وعدم جواز تفريقه ، وإن كان لا يعطل جميعه ببطلان بعضه كالحج هذا هو المشهور . وقال ابن عبد الحكم تجب النية في كل ليلة في واجب التتابع بناء على أنه كعبادات من حيث عدم فساد جميعه بفساد بعضه ( لا ) تكفي نية واحدة ل ( صوم مسرود ) أي : متتابع بلا وجوب ، كصيام الدهر أو عام أو شهر أو أسبوع تطوعا بلا نذر ( ويوم ) مكرر ( معين ) بضم الميم وفتح العين والمثناة مشددة ككل خميس واثنين ولو عينه بالنذر ، وكل ما لا يجب تتابعه كقضاء رمضان وكفارة يمين وفدية وهدي وجزاء وصيام رمضان بسفر أو مرض فلا بد من تجديد النية كل ليلة .

( ورويت ) بضم فكسر أي : المدونة ( على الاكتفاء ) بنية واحدة ( فيهما ) أي المسرود واليوم المعين بالنذر وهي ضعيفة ، حتى قال الحط لم أقف على من رواها بالاكتفاء فيهما وتكفي نية الواجب التتابع إن استمر تتابعه ( لا إن انقطع تتابعه ) أي : وجوبه ( بكمرض أو سفر ) فلا تكفي النية الأولى ، ولو استمر صائما فلا بد من تبييتها كل ليلة ، هذا هو المعتمد كما في العتبية . وفي المبسوط إن استمر المريض أو المسافر صائما فلا يحتاج إلى تجديد نية . ومن أفسد صومه عامدا فهل يحتاج لتجديد نية أو لا ؟ والظاهر الأول قاله الحط . ومن بيت الفطر ولو ناسيا يجدد النية لا من أفطر نهارا [ ص: 129 ] ناسيا ، ومن أفطر مكرها كمن أفطر ناسيا عند اللخمي وكمن أفطر لمرض عند ابن يونس ، وأدخلت الكاف الحيض والنفاس والجنون والإغماء والسكر فتقطع النية وتجدد بعد زوالها لما بقي .




الخدمات العلمية