الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 482 - 483 ] وصح إنابة بلفظ إن أسلم ، ولو لم يصل أو نوى عن نفسه ، أو بعادة : كقريب ، وإلا فتردد ; [ ص: 484 ] لا إن غلط ، فلا تجزئ عن واحد منهما .

التالي السابق


( وصح إنابة ) على تذكية الضحية ( بلفظ ) كاتبتك أو وكلتك على تذكيتها ويقبل الآخر وتكره لغير ضرورة كالهدي والفدية والعقيقة ( إن أسلم ) النائب ( ولو لم يصل ) بضم ففتح بناء على عدم كفر تارك الصلاة وتكره استنابته وتستحب إعادة التضحية فإن كان كافرا لم تجز ضحية اتفاقا في المجوسي وعلى المشهور في الكتابي ; لأنها قربة ويضمن إن غر بإسلامه ويعاقب ، وإن كان مجوسيا فلا تؤكل ، وإن كان كتابيا جرى فيه القولان المتقدمان .

( أو نوى ) النائب تضحيتها ( عن نفسه ) عمدا وأولى غلطا وتجزئ عن ربها ، قيل لا تجزئ المالك وتجزئ النائب ويضمن له قيمتها كمن تعدى على أضحية شخص فذبحها عن نفسه . وقيل لا تجزئ عن واحد منهما . وعطف على بلفظ فقال ( أو بعادة كقريب ) بإضافة عادة للكاف التي بمعنى مثل والمراد بمثل القريب الصديق الملاطف ( وإلا ) أي وإن لم يكن قريبا عادته التصرف للمضحي بأن كان قريبا لا عادة له أو أجنبيا له عادة ( فتردد ) في صحة كونها ضحية عن مالكها وعدمها ، وأما أجنبي لا عادة له فلا تجزئ تضحيته قطعا فلا يدخل في التردد وهو ظاهر معنى إذ وجه الصحة في القريب النظر لقرابته وفي الأجنبي المعتاد النظر لعادته ، ولا وجه لها في الأجنبي الذي لا عادة له ويخير ربها بين أن يغرمه قيمتها حية ويتركها له وأخذها وأرش نقصها بالذبح ويفعل بها ما يشاء ا هـ عب .

البناني قوله وإلا فتردد أي طريقتان إحداهما تحكي الاتفاق على الإجزاء في القريب والخلاف في غيره وهو مقتضى كلام ابن بشير ، والأخرى تحكي الاتفاق على عدم الإجزاء في غير القريب والخلاف في القريب ، ونقلها ابن عرفة عن اللخمي وغيره خلاف ما نقله [ ص: 484 ] عنه في التوضيح وتت . وذكر في التوضيح في الاستنابة بالعادة طريقتين أخريين إحداهما أن الخلاف في القريب وغيره وهي التي عزاها للخمي والأخرى للباجي أنه لا خلاف في المسألة لا في القريب ولا في غيره ، وأن مناط الحكم في القريب وغيره القيام بجميع أموره فمن كان قائما بجميع الأمور أجزأ ذبحه قريبا كان أو لا ، ومن لم يكن قائما بجميع الأمور لم يجز ذبحه مطلقا قريبا أو لا والمصنف إنما أشار بالتردد إلى الطريقتين الأوليين ولا يصح أن يكون أشار به إلى جميع الطرق الأربع لجزمه بالإجزاء في القريب ، فلو أراد الإشارة به إلى الجميع لحكى التردد في الاستنابة بالعادة مطلقا من غير تقييد بغير القريب والله أعلم .

( لا إن غلط ) الذابح بأن ذبح أضحية غيره معتقدا أنها ضحيته من غير وكالة من ربها له على ذبحها فمراده بالغلط الخطأ في الفعل كما عبر به ابن محرز لا المتعلق باللسان لصحتها فيما يظهر لقوله وإن تخالفا فالعقد ( فلا تجزئ ) الضحية ( عن واحد منهما ) أي مالكها لعدم النية إن لم يأخذ قيمتها ، والذابح إن أخذها أو قيمتها المالك لعدم ملكها قبل الذبح فإن ذبحها غير مالكها عن نفسه عمدا فقال ابن محرز عن ابن حبيب عن أصبغ أجزأته وضمن لربها قيمتها ا هـ عب .

البناني قوله لا إن غلط ينبغي على التقرير المتقدم عوض لا إن غلط لا إن فقد أثم إن أخذ المالك قيمتها فقال ابن القاسم في سماع عيسى : ليس للذابح في اللحم إلا الأكل أو الصدقة ; لأنه ذبحها على وجه الضحية ، وإن أخذ المالك اللحم فقال ابن رشد يتصرف فيه [ ص: 485 ] كيف يشاء ; لأنه لم يذبحها هو على التضحية .




الخدمات العلمية