الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 361 ] والكافرة ، إلا الحرة الكتابية بكره ، وتأكد بدار الحرب ، ولو يهودية تنصرت ، وبالعكس ، [ ص: 362 ] وأمتهم بالملك ، وقرر عليها إن أسلم

التالي السابق


( و ) حرم ( الكافرة ) أي وطؤها بملك أو نكاح بدليل قوله وأمتهم بالملك ( إلا الحرة الكتابية ) فيجوز تزوجها ( بكره ) بضم فسكون أي كراهة عند الإمام مالك رضي الله تعالى عنه لمسلم حر أو عبد قاله في الرسالة والجلاب لأنها تتغذى بالخنزير والخمر ، وتغذى ولدها به ويقبلها ويضاجعها ، وليس له منعها منهما لدخوله عليهما وخوفا من موتها حاملا منه فتدفن في مقبرتهم وهي حفرة من النار ولأنه سكون إلى الكوافر ومودة لهن لقوله تعالى { وجعل بينكم مودة ورحمة } وذلك ممنوع لقوله تعالى { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله } الآية ، وأجازه ابن القاسم بلا كراهة لقوله تعالى { والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } ، أي الحرائر وليس له منعها من التغذي بالخنزير وشرب الخمر ولا من نحو الكنيسة على الأصح ، ولا من صلاتها وصومها ، ولا يطأها صائمة إن كان ممنوعا في دينها لإقرارها عليه وإن كان باطلا .

( وتأكد ) بفتحات مثقلا أي اشتد وتقوى الكره في تزويجها ( بدار الحرب ) أي الكفر على كره تزوجها ببلد الإسلام لتقويها بأهل دينها فيخشى تربيتها ولدها على دينها وعدم مبالاتها باطلاع أبيه على ذلك ، هذا إن كانت الكتابية على دينها الأصلي بل ( ولو ) كانت ( يهودية تنصرت ) أي ارتدت عن دين اليهودية إلى دين النصرانية سواء أظهرت ذلك أو أخفته ( وبالعكس ) أي نصرانية تهودت ، ومفهومه أن الصابئية إن ارتدت إلى الدهرية أو المجوسية تحرم وهو كذلك قولا واحدا والظاهر أن المجوسية أو الدهرية إذا تهودت أو تنصرت تحل . [ ص: 362 ]

( و ) إلا ( أمتهم ) فهو بالنصب عطف على الحرة أي الأمة الكتابية فيجوز وطؤها ( بالملك ) وظاهره بلا كراهة ، ومفهوم بالملك منعه بالنكاح وهو كذلك فلا تحل لمسلم ولو عبدا وهي مملوكة لمسلم لتأديته لإرقاق ولدها المسلم للكافر الذي ملكها ، أو يملكها لجواز بيعها لكافر على دينها .

( وقرر ) بضم فكسر مثقلا أي أبقي وأديم الزوج الكافر ( على ) نكاح ( ها ) أي الحرة الكتابية ( إن أسلم ) الزوج وهو متزوج بها وإن كان فاسدا ترغيبا له في الإسلام ، وهل مع الكراهة كالابتداء ، وعليه ابن عبد السلام أو لا بناء على أن الدوام ليس كالابتداء وعليه البرزلي تردد ، وشرط إقراره عليها عدم المانع الآتي في قوله إلا المحرم وحصول ما يعتقدونه نكاحا بينهما قبل إسلامه .




الخدمات العلمية