الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
، وإن ادعى : الخلع ، أو قدرا ، أو جنسا : حلفت وبانت ، [ ص: 33 ] والقول قوله إن اختلفا في العدد : كدعواه موت عبد ، أو عيبه قبله . [ ص: 34 ] وإن ثبت بعده ، فلا عهدة .

التالي السابق


( وإن ) اتفقا على وقوع الطلاق و ( ادعى ) الزوج ( قدرا ) من نحو الدراهم وادعت الزوجة قدرا دونه ( أو ) اتفقا عليه وادعى الزوج ( جنسا ) من المال كنقد وادعت الزوجة جنسا غيره كعوض ( حلفت ) الزوجة في المسائل الثلاث بالله على نفي دعواه وتحقيق دعواها ( وبانت ) من زوجها ولا تدفع له شيئا في الأولى نظرا لإقراره ، وتدفع [ ص: 33 ] له ما ادعت في الأخيرتين ، فإن نكلت حلف وأخذ ما ادعى في المسائل الثلاث ، فإن نكل أيضا فلا شيء له في الأولى وله ما قالت في الأخيرتين .

( والقول قوله ) أي الزوج ( إذا ) اتفقا على وقوع الطلاق بعوض أو لا و ( اختلفا ) أي الزوجان ( في العدد ) للطلاق بيمين ، هذا هو المنقول . وقال شيخنا بغير يمين ووجهه أن ما زاد على واحدة هي تدعيه وكل دعوى لا تثبت إلا بعد بيان فلا يمين بمجردها ، وعلى الأول إن نكل يحبس ، فإن طال حبسه فيطلق ، ولا تحلف لإثبات ما ادعت ; لأن الطلاق لا يثبت بالنكول والحلف ، وبانت منه باتفاقهما على الخلع ، وإلا فهو رجعي .

البناني أصل هذا لابن شاس ونقله الحط ولم أجده لابن عرفة ولا لغيره بعد البحث عنه ، مع أنه معارض بما لابن القاسم في رسم " جاع فباع امرأته من سماع عيسى من النكاح الثالث " ، وأقره ابن رشد أن المرأة إذا أقرت بالثلاث وهي بائن فلا تحل لمطلقها إلا بعد زوج ، فإن تزوجته قبل زوج فرق بينهما . ابن رشد فلو ادعت ذلك وهي في عصمته ، ثم أبانها فأرادت أن تتزوجه قبل زوج وقالت كنت كاذبة وأردت الراحة منه صدقت في ذلك ، ولا تمنع من تزوجه ما لم تذكر ذلك بعد أن بانت منه ، ونقله ابن سلمون وصاحب الفائق وغيرهما . وأجيب بأن فائدة كون القول قوله على ما لابن شاس تظهر إذا تزوجها بعد زوج فتكون معه على طلقتين بقيتا له فقط اعتبارا بقوله الأول لبقاء العصمة الأولى على قوله وبه يجمع بين النقلين ولا يخفى بعده والله أعلم .

وشبه في أن القول قوله فقال ( كدعواه ) أي الزوج ( موت عبد ) غائب غير آبق مخالع به مات فادعى الزوج موته قبل الخلع وادعت الزوجة موته بعده فالقول قوله ( أو ) لم يمت العبد وادعى الزوج ( عيبه ) أي العبد ( قبله ) أي الخلع فنازعه موت وعيب وادعت أن عيبه بعده فالقول له ; لأن الأصل عدم انتقال الضمان إليه وبقاؤه عليها فهي [ ص: 34 ] المدعية ، فعليها البيان والظاهر أنه يحلف فيهما .

( وإن ثبت موته ) أي العبد الغائب المخالع به ( بعده ) أي الخلع ( فلا عهدة ) أي ضمان عليها ومصيبته منه ، بخلاف المبيع غائبا على الرؤية السابقة التي لا يتغير بعدها أو الصفة ، أو شرط الخيار يموت بعد البيع ، فعهدته وضمانه ومصيبته من بائعه ، فالمراد بالعهدة ضمان ما يطرأ على الغائب قبل قبضه قاله الناصر ، وهو ظاهر . وأما الآبق المخالع به فعهدته وضمانه على الزوج ومصيبته منه ولو تبين موته قبل الخلع به إلا أن يثبت أنها كانت عالمة به قبله فيرجع عليها بقيمته آبقا وبانت منه ، والله أعلم .




الخدمات العلمية