الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 108 ] وفي إلغاء ما زاد على الثلاث واعتباره : قولان

التالي السابق


( وفي إلغاء ) بغين معجمة أي عدم اعتبار ( ما زاد على الثلاث ) من عدد الطلاق فلا يستثنى منه لأنه معدوم شرعا وهو كالمعدوم حسا ( واعتباره ) أي ما زاد على الثلاث فيستثنى منه لوجوده لفظا وإن كان معدوما شرعا ، ورجع سحنون إلى هذا واستظهره ابن رشد . المصنف وهو الأقرب . ابن عبد السلام وأرجح في النظر ( قولان ) لسحنون فإذا قال أنت طالق خمسا إلا اثنتين فتلزمه واحدة على الأول و ثلاث على الثاني وهو الراجح والاحتياط للفروج . وإن قال مائة إلا تسعة وتسعين فتلزمه ثلاث على الأول وهو الأحوط وواحدة على الثاني . ابن عرفة لو استثنى من أكثر من ثلاث ففي إجرائه على ظاهره ما لم يعارضه عرف فيجب ، وقصره على ثلاث للغو الزائد عليها شرعا وكذا في المستثنى .

ثالث الطرق لغوه في المستثنى منه ما لم يكن المستثنى أقل من ثلاث لابن رشد وسحنون والمازري في نازلة لسحنون في أنت طالق أربعا إلا ثلاثا ثلاث كأنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا لأنه يعد نادما . وكذا طالق مائة إلا تسعة وتسعين هي البتة لأن الثلاث دخلت في العدة التي استثنى . ابن رشد طالق أربعا إلا ثلاثا استثناء لأكثر الجملة قيل يمنعه والصحيح جوازه ، وعليه في قوله أربعا إلا ثلاثا تلزم واحدة ويحتمل أن يلزم عليه ثلاث لأن استثناءه الأكثر وإن جاز لغة فليس بمستعمل عرفا وإذا لم يستعمل عرفا حمل قائله على عدم إرادته ، بل على الندم وعلى منع استثناء الأكثر تلزمه الثلاث ، هذا إجراء المسألة على الأصول ولم يقله سحنون ، ونحا لجعل الزائد على الثلاث كالعدم للغوه شرعا ، وهو بين من قوله لأن الثلاث دخلت في العدة التي استثنى ، فعلى قوله لو قال طالق مائة إلا طلقة كانت اثنتين لأن الطلقة المستثناة على مذهبه إنما تقع مستثناة من الثلاث إذ قوله مائة عنده كقوله ثلاث والأظهر على مذهب ابن القاسم وغيره أن تكون ثلاثا وتجعل الطلقة التي استثنى مستثناة من المائة فتبقى تسعة وتسعون يلزم منها ثلاث . [ ص: 109 ] المازري من قال أنت طالق أربعا إلا ثلاثا لزمه ثلاث لأن الرابعة كالعدم للغوها شرعا ، فصار كالقائل ثلاثا إلا ثلاثا .

ولو قال مائة إلا طلقتين لزمه ثلاث ، وقد يتصور على ما قلناه أنه لا يلزمه إلا طلقة كالقائل ثلاثا إلا اثنتين ، لكن هذا لما أبقى بعد استثنائه ثلاثا أخذ بها . ولو قال ستا إلا ثلاثا لزمه ثلاث على الطريقين معا إن اعتبر ما أبقى فقد أبقى ثلاثا ، وإن روعي كون الست كالثلاث صار كقوله ثلاثا إلا ثلاثا .




الخدمات العلمية