الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 501 ] وسلعة بدينار ، إلا درهمين ، إن تأجل الجميع ، أو السلعة ، أو أحد النقدين ، بخلاف تأجيلهما [ ص: 502 ] أو تعجيل الجميع : كدراهم من دنانير بالمقاصة ، ولم يفضل شيء . [ ص: 503 ] وفي الدرهمين كذلك ، وفي أكثر : كالبيع والصرف

التالي السابق


( و ) حرم ( سلعة ) أي بيعها ( بدينار إلا درهمين ) فدون لا أكثر منهما فيمنع مع تعجيل السلعة أيضا ; لأن الصرف مراعى حينئذ ، وإنما يجوز مع تعجيل الجميع ومحل الحرمة ( إن تأجل ) بفتحات مثقلا أي تأخر عن العقد ( الجميع ) أي الدينار من المشتري والسلعة والدرهمان من البائع ( أو ) تعجل الدينار والدرهمان وتأجلت ( السلعة ) ; لأنه بيع وصرف تأخر عوضاه في الأولى وبعضهما في الثانية وتأجيل بعض السلعة كتأجيلها كلها إلا بقدر خياطتها ، أو بعث من يأخذها وهي معينة قاله في التوضيح ( أو ) تعجلت السلعة وأحد النقدين وتأجل ( أحد النقدين ) أو بعضه . ( بخلاف تأجيلهما ) أي النقدين بأجل واحد ، وتعجيل السلعة ، فهذا جائز لدلالته على [ ص: 502 ] قصد البيع وتبعية الصرف مع يسارته ، فإن اختلف أجلهما منع ( أو ) أي وبخلاف ( تعجيل الجميع ) فيجوز بالأولى من تعجيل السلعة وحدها فذكره تتميم للأقسام ، ولو كان المستثنى أكثر من درهمين ; لأنه من صور كون الجميع دينارا . الحط هذه المسألة من مسائل اجتماع البيع والصرف وخصها بالذكر ; لأنهم جوزوا فيها ما لم يجوزوه في غيرها من مسائله ; لأنهم أجازوا فيها تعجيل السلعة مع تأجيل النقدين .

قال في التوضيح فإن قلت لم جوزوا هنا ما لم يجوزوه في غيرها من مسائله ، فالجواب أنه سؤال حسن ولعلهم راعوا أن الاستثناء أصله أن يكون يسيرا والضرورة داعية إليه ، وتعجيل السلعة دل على قصد البيع وتبعية الصرف وعدم قصده بخلاف غيرها فالبيع والصرف مقصودان فيه فيها لا بأس بشراء سلعة بعينها بدينار إلا درهما إن كان ذلك كله نقدا ، فإن تأخر الدينار أو الدرهم أو السلعة وتناقدا الباقي لم يجز .

وروى أشهب عن مالك " رضي الله عنه " إن كان الدينار والدرهم نقدا والسلعة مؤخرة فجائز . ابن القاسم فإن تأخر الدينار والدرهم إلى أجل واحد وعجلت السلعة فجائز ، وكذلك إن اشتراها بدينار إلا درهمين في جميع ما ذكرنا ، فإن كانت بدينار إلا ثلاثة دراهم لم أحب ذلك إلا نقدا . وجعل ربيعة الثلاثة كالدرهمين ، ولم يجز مالك " رضي الله عنه " الدرهم والدرهمين إلا زحفا . وأما الدينار إلا خمسة دراهم أو عشرة فيجوز هذا نقدا ، ولا ينبغي التأخير في شيء منه للغرر . أبو الحسن قوله لم أحب في الأمهات لا خير فيه فظاهره أن ذلك مع التأخير حرام . وقوله إلا زحفا أي استثقالا وكراهة . وقوله ولا ينبغي التأخير في شيء من ذلك يعني لا يجوز بدليل تعليله بالغرر ولو تعددت الدنانير والدراهم على حالها كاشتراء سلعة بدينارين أو أكثر إلا درهمين فالحكم كما تقدم .

وشبه في مطلق الجواز فقال ( ك ) استثناء ( دراهم من دنانير ب ) شرط ( المقاصة ) أي كلما يجتمع من الدراهم المستثناة صرف دينار أسقط له دينار ( و ) الحال أنه ( لم يفضل ) [ ص: 503 ] شيء من الدراهم بعد المقاصة فيجوز ، كشراء عشر سلع كل سلعة بدينار إلا درهما أو درهمين ، وصرف الدينار عشرة دراهم وشرطا المقاصة ، فكأنهما دخلا على أن ثمنها تسعة أو ثمانية دنانير فيجوز نقدا وإلى أجل لتمحض البيع بالدنانير وانتفاء الصرف .

( و ) الحكم ( في ) فضل الدرهم و ( الدرهمين ) بعد المقاصة كشراء عشر سلع كل سلعة بدينار إلا درهما وعشر أو خمس درهم ، فمجموع الدراهم المستثناة أحد عشر أو اثنا عشر يسقط بالمقاصة عشرة في نظير إسقاط دينار ، ويبقى درهم أو درهمان ( ك ) حكم ( ذلك ) المتقدم من شراء سلعة بدينار إلا درهمين من أنه إن تعجل الجميع أو السلعة جاز وإلا منع ، ( و ) الحكم ( في ) فضل ( أكثر ) من درهمين بعد المقاصة بأن كان المستثنى من كل دينار في المثال السابق درهما ونصفا ، فمجموع الدراهم المستثناة خمسة عشر تسقط عشرة بالمقاصة وتبقى خمسة ( ك ) حكم اجتماع ( البيع والصرف ) من الجواز إن اجتمعا في دينار بشرط تعجيل الجميع . ومفهوم بالمقاصة أنهما إن شرطا عدمها منع مطلقا للدين بالدين إن أجل الجميع واجتماع البيع والصرف في أكثر من دينار إن عجل الجميع ، وإن سكتا عنها جاز مع تعجيل الجميع أو السلعة إن كان المستثنى درهما أو درهمين . فإن زاد على ذلك ونقص عن صرف دينار ، وجاز إن عجل الجميع فقط . وإن كان صرف دينار منع مطلقا قاله عج . وقال " د " وأما لو سكتا عنها فيجوز إن كان المستثنى درهما أو درهمين نقدا أو إلى أجل ، وإن كان أكثر من صرف دينار أو صرف دينار فلا تجوز مطلقا على مذهب ابن القاسم ، وروايته عن مالك رضي الله تعالى عنهما ، وهذا هو المعول عليه . الحط هذا تحصيل ابن رشد ونقله في التوضيح .




الخدمات العلمية