الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 399 ] ولا يلزم دفعه بغير محله ولو خف حمله .

التالي السابق


( ولا يلزم ) المسلم إليه ( دفعه ) أي المسلم فيه إذا طاب منه ( بغير محله ) أي المسلم فيه الذي يقضي فيه إن ثقل حمله ، بل ( ولو خف حمله ) أي المسلم فيه كجوهر ولا يلزم المسلم قبوله بغير محله ولو خف حمله ، قيل والمبالغة على هذا أنسب من المبالغة على الدفع وإن كانت صحيحة أيضا ، وظاهره ولو اتحد سعر المحلين أو كان غير محله أرخص وهو كذلك ، وحقه استثناء العين كما في الفصل بعده ، وأشار بولو إلى رد قول أشهب . ابن بشير إذا لقي المسلم المسلم إليه في غير البلد الذي اشترط القضاء به ، فإن كان الدين عينا وجب على واحد منهما الرضا بالأخذ إذا طلبه الآخر ، وإن كان عروضا لها حمل ومؤنة فلا يجبر كل واحد منهما على القضاء إلا بتراضيهما . وإن كان عروضا لا حمل لها كالجواهر فهل هي كالعين أو كالنوع الأول فيه قولان ، وهو خلاف في حال ، فإن كان الأمن في الطريق فلا شك في كونها كالعين ، وإن كان غيره فلا شك في كونها كالعرض ، وينبغي أن تكون العين كالعروض مع الخوف . ا هـ . ونقله ابن عرفة ونص ابن الحاجب ، فلو ظفر به في غيره وكان في الحمل مؤنة لم يلزمه وإلا فقولان .

ابن عبد السلام يعني لو ظفر المشتري بالبائع في غير البلد الذي يجب القضاء فيه على ما تقدم وطلب المشتري من البائع أن يدفع له المسلم فيه ، فإن كان له حمل ومؤنة فلا يلزم البائع ما طلبه منه المشتري ، وإن لم يكن له حمل فقولان والمشهور أنه مثل الأول . وقال في التوضيح يحتمل فإن ظفر المدين برب الدين وأراد المدين التعجيل وامتنع الطالب ويحتمل عكسه فعلى الأول قال ابن بشير المسألة على ثلاثة أقسام إن كان الدين عينا وجب قبوله إلا أن يتفق أن للطالب فائدة في التأخير كحصول خوف في الزمان أو بين البلدين ، وإن كان عروضا لها حمل أو طعاما فلا يجبر على قبوله ، وإن لم يكن لها حمل كالجواهر [ ص: 400 ] فقولان والمشهور أنها كالعروض . وقيل كالعين ، وهو خلاف في شهادة . فإن كان الأمن في الطريق فكالعين وإلا فلا ، وهذا إذا كان من بيع . وأما القرض فيجبر على قبوله مطلقا ، وأما على الثاني من الاحتمالين في كلام ابن الحاجب فنص محمد وغيره على أنه ليس للطالب جبر المطلوب مطلقا . اللخمي ولأشهب عند محمد ما يفهم منه أنه إذا كان سعر البلدين سواء أو هو في البلد الذي لقيه فيه أرخص أنه يجبر المسلم إليه على القضاء في البلد الذي لقيه فيه .

( تنبيهات ) : الأول : المراد بقوله : محله . المحل الذي اشترط دفع المسلم فيه فيه أو محل العقد إن لم يشترط محل معين له .

الثاني : أطلق المصنف قوله ولم يلزم دفعه إلخ ، وكذا في التوضيح ، وقد تقدم في كلام ابن بشير أنه يلزمه دفع العين ، ونقله ابن عرفة وقبله وهو كذلك في غيرهما فيقيد به كلام المختصر والتوضيح .

الثالث : تقدم فيما نقله في التوضيح عن ابن بشير أن المدين إن أراد تعجيل القرض وامتنع الطالب فإنه يجبر على أخذه مطلقا ، وهذا كما ترى ليس بظاهر ، فإنه مخالف لقوله آخر القرض ، ولم يلزم رده إلا بشرط أو عادة كأخذه بغير محله إلا العين ، ولقول الجلاب ولو رده إليه قبل أجله لزمه قبوله عرضا أو عينا إذا رده إليه في المكان الذي اقترضه منه فيه ، وإن رده في غير الموضع الذي أخذه فيه لم يلزم ربه قبوله ونحوه في الإرشاد والله أعلم أفادها الحط .




الخدمات العلمية