الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 16 ] وبخروجه بها يظنها له فتلفت ، لا إن نسيها في كمه فوقعت

التالي السابق


( و ) تضمن ( ب ) سبب ( خروجه ) أي المودع بالفتح ( بها ) أي الوديعة من بيته حال كونه ( يظنها ) أي الوديعة ملكا ( له ) أي المودع بالفتح ( فضاعت ) الوديعة منه لأنها جناية خطأ ، وهي كالعمد في أموال الناس . مطرف وابن الماجشون ولو أودعها وكان في بيته فأخذها يوما فأدخلها في كمه وخرج بها يظنها دراهمه فسقطت منه فإنه يضمنها . ابن يونس أما هذه فصواب لأنه غير مأذون له في التصرف ، فنسيانه في هذا كعمده لأن الخطأ والعمد في أموال الناس سواء . وأما في وضعها على نعله أو حملها من موضع إيداعها إلى داره في يده أو كمه فهو غير متعد فيه ، فنسيانه إياها في موضعه أو في كمه حتى سقطت أمر يعذر به كالإكراه على أخذها منه ( لا ) تضمن ( إن نسيها ) أي المودع بالفتح الوديعة حال كونها ( في كمه ) أي المودع بالفتح فسقطت منه حيث أمر بجعلها فيه على الأصح ، تقدم شاهده في كلام مطرف وابن الماجشون وابن يونس .

ابن الحاجب لو نسيها في موضع إيداعها ضمن بخلاف نسيانها في كمه فتقع . وقيل سواء . خليل إذا نسيها في موضع إيداعها فقال مطرف وابن الماجشون وابن حبيب عليه الضمان ، بخلاف نسيانها في كمه فلا ضمان عليه . وقيل سواء يحتمل في نفي الضمان ولم أره في الأولى منصوصا . نعم خرجه جماعة من الثانية ، وخرجه اللخمي وابن رشد من المودع مائة دينار فيدعيها رجلان ونسي أيهما أودعه ، وممن اشترى ثوبين بالخيار من رجلين فاختلطا ولم يدر لمن الجيد منهما فاختلف هل يضمن لهما أو لا شيء عليه اللخمي العذر بالنسيان أبين لأنه لا يعد به مفرطا ، ويحتمل أنه أراد بقوله سواء أي في الضمان لكن لم أر من قال في الثانية بالضمان والله أعلم .

ونقل ابن عرفة كلام مطرف وابن الماجشون وابن حبيب المتقدم ونقل عن ابن شعبان ما نصه لو أودعه بالطريق فمضى لحاجة قبل إحرازها فضاعت ضمن ، ولو جعلها في [ ص: 17 ] كمه ملقاة لم يكن حرزا ، ثم قال ابن عرفة قول مطرف وابن الماجشون وابن حبيب في سقوطها من كمه لا يضمنها خلاف ما قاله في الزاهي ، وبه يفسر كلام ابن الحاجب ا هـ . وفي الشامل ولو نسيها في محل إيداعها ضمنها على المنصوص ، ثم قال لا إن نسيها في كمه فسقطت على الأصح . ابن الفاكهاني هذا أصل مختلف فيه بين أصحابنا ، فمنهم من جعل نسيانه جناية منه ومنهم من عذره به والله أعلم .

.



الخدمات العلمية