الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفسخت فاسدة بلا عمل أو في أثنائه أو بعد سنة من أكثر : إن وجبت أجرة المثل ، [ ص: 411 ] وبعده أجرة المثل : إن خرجا عنها كإن ازداد عينا أو عرضا ، وإلا فمساقاة المثل :

التالي السابق


( وفسخت ) بضم فكسر مساقاة ( فاسدة ) بعدم ركن أو شرط أو وجود مانع ( بلا عمل ) أي اطلع عليها قبله سواء كانت على تقدير تمامه فيها مساقاة المثل ، أو أجرته لأنه لا يضيع شيئا على العامل . ابن رشد إن وقعت المساقاة على غير الوجه الذي جوزه الشارع فإنها تفسخ ما لم تفت بالعمل ويرد الحائط إلى ربه .

( أو ) ظهر فسادها ( في أثنائه ) أي العمل ( أو بعد سنة من أكثر ) مساقى عليه فتفسخ ( إن وجبت ) فيها ( أجرة المثل ) للعامل ، وله أجرة مثله في عمله السابق على [ ص: 411 ] فسخها . ومفهوم الشرط أنها إن كانت تجب فيها مساقاة فلا تفسخ وهو كذلك لئلا يضيع عمل العامل فيتمم العمل ، وله مساقاة مثله للضرورة لأنه لا يدفع العوض إلا من الثمرة ، فلو فسخت قبل تمامه فلا شيء له لأنها كالجعل لا يستحق عوضها إلا بالإتمام . ابن رشد ما يرد فيه العامل إلى أجرة مثله يفسخ متى عثر عليه قبل العمل أو في أثنائه . عياض وله من الأجر بحساب عمله ، وأما ما يرد فيه إلى مساقاة مثله فيفسخ ما لم يعمل ، فإن فات بابتدائه العمل بما له بال فلا تفسخ إلى انقضاء أمدها ، وله فيما بقي من الأعوام مساقاة مثله .

( و ) إن ظهر فسادها ( بعد ) تتميم العامل ل ( هـ ) أي العمل فله ( أجرة المثل إن ) كانا ( خرجا ) أي رب الحائط والعامل في عقدهما ( عن ) حقيقتها ( ها ) أي المساقاة إلى الإجارة الفاسدة أو البيع الفاسد ( كأن ) بفتح فسكون حرف مصدري مقرون بكاف التمثيل صلته ( ازداد ) أي أخذ أحدهما من الآخر زيادة عن حظه عن الثمر ، ومفعول ازداد ( عينا أو عرضا ) فإن كان آخذ العين أو العرض العامل فقد خرج إلى إجارة فاسدة إذ آل أمرهما إلى استئجار رب الحائط العامل بما أعطاه من عين أو عرض ، وبجزء الثمرة المجهول ، وإن كان آخذه رب الحائط فقد خرجا إلى بيع جزء الثمر قبل زهوه بالعين أو العرض وعمل العامل ( وإلا ) أي وإن لم يخرجا في عقدهما عن حقيقة المساقاة ( ف ) له ( مساقاة المثل ) أي الجزء الذي يساقى به مثله في مثل هذا الحائط في الثمرة فإن أجيحت الثمرة فلا شيء له على رب الحائط ، بخلاف أجرة المثل ، ففي ذمته ولو أجيحت . عياض الخلاف الجاري في القراض الفاسد كله جار في المساقاة . ابن رشد إن فاتت بالعمل فأصل ابن القاسم أنهما إذا خرجا فيها عن حكمها إلى حكم الإجارة الفاسدة أو إلى بيع الثمرة قبل بدو صلاحها بما اشترطه أحدهما على صاحبه من زيادة يزيدها إياها خارجة عنها ، فإنه يرد فيها إلى أجرة مثله إذا لم يعثر عليها حتى فاتت بالعمل ، وذلك مثل أن [ ص: 412 ] يساقيه في حائطه على أن يزيد أحدهما صاحبه دنانير أو دراهم أو عرضا من العروض وما أشبه ذلك لأنه إن ساقاه على أن يزيده صاحب الحائط دنانير أو دراهم أو عروضا فقد استأجره على عمل حائطه بما أعطاه من الدنانير أو الدراهم أو العروض وبجزء من ثمرته ، فوجب رده إلى أجرة مثله ولأنه إذا ساقاه على أن يزيد العامل دنانير أو دراهم أو عروضا فقد اشترى جزءا من الثمرة بما أعطاه من الدنانير أو الدراهم أو العروض وبعمله في الحائط ، فوجب رده إلى أجرة مثله أيضا . وأما إذا لم يخرجا عن حكمها فإنه يرد فيها إلى مساقاة مثله .




الخدمات العلمية