الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 502 ] وليس لراع : رعي أخرى ، إن لم يقو ، إلا بمشارك ، أو تقل [ ص: 503 ] ولم يشترط خلافه ، وإلا فأجره لمستأجره : كأجير لخدمة : آجر نفسه ، ولا يلزمه رعي الولد ، إلا لعرف ، [ ص: 504 ] وعمل به في الخيط ونقش الرحى ، وآلة بناء ، وإلا فعلى ربه : عكس إكاف ، وشبهه [ ص: 505 - 506 ] وفي السير والمنازل ، والمعاليق ، والزاملة ، [ ص: 507 ] ووطائه بمحمل ، وبدل الطعام المحمول ، وتوقيره : كنزع الطيلسان قائلة ، وهو أمير ، فلا ضمان [ ص: 508 ] ولو شرط إثباته ، إن لم يأت بسمت الميت ، أو عثر بدهن ، أو طعام بآنية فانكسرت ، ولم يتعد . أو انقطع الحبل . ولم يغر بفعل : [ ص: 509 ] كحارس . ولو حماميا .

التالي السابق


( وليس لراع ) استؤجر على رعي ماشية ( رعي ) ماشية ( أخرى ) معها ( إن لم يقو ) على رعي الأخرى مع الأولى بحيث لا يأتي بما يلزمه في رعي الأولى ( إلا ب ) شخص ( مشارك ) له في الرعي بحيث يقوى به على رعي الأولى والقيام بما يلزمه في رعيها مع الثانية ( أو تقل ) الماشية الأولى بحيث يقدر على رعي غيرها معها من غير إخلال بشيء [ ص: 503 ] مما يلزمه في رعيهما ، فيجوز له رعي غيرها معها ( إن لم يشترط ) بضم الياء وفتح الراء عليه في إجارته لرعي الأولى ( خلافه ) أي عدم رعي غيرها معها ( وإلا ) أي وإن اشترط عليه في إجارته لرعي الأولى أن لا يرعى غيرها معها فخالف ورعى غيرها معها بأجرة ( فأجره ) لرعي غيرها مستحق ( لمستأجره ) على رعي الأولى لملكه جميع رعيه . وشبه في استحقاق المستأجر الأول أجرة الأجير على العمل الثاني فقال ( ك ) أجر ( أجير ) استؤجر ( لخدمة ) فأجر نفسه لغير مستأجره فأجره الثاني مستحق لمستأجره الأول . فيها لابن القاسم رحمه الله تعالى ومن استؤجر على رعاية غنم كثيرة لا يقوى على رعي أكثر منها فليس له أن يرعى معها غيرها إلا أن يدخل معه راعيا يقوى به ، وإن كانت غنما يسيرة فذلك له إلا أن يشترط عليه ربها أن لا يرعى معها غيرها ، فإن رعى الراعي معها غيرها بعد هذا الشرط فالأجر لرب الأولى ، وكذلك أجيرك للخدمة يؤاجر نفسه من غيرك يوما أو أكثر فلك أخذ الأجر أو تركه وإسقاط حصة ذلك اليوم من الأجر عنك . ابن يونس إن أجر نفسه فما يشابه ما آجرته فيه أو يقاربه . وأما إن آجرته على الرعاية شهرا بدينار فأجر نفسه في الحصاد أو آجرته يخدمك في الغزو فقاتل وأسهم له في الغنيمة عشرة دنانير ، فهذا وشبهه لا يكون فيه إلا إسقاط حصة ما عطل من عملك من الأجر .

( ولم يلزمه ) أي الراعي ( رعي ) جنس ( الولد ) الذي ولدته الماشية التي استؤجر على رعيها ( إلا لعرف ) بضم فسكون بينهم برعيه الولد فيلزمه . فيها لابن القاسم رحمه الله تعالى إذا استؤجر على رعاية غنم بأعيانها وشرط ربها أن ما مات منها أخلفه فتولد الغنم حملا في رعاية الولد على عرف الناس . فإن لم تكن لهم سنة فلا يلزمه رعايتها . ابن اللباد وعلى ربها أن يأتي براع يرعى معه للتفرقة . أبو الحسن راعى التفرقة في الحيوان البهيمي ومثله في سماع عيسى . ابن عرفة معناه أن التفريق تعذيب لها فهو من النهي عن [ ص: 504 ] تعذيب الحيوان ، ولتضرر الراعي بندود الأمهات إلى أولادها والله أعلم .

( وعمل ) بضم فكسر ( به ) أي العرف ( في الخيط ) الذي يخاط به الثوب المستأجر على خياطته في كونه على رب الثوب أو الخياط ( ونقش الرحى ) المكتراة للطحن بها في كونه على مكريها أو مكتريها ( و ) في ( آلة بناء ) في كونها على رب البيت أو على العامل ( وإلا ) أي وإن لم يكن عرف ( فعلى ربه ) أي المصنوع من ثوب ورحى وبيت . فيها لابن القاسم رحمه الله تعالى من أجرته على بناء دار فالأداة والفؤوس والقفاف والدلاء على من تعارف الناس أنه عليه . وكذلك حثيان التراب على القبر ونقش الرحى وشبهه . فإن لم تكن لهم سنة فآلة البناء على رب الدار ونقش الرحى على ربه . ابن شاس استئجار الخياط لا يوجب عليه الخيط إلا أن يكون العرف . ابن عرفة هو كقولها في آلة البناء وعرفنا في الأجير أن لا خيط عليه . وفي الصانع الخيط عليه . ابن العطار نقش الرحى على من هو عليه عرفا ، فإن عدم العرف فعلى ربها . ابن حبيب وابن أبي زمنين عرفنا على المكتري وذلك ( عكس ) أي خلاف حكم ( إكاف ) بكسر الهمز وخفة الكاف أي رحل ( وشبهه ) أي الإكاف كبرذعة وسرج وحزام فهو عند عدم العرف على المكترى حكاه ابن عبد السلام عن بعض الشيوخ ، وقرر به كلام ابن الحاجب وتبعه المصنف .

ومفهوم كلام المدونة أنه على رب الدابة ، وبه قرر البساطي كلام المصنف قاله تت . ابن شاس على رب الدابة تسليم ما العادة تسليمه معها من إكاف وبرذعة وحزام وسرج في الفرس وغير ذلك من معتاد لأن العرف كالشركة ، وكذا الحكم في إعانة الراكب في النزول والركوب في المهمات المتكررة ، وكذا رقع الحمل والمحمل " غ " قوله عكس إكاف وشبهه ، أي فإن كان فيه عرف عمل به ، وإلا فهو على رب الدابة ، فالعكس حيث لا عرف ولو كان حيث لا عرف على المكتري كما فهم الشارح لكان مساويا لما قبله لا مخالفا له ، فإذا تقرر هذا ظهر منه أن المصنف عدل عن طريقة [ ص: 505 ] ابن شاس وابن الحاجب ، وعول على ما أقيم من قولها في كتاب الرواحل والدواب ولا بأس أن تكتري من رجل إبلا على أن عليك رحلتها . أبو الحسن قوله رحلتها معناه حلها وربطها والقيام بها فإن ظاهره لولا الشرط لكان ذلك على رب الإبل ، بل حكاه ابن عبد السلام وإن بحث فيه وارتضاه المصنف وجعله خلاف قول ابن الحاجب ، وعلى مكري الدابة البرذعة وشبهها والإعانة في الركوب والنزول ورفع الأحمال وحطها بالعرف ، إذ مفهوم قوله بالعرف أنه لو لم يكن عرف لكان ذلك على المكتري

وانظر هل يتناول اسم الرحلة رفع الأحمال وحطها أبين من تناوله الإكاف وشبهه ، أم هما سواء ، وقد فسر أبو الحسن الرحلة بحل الإبل وربطها والقيام بها ، وزاد هو وابن عرفة إقامة أخرى من قولها وإذا اكتريت من رجل إبله ثم هرب الجمال وتركها في يديك فأنفقت عليها فلك الرجوع بذلك ، وكذلك إن اكتريت من يرحلها رجعت بكرائه ، وتأولها أبو إسحاق بكون العادة أن رب الإبل هو الذي يرحلها . ابن عرفة والأظهر بمقتضى القواعد أن يلزم المكري البرذعة والسرج ونحوهما لا مؤنة الحط والحمل ، لما في سماععيسى . ابن القاسم فيمن اكترى منزلا فيه علو بلا سلم فقال لربه اجعل لي سلما فتوانى ولم ينتفع به المكتري حتى مضت السنة أنه يطرح عنه مناب العلو هو بجعل السلم له والكراء في هذا ، بخلاف الشراء . ابن عرفة فسلم العلو كالبرذعة والسرج ونحوهما . طفي نقل ابن عبد السلام أن قول المدونة المتقدم مخالف لقول ابن الحاجب ، وعلى مكري الدابة البرذعة وشبهها إلخ . فإنه قال فإن لم يوجد عرف فقيل لا يلزمه إلا مقتضى اللفظ .

وأشار إلى أن البرذعة والأحبال لا يتناولها اللفظ ، وكذلك الإعانة في الركوب والنزول ورفع الأحمال وحطها إن لم يكن عرف فلا تلزم الجمال ، وأشار إلى أن ما فيها خلاف هذا إلا أن التحقيق أن الشروط كما يستفاد منها انتفاء المشروط لانتفائها غالبا قد يؤتى بها لرفع التوهم والنزاع ، وهذا هو الغالب من شروط الموثقين ، فلا يدل انتفاؤها على انتفاء مشروطها ، وتأتي عليه المخالفة لأن قوله والإعانة في الركوب والنزول ورفع الأحمال وحطها نحو قولها رحلتها ، واقتصر المصنف [ ص: 506 ] على الإكاف وشبهه فليس فيه مخالفة للمدونة ، إذ لم تذكر ذلك ولا يلزم من ذكرها الرحلة أن البرذعة وشبهها كذلك ، لقول ابن عرفة والأظهر بمقتضى القواعد أن يلزم المكري البرذعة والسرج ونحوهما لا مؤنة ، الحط والحمل . ولعل المصنف اقتصر على ما ذكر ولم يزد ما زاده ابن الحاجب لهذا فهو سالم منه ، فنقل تت تبعا للشارح الإيراد على كلام المصنف غير ظاهر ، ونازع ابن عرفة ابن عبد السلام في بحثه الأخير بقوله لو لم يكن فيها إلا هذا اللفظ أمكن رده بما قال إما مع قولها إن أكريت إبلا فهرب الجمال وتركها في يدك فأنفقت عليها فلك الرجوع عليه بذلك ، وكذا إن أكريت من يرحلها رجعت بكرائه . ا هـ . لكن قيدها التونسي بقوله يريد أن العادة أن المكري يرحلها فلا دليل فيه لابن عرفة . وقد قيده التونسي فكأنه وقف مع ظاهر لفظها ولم يعتبره تت . وبمفهومه قرر البساطي كلام المصنف ، زاد في كبيره ويتم حينئذ ما ذكره المصنف ، وكذا قرره الشارح في كبيره فإنه قال يريد بالعكس أنه إن لم يكن لهم عرف فعلى رب الدابة ، وهو مفهوم المدونة ، وذكر نصها المتقدم ثم قال وقول ابن الحاجب مخالف لها وقد علمت أنها لم تتكلم على ما ذكره المصنف . ففي عزو الشارح لها ذلك نظر ، والله أعلم .

( و ) عمل بالعرف ( في ) أحوال ( السير ) من كونه نهارا أو ليلا وكونه سريعا أو بطيئا أو بينهما ( و ) في أحوال ( المنازل ) أي مواضع النزول للقيلولة والمبيت ومقدار الإقامة بها . ابن شاس كيفية السير وتفصيله وقدر المنازل ومحل النزول في معمور أو صحراء معتبر بالعرف .

( و ) في أحوال ( المعاليق ) بفتح الميم جمع معلوق بضمها ، أي الأدوات التي تعلق على الدابة للسمن والزيت والعسل والماء ونحوها . ابن شاس يصف المحمل بالسعة أو الضيق ويعرف تفاصيل المعاليق ، فإن أطلق في شيء من ذلك وكان معلوما بالعادة صح العقد .

( و ) في أحوال ( الزاملة ) بالزاي أي الخرج ونحوه مما يجمع فيه المسافر ما يحتاج إليه [ ص: 507 ] في كونها على المكري أو المكتري وكونه كبيرا وصغيرا أو متوسطا ( و ) في أحوال ( وطائه ) بكسر الواو أو فرش الراكب ( بمحمل ) بفتح الميم الأولى وكسر الثانية ، أو على حوية أو قتب ، وكذا غطاؤه . فيها إن اكترى محملا لمكة ولم يذكر وطاءه أو زاملة ولم يذكر ما يحمل فيها من أرطال جاز ، وحملا على فعل الناس فيهما لأن الزوامل عرفت عندهم وعليه أن يحمل له المعاليق وكل ما عرفه الناس من الأمر اللازم للمكتري . عياض الزاملة ما يحمل فيه مثل الإخراج وشبهها وتشد على الدواب والرواحل .

( و ) في ( بدل الطعام المحمول ) مع الراكب إذا نقص بأكل أو بيع أو فني فيها إن نقصت زاملة الحاج أو نفدت وأراد إتمامها وأباه الجمال حملا على عرف الناس وإن لم يكن لهم عرف فعليه حمل الوزن الأول ( و ) في ( توفيره ) أي الطعام المحمول بعدم الأكل منه سحنون من اكترى دابة على حمل فيه خمسمائة رطل فأصابه مطر في الطريق فزاد وزنه فامتنع الجمال من حمل الزيادة . وقال المكتري هو المتاع بعينه فلا يلزم الجمال حمل الزيادة ابن عرفة مقتضى قولها يلزم حمل ولد المرأة معها حمل زيادة البلل ، وظاهر قول سحنون سواء كان عرف أم لا ، ومقتضى قولها في زاملة الحاج اعتبار العرف .

وشبه في العمل بالعرف فقال ( كنزع ) أي خلع ( الطيلسان ) بفتح الطاء المهملة واللام وكسرها بينهما تحتية ساكنة ، أي الشال الذي يجعل على الرأس لاتقاء البرد المستأجر لذلك ، وصلة نزع ( قائلة ) بالهمز ، أي وسط النهار وشدة الحر وأولى ليلا . ابن رشد إن استأجر ثوبا للبسه نزعه في الأوقات التي اعتيد نزعه فيها كليل ، وقائله ابن عرفة هذا صواب ، كقولها من استأجر أجيرا لخدمته استعمله على عرف الناس من خدمة الليل والنهار ، فإن اختلف العرف في اللبس لزم بيان وقت نزعه أو دوام لبسه ( وهو ) أي المستولي على شيء بإجارة أو كراء سواء كان مستأجرا أو مؤجرا ( أمين ) على ما استولى عليه : ( فلا ضمان ) عليه لما تلف أو ضاع بغير تعد ولا تفريط منه . ابن رشد اتفاقا . [ ص: 508 ] ابن الحاجب على الأصح ، ويصدق في دعوى التلف أو الضياع ولو فيما يغاب عليه . ابن يونس القضاء أن الأكرياء والأجراء فيما أسلم إليهم كونهم أمناء عليه فلا يضمنونه إلا الصناع والأكرياء على حمل الطعام والشراب والإدام خاصة لتسارع الأيدي لها ، فضمنوا في صلاح العامة كالصناع إلا أن تقوم بينة بهلاكه بغير سببهم ، أو يكون معه أربابه لم يسلموه إليهم فلا يضمنون ، سواء حملوه على سفينة أو دابة أو رجل إن لم يشترط ضمانه ، بل ( ولو شرط ) بضم فكسر ( إثباته ) أي الضمان على المستولي على شيء بإجارة أو كراء ( إن لم يأت ) المستولي ( بسمة ) بكسر السين المهملة أي علامة الحيوان ( الميت ) أي الذي يدعى موته ، فشرطه لغو ولا ضمان عليه إذا لم يأت بها . في الموازية الإمام مالك " رضي الله عنه " إن شرط الحمالون أن لا ضمان عليهم في الطعام أن عليهم ضمان العروض وما لا يضمن فالشرط باطل والعقد فاسد الفقهاء السبعة من فقهاء المدينة التابعين رضي الله تعالى عنهم أجمعين إن اشترط عليهم ضمان العروض فلا يلزمهم إلا أن يخالفوا في شرط يجوز ومن الاستغناء المكتري مصدق فيما ادعى إباقه من العبيد وتلفه من الدواب . وفيها للإمام مالك " رضي الله عنه " لا ضمان على الرعاة إلا فيما تعدوا فيه أو فرطوا في جميع ما رعوا من الغنم والدواب لناس شتى أو لرجل واحد ، وإذا شرط على الراعي الضمان فسدت الإجارة ولا يضمن ما يهلك . ابن القاسم وكذلك إن اشترطوا على الراعي إن لم يأت بسمة ما يموت منها يضمن فلا يضمن وإن لم يأت بها .

( أو عثر ) بفتح العين المهملة والمثلثة الحمال على رأسه أو ظهره أو دابته ( بدهن ) بضم الدال المهملة سمن مائع أو زيت ( أو ) ب ( طعام ) مستأجر على حمله فتلف فلا يضمنه ( أو ) عثر ( بآنية فانكسرت و ) الحال أنه ( لم يبتعد ) بفتحات مثقلا في سيره ولا في سوق دابته ( أو انقطع الحبل ) المربوط به الحمل أو الحامل به على ظهره ( و ) الحال أنه ( لم يغر ) [ ص: 509 ] بفتح التحتية وضم الغين المعجمة وشد الراء ( بفعل ) فإن غر بفعل كربط بحبل رث ومشي بزلق وتشديد في سوق دابة فتلف فيضمنه فيها لابن القاسم رحمه الله تعالى إذا قال المكري في كل عرض إنه هلك أو سرق أو عثرت الدابة فانكسرت القوارير فذهب الدهن صدق لا أن يستدل على كذبه أو يذكر أن ذهابه كان على صفة أتى فيها بما لا يشبه . قال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه من استأجرته يحمل لك على دابة دهنا أو طعاما إلى موضع كذا فعثرت الدابة فانكسرت القوارير فذهب الدهن أو هلك الطعام وانقطعت الحبال ، فسقط المتاع ففسد ، فلا يضمن المكري قليلا أو كثيرا إلا أن يغر بعثار أو ضعف الأحبل عن حمل ذلك ، فيضمن حينئذ . ابن عرفة ما تلف بسبب عيب دلسه المكري ضمنه فيها من اكترى دابة أو ثورا للطحن فربطه في المطحنة فكسرها أو أفسد آلتها فلا يضمن ذلك مكريه إلا أن يغر وهو يعلم ذلك منه ، كقول مالك رضي الله تعالى عنه من أكرى دابته عالما أنها عثور ولم يعلم المكتري به فعثرت فانكسر ما عليها فهو ضامن . ابن عرفة أخذ بعضهم من مسألة كسر الثور التضمين بالغرور بالقول لأن عقد الكراء إنما هو باللفظ يرد بأن إيجابه لزوم العقد يصيره كالفعل ، فالقول إن تضمن عقدا كان غرورا بالفعل لا بالقول .

وشبه في عدم الضمان فقال ( كحارس ) فلا يضمن ما سرق إن لم يكن حماميا ، بل ( ولو ) كان ( حماميا ) بشد الميم الأولى فلا يضمن ما يسرق من ثياب الداخلين ولو أخذ أجرة ونكر حرسا ليشمل الحراس لكرم أو نخل أو دور أو زرع أو ماشية إلا أن يتعدى أو يفرط ، وسواء كان ما يحرسه طعاما أو غيره إلا أن تظهر خيانته قاله في الطراز . ابن الحاجب أجير الحراسة لا يضمن شيئا فيها للإمام مالك رضي الله تعالى عنه من جلس يحفظ ثياب من دخل الحمام فضاع منها شيء فلا يضمنه ، لأنه بمنزلة الأجير . ابن المواز مالك من استؤجر يحرس بيتا فنام فسرق ما فيه فلا يضمن ، وإن غاب عليه وله جميع الأجر وكذا حارس النخل . ابن المواز لا يضمن جميع الحراس إلا أن يتعدوا كان ما يحرسونه ما يغاب عليه أم لا طعاما كان أو غيره ، وكذلك من يعطى متاعا ليبيعه [ ص: 510 ] فيضيع أو يضيع ثمنه إلا أن هذا لا أجر له ولا ضمان عليه .




الخدمات العلمية