الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن قال : بمائة لبرقة ، وقال : بل لإفريقية : حلفا . وفسخ ، إن عدم السير ، أو قل : وإن نقد ، [ ص: 52 ] وإلا فكفوت المبيع

التالي السابق


( وإن ) اتفق الجمال والمكتري منه على قدر الأجرة واختلفا في المسافة بأن ( قال ) الجمال أكريتك ( بمائة لبرقة ) بفتح الموحدة وسكون الراء بلد بالمغرب بينها وبين مصر نحو شهر ( وقال ) المكتري بها ( لإفريقية ) بكسر الهمز وسكون الفاء وكسر القاف وتخفيف التحتية عقبها وتشديدها بلد بالمغرب بينها وبين مصر ثلاثة أشهر ( حلفا ) أي الجمال والمكتري كل على نفي دعوى الآخر وإثبات دعوى نفسه . ( وفسخ ) بضم فكسر عقد الكراء ( إن عدم ) بضم فكسر ( السير ) بأن تنازعا قبل الشروع فيه ( أو قل ) بفتح القاف واللام مثقلا السير بحيث لا ضرر على الجمال في رجوعه ، ولا على المكتري في طرح متاعه إن لم ينقد الكراء ، بل ( وإن ) كان قد ( نقد ) المكتري الكراء للمكري قاله الإمام مالك رضي الله تعالى عنه في المدونة . وقال غيره : فيها إن كان نقد وأشبه المكري فالقول قوله ( وإلا ) أي وإن كان اختلافهما بعد سير كثير أو بعد [ ص: 52 ] بلوغهما الغاية ( ف ) حكمه كحكم اختلاف المتبايعين في قدر الثمن بعد ( فوت المبيع ) بيد مشتريه من كون القول قول المشتري فيكون القول هنا قول المكتري .

فيها للإمام مالك " رضي الله عنه " وإذا اختلف المتكاريان قبل الركوب أو بعد مسير لا ضرر في رجوعه ، فقال المكري إنما أكريتك إلى برقة بمائة وقال المكتري : بل إلى إفريقية بمائة تحالفا وتفاسخا نقد الكراء أو لم ينقده ، وإن اختلفا بعدما بلغا برقة فقال المكري إنما أكريتك إلى برقة بمائة درهم ، وقال المكتري إلى إفريقية بمائة درهم ، فإن انتقد الكري فهو مصدق إن أشبه أن يكون كراء الناس إلى برقة بمائة درهم ويحلف . ابن القاسم وإن لم يشبه الأقوال المكتري فللجمال حصة مسافة برقة على دعوى المكتري بعد حلفهما ، ولا يلزمه التمادي إلى إفريقية ، وإن لم ينتقد ، وأشبه ما قالا لكون ذلك مما يتغابن الناس فيه حلفا وفض الكراء ، فأخذ الجمال حصة مسافة برقة ولا يتمادى ، وأيهما نكل قضي عليه لمن حلف ، وإن أقاما بينتين قبل الركوب أو بعد بلوغ برقة قضي بأعدلهما ، فإن تكافأتا حلفا وفسخ . ابن المواز إن اختلفا بعد طول السفر فالقول قول المكري في المسافة وقول المكتري في الثمن إن لم ينقد ، وكأنهما في القرب متبايعان سلعتاهما بأيديهما لم تفت ، وإن فات ذلك بعد السفر فهو كقبض المشتري المبيع وفوت ما بيده ، وفات رد المبيع وصار يطلب بالثمن فهو مدعى عليه .




الخدمات العلمية