الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 55 - 56 ] وإن قال : اكتريت عشرا بخمسين ، وقال : خمسا بمائة . حلفا ، وفسخ ، وإن زرع بعضا ولم ينقد فلربها ما أقر به المكتري . إن أشبه وحلف . وإلا فقول ربها إن أشبه . فإن لم يشبها : حلفا ووجب كراء المثل فيما مضى . وفسخ الباقي مطلقا . وإن نقد : فتردد .

[ ص: 56 ]

التالي السابق


[ ص: 56 ] وإن قال ) المكتري دارا أو أرضا مثلا ( اكتريت منك ) الدار أو الأرض مثلا ( عشرا ) من السنين ( بخمسين ) دينارا مثلا ( وقال ) ربها ( بل ) اكتريت ( خمسا ) من السنين ( بمائة ) من الدنانير مثلا ولا بينة لهما ( حلفا ) أي المكري والمكتري ( وفسخ ) بضم فكسر الكراء إن كان اختلافهما بحضرة العقد بدليل قوله ( وإن زرع ) المكتري أو سكن ( بعضا ) من السنين ( ولم ينقد ) المكتري شيئا من الكراء ( فلربها ) أي الذات المكتراة أرضا كانت أو دارا ( ما أقر به المكتري ) فيما مضى ( إن أشبه ) المكتري في قوله عشرا بخمسين عادة الناس ( وحلف ) المكتري على دعواه ، سواء شبه قول المكري أيضا أم لا ( وإلا ) أي وإن لم يشبه قول المكتري ( ف ) القول ( قول ربها ) بيمينه ( إن أشبه ) قوله خمسا بمائة عادتهم .

( وإن لم يشبها ) بأن خالفا معا المعتاد ( حلفا ) أي المكري والمكتري ( ووجب ) للمكري ( كراء المثل فيما مضى ) من السنين ( وفسخ ) بضم فكسر ( الباقي ) منها فسخا ( مطلقا ) عن التقييد ببعض الصور قاله الشارح ، وذكر قسيم ولم ينقد فقال ( وإن ) كان ( نقد ) المكتري الكراء ( ف ) فيه ( تردد ) في كونه كمن لم ينقد في اعتبار الشبه ، أو القول قول المكتري لرجحان قوله بالنقد . فيها لابن القاسم رحمه الله تعالى وإن قال المكتري اكتريت الأرض عشر سنين بخمسين دينارا ، وقال ربها بل خمس سنين بمائة دينار ، فإن كان بحضرة الكراء تحالفا وتفاسخا ، وإن كان قد زرع سنة أو سنتين ولم ينقد فالقول قوله ; لأنه غارم ولربها ما أقر به المكتري . ابن يونس ، وهو خمسة في كل سنة إن أشبه أن يتغابن الناس بمثله ويحلف . [ ص: 57 ] ابن يونس وإن لم يشبه قبل قولها ربها إن أشبه بيمينه ، وهو عشرون في كل سنة إذا تساوت السنون ، وإن لم يشبه واحد منهما فله كراء المثل فيما مضى ويفسخ باقي المدة على كل حال لدعواه في كرائها أكثر من المعتاد ، وهذا إذا لم ينتقد . قال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه رب الأرض والدار والدابة مصدق في الغاية فيما يشبه ، وإن لم ينتقد وقال غيره : إذا انتقد فالقول قول ربها بيمينه . ابن يونس هذا موافق قول ابن القاسم أفاده " ق " . الحط أجمل المصنف رحمه الله تعالى في ذكر هذا التردد ولم يبين ذلك شارحوه ، وإنما يتبين بكلامها وشراحها ففيها بعد ذكر الأوجه الأربعة ، وهي شبه المكتري وحده وشبههما ، وشبه المكري وحده وعدم شبههما معا ، وهذا إن لم ينقد أبو الحسن مفهومه لو نقد لكان القول قول ربها ولا يفسخ بقية الخمس سنين فيكون كقول الغير ومخالفا لقوله ، ويفسخ باقي المدة على كل حال فقيل معنى قوله وهذا إن لم ينقد ، أي هذا الذي سمعت من الإمام مالك رضي الله تعالى عنه ولم أسمع منه إذا انتقد ، والحكم عندي سواء فيهما .

لكن يعترض قوله هذا بقوله ومن قول مالك رب الأرض والدار والدابة مصدق إذا انتقد ، إذ هو مصدق إذا لم ينتقد من باب أولى ، فهذا يعطي سماعه الوجهين ، وقيل إنه يعود على أول المسألة ، وهو إذا زرع سنة أو سنتين إلا أن فيه تكرارا . ا هـ . ونص قول الغير فيها قال غيره إذا انتقد فالقول قول ربها مع يمينه فيما يشبه من المدة ، فإن لم يأت بما يشبه وأتى المكتري بما يشبه صدق فيما سكن على ما أقر به ويرجع ببقية المال على ربها بعد يمينه على ما ادعى عليه ويمين المكري فيما ادعى عليه من طول المدة ، وإن لم يشبه واحد منهما تحالفا وفسخ الكراء ، وعلى المكتري قيمة ما سكن وإن أتيا بما يشبه صدق رب الأرض ; لأنه انتقد مع يمينه . ا هـ . فجعله إذا أتى رب الأرض بما يشبه لا ينفسخ ، وكذا إذا أتياه معا بما يشبه فيكون في هذين الوجهين مخالفا لما تقدم فيما إذا لم ينتقد ، فمن الشيوخ من حمل قول ابن القاسم ، وهذا إن لم ينتقد على معنى أنه يفسخ في الباقي . وأما إن انتقد فلا يفسخ يريد في هذين الوجهين ، ويكون قول ابن القاسم موافقا لقول غيره . [ ص: 58 ]

ومنهم من رأى أن مذهب ابن القاسم الفسخ مطلقا ، ويكون قول الغير خلافا ، وهذا تأويل ابن يونس ، فإنه قال هذا الذي ذكره غير موافق قول ابن القاسم إلا قوله إذا أشبه قول ربها أو أشبه ما قالا إن المكتري يلزمه أن يسكن ما أقر به المكري ، فهذا يخالف فيه ابن القاسم ، ويرى أنهما يحلفان ويفسخ في بقية المدة ; لأنها كسلعة لم تقبض ، والله أعلم طفي فالتردد خاص بإتيانهما بما يشبه أو أشبه المكري وحده وما عدا هاتين لا فرق فيه بين النقد وعدمه ، هكذا النقل في المدونة وغيرها ، وقد حرر " ح " ، المسألة وتبعه عج والمحل للتأويلين ، والله أعلم .




الخدمات العلمية