الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 36 - 37 ] والجرح : كالنفس في الفعل ، والفاعل ، والمفعول ، إلا ناقصا جرح كاملا

التالي السابق


( والجرح ) بضم الجيم ، أي الجناية على ما دون النفس بإبانة طرف أو كسر عضو أو إذهاب منفعة أو جرح ، وعبر عنها بالجرح لأنه الغالب . البناني هذه العبارة في غاية الحسن والرشاقة ، والمراد بالجرح ما دون النفس ، فيشمل القطع والكسر والفقء وإتلاف المعاني من السمع ونحوه ، وإن خالفته اللغة والاصطلاح . ابن عرفة متعلق الجناية غير نفس إن أبانت بعض الجسم فقطع ، وإلا فإن أزالت اتصال عظم لم يبن فكسر ، وإلا فإن أثرت في الجسم فجرح وإلا فإتلاف منفعة أي القصاص به ( ك ) القصاص بقتل ( النفس في ) شرط ( الفعل ) وهو كونه عمدا عدوانا ( و ) شرط ( الفاعل ) وهو كونه مكلفا غير حربي ولا زائد حرية أو إسلام ( و ) شرط ( المفعول ) وهو كونه معصوما من الرمي للإصابة . واستثنى من قوله والفاعل فقال ( إلا ) شخصا ( ناقصا ) برقية أو كفر ( جرح ) إنسانا ( كاملا ) بحرية وإسلام فلا يقتص منه ، لأنه كالأشل والسليم ، هذا هو المشهور عن [ ص: 38 ] الإمام مالك " رضي الله عنه " ، وبه قال الفقهاء السبعة رضي الله عنهم وعليه عمل أهل المدينة رضي الله تعالى عنهم .

وقال ابن عبد الحكم يخير الحر المسلم بين القصاص والدية . وقيل يتعين القصاص ، وصحح الحط يعني أن الناقص إذا جرح الكامل ، فإنه لا يقتص منه كجرح العبد الحر والكافر المسلم هذا هو المشهور في المذهب ، وعليه اقتصر صاحب الرسالة ، وروى ابن القصار عن مالك " رضي الله عنه " وجوب القصاص . ابن الحاجب قيل : إنه الصحيح ، وروي يجتهد السلطان ، وروي أنه يوقف ، وروي أن المسلم يخير في القصاص والدية وخرجوها في العبد ، وعلى المشهور ، فإن برئ المجروح على غير شين فلا شيء على الجارح إلا الأدب إلا ما له دية مقدرة كالجائفة ، وإن برئ على شيء فهو في رقبة العبد وذمة النصراني .

في النوادر عن ابن المواز مالك " رضي الله عنه " ليس للمسلم إلا الدية في الجراح بينه وبين الكافر والعبد ، وإذا جرح الذمي أو العبد مسلما عمدا فبرئ بغير شين فليس عليه غير الأدب ، وإن برئ على شين من جرح العبد فهو في رقبته ا هـ . يريد إلا الجراح المقدرة فديتها في رقبته . ابن المواز مالك إن جنى حر على عبد فينظر إلى نقصه يوم برئه أن لو كان هذا يوم الجناية لا يوم البرء مع الأدب ، يريد في العمد ، ولو برئ على غير شين فلا شيء غير الأدب في الحر والعبد ، إذ لا قصاص بين حر وعبد ، وإن جنى عبد على حر نظر إلى ديته بعد برئه في العمد والخطأ ، فهو في رقبة العبد إلا أن يفدي بذلك وفي العمد الأدب وإن برئ الحر على غير شين فلا شيء فيه إلا الأدب وإن برئ على شين ففي رقبة العبد




الخدمات العلمية