الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 288 ] والقيام به : وإن علمه من نفسه : كوارثه ، وإن بعد موته [ ص: 289 ] من ولد وولده ، وأب ، وأبيه ; ولكل القيام . وإن حصل من هو أقرب

التالي السابق


( ول ) لشخص ( المقذوف القيام به ) أي حد قاذفه إن علم براءة نفسه مما قذفه به ، بل ( وإن علمه ) أي المقذوف المقذوف به حصل ( من نفسه ) لأن القاذف أفسد عرضه وكشف ستره وليس لقاذفه تحليفه أنه ما صدر منه ما قذفه به . قال في المدونة ومن قذف رجلا بالزنا فعليه الحد ، وليس له أن يحلف المقذوف أنه ليس بزان وإن علم المقذوف من نفسه أنه قد زنى فحلال له أن يحده . اللخمي وقال محمد بن عبد الحكم لا يحل له أن يقوم بحقه ، وقال ابن القاسم في سماع أبي زيد إذا كان المقذوف يعلم أن القاذف رآه فلا يحل له أن يقوم به ، وقول ابن عبد الحكم أحسن لقوله تعالى { والذين يرمون المحصنات } ، وهذا ليس بمحصن .

وشبه في استحقاق القيام بحد القاذف فقال ( كوارثه ) أي المقذوف الذي مات قبل حد قاذفه بلا عفو عنه ولا إيصاء بالقيام به لغيره فله القيام به ، ولو منعه من الإرث مانع كرق وقتل وكفر ، هذا قول ابن القاسم إن كان قذفه في حياته ، بل ( وإن قذفه بعد الموت ) فلوارثه القيام بحده للحوق المعرة له . ابن عرفة وفيها من قذف ميتا فلولده وإن سفل ، ولأبيه وإن علا القيام بذلك ، والأبعد كالأقرب ، وليس للإخوة وسائر العصبة مع هؤلاء قيام ، فإن لم يكن أحد من هؤلاء فللعصبة القيام وللأخوات والجدات القيام إلا أن يكون له ولد ، وإن مات ولا وارث له وأوصى بالقيام بقذفه فلوصيه القيام به .

اللخمي إن مات المقذوف وقد عفا فلا قيام لوارثه ، وإن أوصى بالقيام به لم يكن لوارثه عفو ، فإن لم يعف ولم يوص فالحق لوارثه العاصب من انفرد به من عاصب فله القيام به ، ثم ذكر لفظها المتقدم ثم قال فأدخل النساء والعصبة في القيام . وفي كتاب محمد أما الإخوة والبنت والجدات وغير أب وابن فلا قيام له إلا أن يوصيه فأسقط الإخوة [ ص: 289 ] والعصبة وسائر النساء . وقال أشهب ذلك للأقرب فالأقرب ، وأما بنت البنت والزوجة فلا .

وبين وارثه الذي له القيام بحد قاذفه في حياته أو بعد موته فقال ( من ولد ) للمقذوف شمل البنين والبنات ( وولده ) أي الولد شمل بني الابن وبناته وإن سفل ولد الولد ( وأب ) للمقذوف ( وأبيه ) أي الأب وإن علا ، وأفهم اقتصاره على الولد وولده والأب وأبيه أنه لا قيام به للإخوة والأخوات وسائر العصبات ولا للزوج والزوجة والنساء ، وهذا نحو ما في كتاب محمد إلا في إدخال البنات وبنات الابن . طفي والأولى المشي على ما في المدونة .

( ولكل ) من الولد وولده والأب وأبيه ( القيام به ) أي حد قاذف المورث إن كان أعلى درجة من غيره أو مساويا له ، بل ( وإن حصل ) أي وجد ( من هو أقرب منه ) أي القائم كابن الابن مع الابن والأب معهما والجد معهم وقد تقدم قولها والأبعد كالأقرب




الخدمات العلمية