الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم المعتق كما تقدم ، ثم بيت المال ،

التالي السابق


( ثم ) إن لم يكن للميت عاصب نسب وكان عتيقا فعاصبه ( المعتق ) له بكسر التاء ذكرا كان أو أنثى ( كما تقدم ) في فصل الولاء من تقديم المعتق ثم عصبته من النسب ثم معتق المعتق ثم عصبته منه وهكذا ( ثم ) إن لم يكن للميت عاصب ولاء فيرثه ( بيت المال ) فإن لم يكن له صاحب فرض فيرث بيت المال جميع ماله وإن كان ولم يستغرق فيرث الباقي ، هذا هو المشهور عن مالك والشافعي رضي الله تعالى عنهما وهو أصح الروايتين عن زيد رضي الله عنه .

الحط أطلق بيت المال عن تقييده بصرفه في مصارفه تبعا لظاهر كلام ابن الحاجب ، [ ص: 632 ] حيث قال وإن لم يكن وارث فبيت المال على المشهور ، وقيل لذوي الأرحام . وعن ابن القاسم يتصدق به إلا أن يكون الوالي كعمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه ، فأطلق القول الأول الذي جعله المشهور ، وظاهره أن التقييد بصرفه في مصارفه خلاف المشهور ، وقبل ابن عبد السلام والمصنف كلامه وتبعه هنا ، فأطلق بيت المال والذي ذكره غير واحد من أهل المذهب تقييده بذلك ، ففي المنتقى من مات ولا وارث له ، فعن ابن القاسم يتصدق بما ترك إلا أن يكون الوالي يخرجه في وجهه مثل عمر بن عبد العزيز فليدفع إليه وكذا من أعتق نصرانيا فمات النصراني ولا وارث له فليتصدق بماله ، ولا يجعل في بيت المال ; لأن الوالي ليس له الاستبداد به ولا صرفه في غير وجوه البر ، فإن كان لا يصرفه فيها ساغ لمن هو بيده أن يصرفه فيها .

ثم قال الحط وذكر ابن يونس كلام مالك رضي الله عنه المتقدم واقتصر عليه ، وكذا ابن رشد . ابن عرفة بعد كلام ابن الحاجب أبو عمر في كافيه من لم يكن له عصبة ولا ولاء فبيت مال المسلمين إذا كان موضوعا في وجهه ولا يرد إلى ذوي الأرحام ولا إلى ذوي السهام ، وفي تعليقه الطرطوشي إنما يكون لبيت المال في وقت يكون الإمام فيه عادلا وإلا فليرد إلى ذوي الأرحام ، ثم قال الحط وفي عمدةابن عساكر المذهب أن ما أبقت الفروض يكون عند عدم العاصب لبيت المال ، وأنه وارث من لا وارث له ، فإن لم يكن فللمساكين ولا يرد على ذوي السهام ولا يورث ذوو الأرحام ، وقيل بل يورث بالرد والرحم .

وفي الإرشاد المذهب أن ما أبقت الفروض فلأولى عصبة ، فإن لم يكن فللموالي ، فإن لم يكن فلبيت المال ، فإن عدم فللفقراء والمساكين لا بالرد ولا بالرحم وورثهما المتأخرون . الشيخ سليمان البحيري في شرح الإرشاد نحو عبارة العمدة ، ثم قال حكى صاحب عيون المسائل اتفاق شيوخ المذهب بعد المائتين علىتوريث ذوي الأرحام والرد على ذوي السهام . تت في شرح الإرشاد المراد بقوله إن عدم أن لا يصرف في وجوهه .

ابن يونس أنا أستحب في زماننا هذا إذا لم يكن له وارث معروف وأقر بماله [ ص: 633 ] لشخص أن المقر له أولى من بيت المال ، إذ ليس ثم بيت مال للمسلمين يصرف ماله في مواضعه ، فإن لم يكن بيت مال فأولو الأرحام أولى ، لا سيما إن كانوا ذوي حاجة فيجب أن يتفق اليوم على توريثهم ، وإنما تكلم مالك وأصحابه رضي الله تعالى عنهم إذا كان للمسلمين بيت مال ، وإذا لم يكن بيت مال فيجب كون ميراثه لذوي رحمه ، وإلى هذا رأيت كثيرا من فقهائنا ومشايخنا يذهبون ، ولو أدرك مالك وأصحابه رضي الله تعالى عنهم مثل زماننا هذا لجعلوا الميراث لذوي الأرحام إذا انفردوا أو الرد على من يجب له الرد من ذوي السهام ، ثم قال وقال ابن الفرس في أحكام القرآن ، فإن لم يكن بيت مال فالفقراء . وقال ابن ناجي فإن الإمام غير عدل فقال مالك رضي الله عنه يتصدق بخمس الركاز ولا يدفع إلى من يعبث به وكذلك العشر وما فضل من المال عن الورثة ، ولا أعرف اليوم بيت مال ، وإنما هو بيت ظلم . ا هـ . فكلامهم يبين أن بيت المال معدوم في زماننا ، والله أعلم .




الخدمات العلمية