الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
. وإعادة جماعة بعد الراتب [ ص: 367 - 368 ] وإن أذن ، وله الجمع إن جمع غيره قبله ، إن لم يؤخر كثيرا

التالي السابق


( و ) كره ( إعادة ) أي صلاة ( جماعة بعد ) صلاة الإمام ( الراتب ) للمحل الذي جرت العادة بصلاة الجماعة فيه وجزم المصنف بالكراهة تبعا للرسالة والجلاب . وعبر ابن بشير واللخمي وغيرهما بالمنع وهو ظاهر قولها ولا تجمع صلاة في مسجد مرتين إلا مسجدا ليس له إمام راتب . ونسب أبو الحسن الجواز لجماعة من أهل العلم ابن ناجي محل الخلاف إذا صلى الراتب في وقته المعلوم ، فلو قدم عن وقته وجاءت الجماعة في الوقت المعلوم فلهم الجمع فيه . [ ص: 367 ] ومفهوم بعد الراتب فيه تفصيل فإن كانت صلاة الجماعة قبله فهي مكروهة الصلاة بعده فهي محرمة بلا خلاف . وإن رتب أئمة للصلاة في جهات المسجد الأربعة كما في المسجد الحرام أو في جهة واحدة بمحلين كما في مسجد المدينة المنورة بأنوار ساكنها صلى الله عليه وسلم فإن كانوا يصلون دفعة واحدة فهذا حرام بإجماع المسلمين لم يقل بجوازه أحد منهم من صحت عقيدته ولا من فسدت لتأديته للتخليط ولمخالفته للأحاديث الصحيحة وإجماع الأمة من زمنه صلى الله عليه وسلم إلى زمن حدوث هذه البدعة في القرن السادس ، وإن كانوا يتعاقبون كما هو الواقع الآن بالمسجدين الأشرفين فاختلف المتأخرون فمنهم من أفتى بالكراهة ، ومنهم من أفتى بالجواز محتجا بأن مواضعهم كمساجد متعددة وبتقرير أولياء الأمور . ومنهم من أفتى بالمنع محتجا بأن الذي اختلف الأئمة فيه إنما هو مسجد له راتب صلى فيه ثم بعد فراغه جاءت جماعة أخرى فأرادوا إقامة تلك الصلاة جماعة فهذا موضع الخلاف .

وأما حضور جماعتين أو أكثر في مسجد واحد ثم تقام الصلاة فيتقدم الإمام الراتب يصلي وأولئك جلوس من غير ضرورة تدعوهم لذلك تاركون إقامة الصلاة مع الراتب متشاغلون بالنفل أو الحديث أو المطالعة ، حتى تنقضي صلاة الإمام الأول ثم يقوم الذي يليه وتبقى جماعة أخرى على نحو ما ذكرنا ثم يقوم الذي يليه . كذلك فالأئمة مجمعون على أن هذه الصلاة لا تجوز . واحتجاجه بأن البقاع كمساجد مخالف لقوله تعالى { فلا يقربوا المسجد الحرام } وقوله تعالى { من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى } وقوله تعالى { لمسجد أسس على التقوى } وقوله صلى الله عليه وسلم { صلاة في مسجدي هذا إلخ ، وصلاة في المسجد الحرام إلخ } . وتقرير ولي الأمر ما خالف الإجماع لا يلتفت إليه كإذنه لمالكي في التوضؤ بالنبيذ أو شربه أو [ ص: 368 ] بيعه أو ترك الفاتحة في الصلاة أو نكاح بلا ولي . ولم يأذن الشارع بتعدد الجماعة في حال القتال الذي يعظم فيه الخوف ، ويشتد فيه الهول ، وتتلاطم فيه الصفوف ، وتتخالف فيه السيوف ، بل أمر بقسم القوم وصلاتهم بإمام واحد متعاقبين ، وألف هؤلاء المانعون في هذه النازلة تآليف عظيمة ، وذكروا فيها أدلة كثيرة وردوا على المجيزين ، وشنعوا عليهم غاية التشنيع ، حتى رجعوا عن إجازتهم لما رأوا ذلك انظر الحطاب وإعادة الجماعة بعد الراتب مكروهة إن لم يأذن الراتب في الجمع بل ( وإن أذن ) الراتب للجماعة الذين اجتمعوا بعد صلاته في جمعهم بعده أو قبله لأن الحق لله تعالى ولأن من أذن لغيره في أذيته لا يحل له أذيته .

( وله ) أي الراتب ( الجمع ) في محله ( إن جمع غيره ) أي الراتب في محله ( قبله ) أي الراتب بغير إذنه ( إن لم يؤخر ) الراتب الصلاة عن وقته المعتاد تأخيرا ( كثيرا ) فإن أذن لأحد في الصلاة مكانه نيابة عنه أو أخر عن عادته تأخيرا كثيرا يضر بالجماعة ، فجمعوا قبله كره له الجمع حينئذ . اللخمي من شأنه يصلي إذا غاب إمامهم فيصلي بهم في وقت الصلاة المعتاد أو بعده بيسير كان للإمام أن يعيد الصلاة لأن هذه مسابقة وتعد منه .




الخدمات العلمية