الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وشرط الاقتداء نيته ، [ ص: 377 ] بخلاف الإمام : ولو بجنازة ، إلا جمعة وجمعا ، [ ص: 378 ] وخوفا ومستخلفا : كفضل الجماعة ، واختار في الأخير : خلاف الأكثر ، ومساواة في الصلاة ، [ ص: 379 ] وإن بأداء وقضاء ، أو بظهرين من يومين ، إلا نفلا خلف فرض

التالي السابق


( وشرط ) صحة ( الاقتداء ) من المأموم بإمامه ( نيته ) أي الاقتداء بالإمام أول [ ص: 377 ] صلاته ، فلو أحرم فذا ثم نوى الاقتداء بغيره بطلت صلاته لعدم نية الاقتداء أول الصلاة فحط الشرطية قولنا أول صلاته فالمناسب التصريح به وتفريع لا ينتقل منفرد لجماعة عليه كما فعل ابن الحاجب ، فلا يقال ظاهر المصنف أن الاقتداء يتحقق خارجا بدون نيته ، وتتوقف صحته عليها كما هو شأن الشرط ، وليس كذلك إذ الاقتداء هو نية المتابعة فجعلها شرطا فيه غير صحيح . وحاصل الجواب أن الشرطية منصبة على الأولية لا على النية ، فإن نوى الاقتداء بعد إحرامه فذا في الركعة الأولى أو غيرها حصل الاقتداء فاسدا لعدم شرط صحته وهو الأولية . ( بخلاف ) نية ( الإمام ) الإمامة فليست شرطا في صحتها ولا في صحة الاقتداء به إن كان إماما بغير جنازة بل ( ولو ) كان إماما ( بجنازة ) لأن الجماعة ليست شرطا في صحتها ، وأشار بولو إلى قول ابن رشد شرط صحتها نية الإمامة لأن الجماعة شرط فيها .

فإن صليت أفذاذا أعيدت ما لم تدفن ( إلا جمعة ) فيشترط في صحتها نية الإمامة لأن الجماعة شرط فيها وكل ما كانت الجماعة شرطا فيه فنية الإمامة شرط فيه ، فإن لم ينوها بطلت عليه وعليهم لانفرادهم . العدوي لا يخفى أن النية الحكمية تكفي وهي لازمة لتقدم الإمام للإمامة في الجمعة والجمع وصلاة الخوف والاستخلاف ، فلا فائدة لاشتراطها فيها وقد يجاب بأن المراد بنيتها عدم نية الانفراد . ( و ) إلا ( جمعا ) بين مغرب وعشاء ليلة المطر ونحوه فنية الإمامة شرط في صحته لأن الجماعة شرط فيه فلا بد فيه من نية الإمامة عند إحرامهما على الظاهر . وقد تردد ابن عطاء الله في هذه النية هل محلها الأولى أو الثانية أو هما ، ولا بد فيه من نية الجمع أيضا وتكون عند الأولى مستحبة للثانية وهي واجب غير شرط فلا تبطل الصلاة بتركه . بخلاف نية الإمامة فواجب شرط فيهما . فإن تركت فيهما بطلتا . وإن تركت في الثانية بطلت فقط . العدوي هكذا الفقه وإن كان مشكلا لوقوع الأولى في وقتها مستوفية أركانها وشروطها .

البناني قوله إن تركت فيهما بطلتا فيه نظر إذ لا وجه لبطلان الأولى وإنما تبطل الثانية . [ ص: 378 ] و ) إلا ( خوفا ) أي صلاته بقسم القوم فنية الإمامة شرط في صحتها إذ الجماعة شرط فيها . فإن نوى الانفراد بطلت عليه وعليهم أفاده عبق . العدوي الصواب بطلانها على الطائفة الأولى فقط لأنها فارقت الإمام في غير محل المفارقة . وأما صلاة الإمام والطائفة الثانية فصحيحة ا هـ . وقد يوجه كلام عبق بتلاعب الإمام وإخلاله بكيفية الصلاة بانتظار الطائفة الثانية ، فالصواب كلام عبق عبد الوهاب إذا صليت صلاة الخوف بطائفتين ، فلا بد للإمام أن ينوي الإمامة لأن صلاتها على تلك الصفة لا تصح إلا جماعة ا هـ . ونقله عنه في التوضيح قاله الحط فكلام عبق هو الصواب . ( و ) إلا ( مستخلفا ) بفتح اللام فشرط صحة الاقتداء به نيته الإمامة ليميز بين ما كان عليه من المأمومية وما انتقل إليه من الإمامية . فإن لم ينوها فصلاته صحيحة غايته أنه منفرد ما لم ينو أنه خليفة الإمام مع كونه مأموما فتبطل صلاته لتلاعبه . وأما بقية المأمومين فإن اقتدوا به في الحالين بطلت وإلا فلا .

وشبه في اشتراط نية الإمامة فقال ( كفضل الجماعة ) في الصلاة فشرط حصوله للإمام نية الإمامة عند الأكثر ، ولا يشترط كونها أولا . فإن شرع في صلاة منفردا فائتم به بالغ فإن علم به ونوى الإمامة حصل الفضل لهما . وإن لم يشعر به حتى أتم أو لم ينو الإمامة حصل الفضل للمأموم لا له فله الإعادة في جماعة لتحصيل الفضل وبه يلغز إمام صلى بقوم حصل لهم فضل الجماعة ، وله الإعادة في جماعة أخرى ا هـ بن . ( واختار ) اللخمي من نفسه ( في ) هذا الحكم ( الأخير ) وهو حصول فضل الجماعة للإمام ( خلاف ) قول ( الأكثر ) أي أن نية الإمامة ليست شرطا فيه ، فإن لم ينوها حصل الفضل له أيضا العدوي وهو المعتمد . ( و ) شرط الاقتداء ( مساواة ) بين إمام ومأمومه ( في ) ذات ( الصلاة ) فلا تصح ظهر خلف عصر ولا عكسه فإن لم تحصل المساواة بطلت إن كانت المخالفة بينهما في [ ص: 379 ] الذات بل ( وإن ) كانت المخالفة ( بأداء ) لإحدى الصلاتين ( وقضاء ) للأخرى كظهر قضاء خلف ظهر أداء أو عكسه وصلاة مالكي الظهر مقتديا بشافعي فيها بعد دخول وقت العصر صحيحة لأنهما باعتبار مذهب المأموم أداء ، وباعتبار مذهب الإمام قضاء فلا مخالفة بينهما على كل من المذهبين . ( أو ب ) زمان ك ( ظهرين ) مثلا ( من يومين ) كظهر يوم الاثنين خلف ظهر يوم الخميس فلا بد من اتحاد ذات الصلاة وصفتها وزمنها على المعتمد ( إلا نفلا خلف فرض ) فيجوز كضحى خلف صبح بعد شمس ويغتفر اختلافهما بالقضاء والأداء بالأولى من اغتفار اختلافهما بالذات وركعتي نفل خلف سفرية أو أخيرتي رباعية أو أربع خلف رباعية حضرية بناء على جواز النفل بأربع .




الخدمات العلمية