الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وقيل ) ( شرط ) جواز ( الإيتار بركعة ) ( سبق نفل بعد العشاء ) ، وإن لم يكن من سنتها لتقع هي موترة لذلك الفعل . ورد بأنه يكفي كونها وترا في نفسها أو موترة لما قبلها ولو فرضا ( ويسن ) لمن وثق بيقظته ، وأراد صلاة بعد نومه ( جعله ) أي جميع وتره [ ص: 115 ] ( آخر صلاة الليل ) لخبر { اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا } مع خبر مسلم { من خاف أن لا يقوم آخر الليل فليوتر أوله ، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاته آخر الليل مشهودة } ثم إن فعله بعد نوم كان وترا وتهجدا ، وعليه يحمل كلامهم هنا ، وإلا كان وترا لا تهجدا وعليه يحمل كلامهما في النكاح أنهما متغايران ، وعلم من قولي : أي جميعه أن الأفضل تأخير كله ، وإن صلى بعضه أول الليل في جماعة وكان لا يدركها آخر الليل ولهذا أفتى الوالد رحمه الله تعالى فيمن يصلي بعض وتر رمضان جماعة ويكمله بعد تهجده بأن الأفضل تأخير كله ، فقد قالوا : إن من له تهجد لم يوتر مع الجماعة بل يؤخره إلى الليل ، فإن أراد الصلاة معهم صلى نافلة مطلقة وأوتر آخر الليل ( فإن أوتر ثم تهجد أو عكس ) أو لم يتهجد أصلا ( لم يعده ) أي لا تطلب إعادته ، فإن أعاده بنية الوتر عامدا عالما حرم عليه ذلك ، ولم ينعقد كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى لخبر { لا وتران في ليلة } وهو خبر بمعنى النهي .

                                                                                                                            وقد قال في الإحياء : صح النهي عن نقض الوتر ، ولأن حقيقة النهي التحريم ; ولأن مطلق النهي يقتضي فساد المنهي عنه إن رجع إلى عينه أو جزئه أو لازمه ، والنهي هنا راجع إلى كونه وترا ، وللقياس على ما لو زاد في الوتر على إحدى عشرة كما صح ببطلان الزيادة في العزيزي والأنوار نعم إن أعاده جاهلا أو ناسيا وقع نفلا مطلقا كإحرامه بالظهر قبل الزوال غالطا . ولا يكره التهجد بعد الوتر لكن ينبغي أن يؤخره عنه قليلا ( وقيل يشفعه بركعة ) أي يصلي ركعة ليصيره شفعا ( ثم يعيده ) ليقع الوتر آخر صلاته كما فعله جمع من الصحابة ويسمى نقض الوتر وقد تقدم أنه صح النهي عنه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : سبق نفل ) وينبغي تصويره بركعتين أو أكثر حيث كان شفعا أخذا من قول الشارح لتقع هي موترة إلخ ، وإلا فالنفل يصدق بركعة ولا يكون الإيتار بركعة شفعا له ( قوله : بيقظته ) بفتح القاف ا هـ شرح المنهج ( قوله : جعله إلخ ) وعليه فلو كان لو صلى أول الليل صلى إحدى عشرة ولو صلى آخره صلى ثلاثة ، فالظاهر أن الإحدى عشرة أولى محافظة على كمال العبادة .

                                                                                                                            ووقع السؤال في الدرس عما لو فاته الوتر وأراد صلاته هل يقدمه على صلاة الصبح أو يؤخره عنها ؟ وإذا أخره عن صلاة الصبح هل فعله قبل خروج وقت الكراهة أولى أو تأخيره إلى وقت الضحى ؟ فيه نظر .

                                                                                                                            وفي كلام بعضهم ما يقتضي أن تأخيره إلى وقت الضحى أولى كغيره من النوافل الليلية التي تفوته ، ومنها ما لو كان له ورد اعتاده ليلا ولم يفعله . ا هـ بالمعنى . أقول : ويمكن توجيهه بأنه إن فعله قبل الفرض كان من التنفل بعد الفجر وقبل فعل الفرض وهو مكروه أو بعده كان من التنفل في وقت الكراهة ، وهو لا ينعقد عند بعض المذاهب فطلب تأخيره إلى وقت لا يكره فيه التنفل اتفاقا وهو وقت الضحى .

                                                                                                                            [ فرع ] قال في الإيعاب ما حاصله : لو كان لو صلى الوتر ثلاث ركعات موصولة أدركها جميعها في الوقت [ ص: 115 ] أو مفصولة خرج بعضها صلاها موصولة . وبقي ما لو كان لو صلى خمسا أو سبعا أو تسعا أدركها في الوقت ، وإذا صلى أكثر من ذلك خرج بعضها عن الوقت هل الأفضل الاقتصار على الأقل أو لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني لتبعية ما بعد الوقت لما وقع فيه فكأنه صلاها كلها في الوقت أخذا مما ذكره سم على حج في رواتب الظهر القبلية والبعدية من أنه إذا نوى الجميع وأدرك بعضها في الوقت وقعت كلها أداء ( قوله : آخر صلاة الليل ) يؤخذ من تخصيص سن التأخير بالوتر استحباب تعجيل راتبة العشاء البعدية وقد قدمنا ما يدل له ( قوله : وإلا كان وترا ) أي بأن فعله قبل النوم ( قوله : بأن الأفضل تأخير كله ) أي ما لم يخف من تأخيره فوات بعضه ، وإلا صلى ما يخاف فوته وأخر باقيه ويكون ذلك عذرا في التقديم لما صلاه ( قوله : إلى الليل ) أي آخر الليل ، ثم رأيت في نسخة صحيحة آخر الليل ( قوله : صلى نافلة ) أي منفردا كان أو إماما .

                                                                                                                            لكن لو كان إماما وصلى وتر رمضان بنية النفل كره القنوت في حقه ( قوله : لم يعده ) أي ولو في جماعة ، وعليه فيستثنى هنا لما سيأتي أن النفل الذي تشرع فيه الجماعة يسن إعادته جماعة ، وقوله أي لا تطلب إعادته بيان لما في كلام الأصحاب ثم عقبه بما أفتى به الوالد ، فلا يقال كان الأولى أن يقول : أي لم تجز إعادته فإن أعاده إلخ ( قوله : لكن ينبغي أن يؤخره إلخ ) لعل حكمته المحافظة بحسب الظاهر على جعل الوتر آخر صلاة الليل صورة ، فإنه لما فصل بين الركعة الأخيرة وما بعدها كان ذلك كأنه ليس من صلاة الليل لفصله ، وبتقدير أنه منها ينزل ذلك منزلة من أراد الاقتصار على الوتر ثم عرض له ما يقتضي التهجد بعده .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 114 ] قوله : وأراد صلاة بعد نومه ) قال الشهاب سم : قد يقال الجعل المذكور مسنون وإن لم يرد صلاة بعد النوم ، ; لأن طلب الشيء لا يسقط بإرادة الخلاف فما وجه التقييد ؟ وقد يجاب بأنه احتراز عما لو عزم على ترك الصلاة بعد النوم ; أو لأنه لا يصدق قوله جعله آخر صلاة الليل . ا هـ .




                                                                                                                            الخدمات العلمية