الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( لا ) ( قلب ورقة بعود ) أو نحوه فإنه لا يحل ; لأنه في معنى الحمل لانتقال الورق بفعل القالب من جانب إلى آخر ( وأن ) ( الصبي المحدث لا يمنع ) من المس ولا من الحمل ، لا في المصحف ولا في اللوح ; لأنه يحتاج إلى الدراسة ، [ ص: 128 ] وتكليفه استصحاب الطهارة أمر تعظم المشقة فيه ، والثاني يجب على الولي والمعلم منعه قياسا على الصلاة ، ومحل الخلاف كما أفهمه التعليل ، وكلامهم إنما هو في الحمل المتعلق بالدراسة فشمل ذلك وسيلتها كحمله للمكتب والإتيان فيه للمعلم ليعلمه منه فيما يظهر ، فإن كان لغرض آخر أو لا لغرض منع منه جزما ، ومحل ذلك في المميز ، أما غيره فيمنع من ذلك لئلا ينتهكه ، وشمل المحدث من عليه جنابة وهو كذلك كما أفتى به المصنف ( قلت : الأصح حل قلب ورقه بعود وبه قطع العراقيون والله أعلم )

                                                                                                                            ; لأنه غير حامل ولا ماس ، وسواء في ذلك أكانت الورقة قائمة فصفحها به أم لم تكن كذلك خلافا لابن الأستاذ ومن تبعه لما في القول به من إحالة الخلاف

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وأن الصبي المحدث لا يمنع إلخ ) أي بخلاف تمكينه من الصلاة والطواف ونحوهما مع الحدث ، والفرق أن زمن الدرس يطول غالبا ، وفي تكليف الصبيان إدامة الطهارة مشقة تؤدي إلى ترك الحفز في ذلك بخلاف الصلاة ونحوها ، نعم نظير المسألة ما إذا قرأ للتعبد لا للدراسة بأن كان حافظا ، أو كان يتعاطى مقدارا لا يحصل به الحفظ في العادة . وفي الرافعي ما يقتضي التحريم فتفطن لذلك فإنه مهم ، كذا في خط ابن قاسم الغزي شارح المنهاج ، وفي سم على حج في أثناء كلام ما نصه : والوجه أنه لا يمنع من حمله ومسه للقراءة فيه نظرا وإن كان حافظا عن ظهر قلب إذا أفادته القراءة فيه نظرا فائدة ما في مقصوده كالاستظهار على حفظه وتقويته حتى بعد فراغ مد حفظه إذا أثر ذلك في ترسيخ حفظه ا هـ بحروفه . وقد يقال : لا تنافي لإمكان حمل ما في الرافعي على إرادة التعبد المحض ، وما نقله سم على ما إذا تعلق بقراءته فيه غرض يعود إلى الحفظ كما أشعر به قوله كالاستظهار ا هـ .

                                                                                                                            ( فائدة ) وقع السؤال في الدرس عما لو جعل المصحف في خرج أو غيره وركب عليه هل يجوز أم لا ؟ فأجبت عنه بأن الظاهر أن يقال في ذلك إن كان على وجه يعد إزراء به كأن وضعه تحته بينه وبين البرذعة ، أو كان ملاقيا لأعلى الخرج مثلا من غير حائل بين المصحف وبين الخرج وعد ذلك إزراء له ككون الفخذ صار موضوعا عليه حرم وإلا فلا ، فتنبه له فإنه يقع كثيرا ، ووقع السؤال في الدرس عما لو اضطر إلى مأكول وكان لا يصل إليه إلا بشيء يضعه تحت رجليه وليس عنده إلا المصحف فهل يجوز وضعه تحت رجليه في هذه الحالة أم لا ؟ فأجبت عنه بأن الظاهر الجواز معللا ذلك بأن حفظ الروح مقدم ولو من غير الآدمي على غيره ، ومن ثم لو أشرفت سفينة فيها مصحف وحيوان على الغرق واحتيج إلى إلقاء أحدهما لتخليص السفينة ألقي المصحف حفظا للروح التي في السفينة .

                                                                                                                            لا يقال : وضع المصحف على هذه الحالة امتهان ; لأنا نقول : كونه إنما فعل ذلك للضرورة مانع عن كونه امتهانا ، ألا ترى أنه يجوز السجود للصنم والتصور بصورة المشركين عند الخوف على الروح ؟ بل [ ص: 128 ] قد يقال : إنه إن توقف إنقاذ روحه على ذلك وجب وضعه حينئذ ، ويحتمل أنه لو وجد القوت بيد كافر ولم يصل إليه إلا بدفع المصحف له جاز له الدفع ، لكن ينبغي له تقديم الميتة ولو مغلظة إن وجدها على دفعه لكافر . وفي حج : ويحرم تمزيق المصحف عبثا ; لأنه إزراء به وترك رفعه عن الأرض ، وينبغي أن لا يجعله في شق ; لأنه قد يسقط فيمتهن ا هـ . وقوله وترك رفعه المراد منه أنه إذا رأى ورقة مطروحة على الأرض حرم عليه تركها ، والقرينة عليه قوله عقب ذلك وينبغي إلخ ، وليس المراد كما هو ظاهر أنه يحرم عليه وضع المصحف على الأرض والقراءة فيه خلافا لبعض ضعفة الطلبة ( قوله : لغرض آخر ) أي كالتبرك أو نقله من مكان إلى مكان ( قوله لئلا ينتهكه ) يؤخذ من العلة أنه لو كان معه من يمنعه من انتهاكه لم يحرم ( قوله كما أفتى به المصنف ) لكنه لا يتأتى فيه التعليل السابق ، إذ تكليفه الغسل من الجنابة لا مشقة فيه لعدم تكرره بل هو أولى من منعه من الصلاة بلا وضوء




                                                                                                                            الخدمات العلمية