الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولا يشتغل المسبوق ) استحبابا ( بسنة بعد التحرم ) كدعاء افتتاح أو تعوذ ( بل ) يشتغل ( بالفاتحة ) فقط إذ الاهتمام بشأن الفرض أولى ويخففها حذرا من فواتها ( إلا أن يعلم ) أي يظن ( إدراكها ) مع اشتغاله بالسنة فيأتي به استحبابا ، بخلاف ما إذا جهل أو ظن منه الإسراع وأنه لا يدركها معه فيبدأ بالفاتحة ( ولو ) ( علم المأموم في ركوعه ) أي بعد وجود أقله ( أنه ترك الفاتحة أو شك ) في فعلها [ ص: 230 ] ( لم يعد إليها ) أي لمحلها فلو عاد له عامدا عالما بطلت صلاته لفوات محلها ( بل يصلي ركعة بعد سلام الإمام ) تداركا لما فاته كالمسبوق ( فلو علم ) تركها ( أو شك ) فيه ( وقد ركع الإمام ولم يركع هو قرأها ) لبقاء محلها ( وهو متخلف بعذر ) فيأتي فيه ما مر ( وقيل يركع ويتدارك بعد سلام الإمام ) ما فاته لأجل المتابعة ، ويأتي ذلك في كل ركن علم المأموم تركه أو شك فيه بعد تلبسه بركن بعده يقينا فيوافق إمامه ويأتي بدله بركعة بعد سلام الإمام ، وظاهر ذلك أنه لو شك في جلوسه للاستراحة أو في نهوضه للقيام في أنه سجد عاد له وإن كان إمامه قائما ، ويظهر أن جلوس التشهد الأول كجلوس التشهد الأخير لكونه على صورته نظير ما مر آنفا .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : فيبدأ ) أي ندبا ( قوله : أي بعد وجود أقله ) أي بخلاف ما لو علم ذلك أو شك فيه [ ص: 230 ] في الهوي قبل وصوله إلى أقل الركوع فإنه يجب عليه العود كما لو كان إلى القيام أقرب .

                                                                                                                            ( قوله : لم يعد إليها ) فلو علم الإمام أو المصلي منفردا ذلك وجب عليهما العود كما تقدم في ركن الترتيب ، لكن إذا عاد الإمام فهل يعود المأمومون معه أو ينتظرونه أو يفارقونه بالنية أم كيف الحال .

                                                                                                                            ثم رأيت بهامش نقلا عن الرملي بخط بعض الفضلاء ما نصه : أما إمام اعتدل من الركوع فشك في قراءة الفاتحة في القيام فيلزمه الركوع إلى القيام بقصده لأجل قراءة الفاتحة .

                                                                                                                            لأن الأصل عدم قراءتها ، وأما حكم المأمومين الذين تلبسوا بالاعتدال مع الإمام فهل ينتظرونه في الاعتدال ويغتفر تطويله للضرورة ولا يركعون معه إذا ركع بعد القراءة ، أم يحكم عليهم بأنهم في القيام معه حتى يلزمهم أن يركعوا معه إذا ركعها ثانيا لأجل المتابعة ، أم يسجدوا قبله وينتظرونه فيه ولا يضر سبقهم له بركنين لأجل الضرورة ، أم كيف الحال ؟ قال شيخنا الرملي بالأول ، ويغتفر التطويل في الاعتدال للضرورة ، ثم رجع عن ذلك واعتمد أنهم ينتظرونه في السجود ويغتفر سبقهم بركنين للضرورة ، وهذا هو الأصح لأنه ركن طويل ا هـ .

                                                                                                                            أقول : وهذا مفروض كما ترى فيما إذا لم يعلموا من حال الإمام شيئا لبعدهم عنه أو لكونها سرية ، أما لو علموا منه ترك الفاتحة فينتظرونه في السجود ، ثم رأيت ما نقل عن الشيخ الرملي في حج بعد قول المصنف وتصح قدوة المؤدي بالقاضي إلخ .

                                                                                                                            ( قوله : لفوات محلها ) أي فلو استمر متابعا للإمام ثم تذكر بعد قيامه للثانية أنه قرأ الفاتحة في الأولى حسب سجوده وتمت به ركعته وإن كان فعله على قصد المتابعة ، وهذا بخلاف ما لو شك الإمام أو المنفرد بعد الركوع ولم يعودا للقيام بل سعيا على نظم صلاة أنفسهما فإن صلاتهما تبطل بذلك إن كانا عالمين بالحكم ، فإذا تذكرا القراءة بعد ذلك لا ينفعهما التذكر لبطلان صلاتهما بفعلهما السابق ، فلو كان ذلك سهوا أو جهلا حسب وتمت صلاتهما بذلك ثم رأيته مصرحا به في شرح الروض .

                                                                                                                            ( قوله : ولم يركع هو ) أي أو ركع وكان للقيام أقرب منه إلى الركوع أو إلى الركوع أقرب كما أفهمه قول الشارح : أي بعد وجود أقله .

                                                                                                                            ( قوله : ويأتي بدله بركعة بعد سلام الإمام ) شمل ذلك ما لو شك في السجدة الثانية أو طمأنينتها ، وقد جلس مع الإمام للتشهد أو شك في طمأنينة السجدة الأولى بعد جلوسه معه بين السجدتين ، فيوافق الإمام فيما هو فيه ويأتي بركعة بعد سلامه ، وأظن أنه مر للشارح في ركن الترتيب ما يخالفه فليراجع . وعبارة حج هنا بعد قوله يقينا : أي وكان في التخلف له فحش مخالفة ، ثم مثل بعد ذلك بأمثلة إلى أن قال : ولو كان شكه في السجود في الركعة الأخيرة فهل جلوسه للتشهد الأخير كقيامه فيما ذكر أو بفرق بأنه في صورة القيام قد تلبس بركن يقينا ، إلى أن قال : وهذا أي الفرق أقرب ا هـ باختصار .

                                                                                                                            ( قوله : في أنه سجد ) أي أم لا . ( قوله : وإن كان إمامه قائما ) أي لأن المأموم لما لم ينتقل إلى ركن آخر عد كأنه في [ ص: 231 ] السجود



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قول المتن ولا يشتغل المسبوق إلخ ) المراد بالمسبوق هنا من لم يدرك تحرم الإمام ، وليس المراد به من لم يدرك زمن الفاتحة بدليل قوله إلا أن يعلم إدراكها ، نبه عليه الشهاب سم [ ص: 230 ] ويظهر أن جلوس التشهد الأول كجلوس التشهد الأخير لكونه على صورته نظير ما مر آنفا ) انظر ما موقع هذا هنا وما المراد بما مر آنفا ، وهو ساقط في بعض النسخ وفي حواشي التحفة للشهاب حج [ ص: 231 ] ما نصه : قوله : ويتجه في جلوس التشهد ، كذا في شرح م ر ، وقضيته أن من شك في جلوس التشهد الأول أو الأخير في السجود لم يعد له وهو ممنوع مخالف لما في الحاشية عن الروض انتهى .

                                                                                                                            ومراده بما مر في الحاشية ما ذكره في قوله قبل هذه عن الروض في صلاة الجمعة أنه لو شك مدرك الركعة الثانية مع الإمام قبل السلام هل سجد مع الإمام سجد وأتمها جمعة . انتهى . لكن الذي كتب عليه الشهاب المذكور من قول التحفة : ويتجه إلخ لم أره فيها فلعله في بعض نسخها ، وإنما الذي فيها أنه لو كان شكه في السجود في الركعة الأخيرة فهل جلوسه للتشهد الأخير كقيامه : أي فيمتنع عليه العود للسجود واستقرب أنه ليس كقيامه وفرق بينهما ، فلعله ذكر بعد ذلك في بعض النسخ قوله ويتجه إلخ ، لكن الشارح لم يقدم ذلك فلتراجع نسخة صحيحة .




                                                                                                                            الخدمات العلمية