الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            فقال ( وسننه ) أي الوضوء : أي من سننه .

                                                                                                                            وقد ذكر في الطراز أنها نحو خمسين سنة ، وما دل عليه ظاهر كلام المصنف من الحصر محمول على الإضافي باعتبار المذكور هنا ( السواك ) وهو في اللغة : الدلك وآلته .

                                                                                                                            وفي الشرع : استعمال [ ص: 178 ] عود أو نحوه كأشنان في أسنان وما حولها لقوله عليه الصلاة والسلام { لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء } وفي رواية { لفرضت عليهم السواك مع كل وضوء } وسواء في استحبابه له أكان حال شروعه فيه أم في أثنائه قياسا على ما سيأتي في التسمية ، وبدؤه بالسواك يشعر بأنه أول السنن وهو ما جرى عليه جمع ، وجرى بعضهم على أن أولها غسل كفيه ، والأوجه أن يقال : أول سنته الفعلية المتقدمة عليه السواك ، وأول الفعلية التي منه غسل كفيه .

                                                                                                                            وأول القولية التسمية ، فينوي معها عند غسل كفيه بأن يقرنها بها عند أول غسلهما ثم يتلفظ بها سرا عقب التسمية ، فالمراد بتقديم النية على غسل الكفين الواقع في كلامهم تقديمها على الفراغ منه ، وبما تقرر يندفع ما قيل قرنها بها مستحيل لندب التلفظ بها ، ولا يعقل التلفظ مع التسمية ولا يختص طلبه بالوضوء فيسن لكل غسل أو تيمم وإن لم يصل به ، وسن كونه ( عرضا ) أي عرض الأسنان ظاهرها وباطنها ، وكيفية ذلك أن يبدأ بجانب فمه الأيمن [ ص: 179 ] ويذهب إلى الوسط ثم الأيسر ويذهب إليه ، ويكره طولا لأنه قد يدمي اللثة ويفسدها إلا في اللسان ، فيسن فيه ، والكراهة لا تنافي الإجزاء ، وكذا يقال في الاستياك بالمبرد فيكره لإزالته جزءا ، وقد يحرم كأن فعله بضار ، ويجزئ في الحالتين لحصول المقصود من إزالة القلح به .

                                                                                                                            ويسن غسله للاستياك به ثانيا إن علق به قذر ، ويندب بلع الريق أول الاستياك ويحصل ( بكل خشن ) بشرط أن يكون طاهرا فلا يكفي النجس فيما يظهر لقوله صلى الله عليه وسلم { السواك مطهرة للفم } وهذا منجسة له ، ويسن أن يكون بيمينه وإن كان لإزالة تغير لأن اليد لا تباشره ، وبه يفرق بينه وبين ما مر في نحو الاستنثار ، وخرج بما ذكر المضمضة بنحو ماء الغاسول وإن أنقى الأسنان وأزال القلح لأنها لا تسمى سواكا بخلافه بالغاسول نفسه ، وأولاه الأراك ، [ ص: 180 ] فالنخل فذو الريح الطيب فاليابس المندى بالماء فبماء الورد فبغيره كالريق فالعود ، ويسن السواك بالزيتون لأنه من شجرة مباركة ، وورد { هي سواكي وسواك الأنبياء من قبلي } وحينئذ فيظهر كونه بعد النخل ، ولا يكره بسواك غيره بإذنه ، ويحرم بدونه إن لم يعلم رضاه به ( إلا أصبعه ) ولو خشنة فلا تكفي ( في الأصح ) لأنها جزء منه فلا تحسن أن تكون سواكا ، والثاني واختاره المصنف في المجموع إجزاؤها بالخشنة .

                                                                                                                            أما أصبع غير المتصلة الخشنة فتجزئ ، فإن كانت منفصلة ولو منه فالأوجه عدم إجزائها وإن قلنا بطهارتها كالاستنجاء بجامع الإزالة كما بحثه البدر بن شهبة فقد قال الإمام : والاستياك عندي في معنى الاستجمار انتهى .

                                                                                                                            وإن جرى بعض المتأخرين على إجزائها ، ونبه في الدقائق على زيادة المستثنى والمستثنى منه على المحرر ( ويسن للصلاة ) ولو نفلا أو سلم من كل ركعتين أو كان فاقد الطهورين أو كان متيمما أو صلى على جنازة ولسجدة تلاوة ، [ ص: 181 ] وإن استاك للقراءة أو شكر لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم { ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بلا سواك } والمعتمد تفضيل صلاة الجماعة وإن قلنا بسنيتها على صلاة المنفرد بسواك لكثرة الفوائد المترتبة عليها إذ هي سبع وعشرون فائدة ، وحينئذ فلا تعارض بين الخبر المذكور وخبر صلاة الجماعة ، لأن الدرجات المترتبة على صلاة الجماعة قد تعدل الواحدة منها كثيرا من الركعات بسواك ، ولو نسيه ثم تذكره تداركه بفعل قليل كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى وهو ظاهر خلافا للزركشي ، لأن الصلاة وإن كان الكف مطلوبا فيها لكنه عارضه طلب السواك لها وتداركه فيها ممكن .

                                                                                                                            ألا ترى طلب الشارع دفع المار فيها والتصفيق بشرطه وجذب من وقف عن يساره إلى يمينه مع كون ذلك فعلا ، فالقول بعدم التدارك معللا بما مر ليس بشيء ، والأوجه أنه يندب لها وإن استاك للوضوء ولم يتغير فمه وقرب الفصل .

                                                                                                                            ويسن للطواف ولو نفلا ( وتغير الفم ) أي نكهته بنحو نوم وسكوت وأكل كريه ، وأفهم تعبيره بالفم دون السن ندبه لتغير فم من لا سن له وهو كذلك ، إذ يسن له الاستياك مطلقا ويتأكد له عندما يتأكد لغيره كقراءة قرآن [ ص: 182 ] أو حديث أو علم شرعي ، وبحث الزركشي كونه قبل التعوذ للقراءة ( ولا يكره ) بحال ( إلا للصائم بعد الزوال ) وإن كان نفلا لخبر الصحيحين { لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك } والخلوف بضم الخاء : تغير رائحة الفم ، والمراد الخلوف بعد الزوال لخبر { أعطيت أمتي في رمضان خمسا ، ثم قال : وأما الثانية فإنهم يمسون وخلوف أفواههم أطيب عند الله من ريح المسك } والمساء بعد الزوال فخصصنا عموم الأول الدال على الطيب مطلقا بمفهوم هذا ، ولأنه أثر عبادة مشهود له بالطيب فكره إزالته كدم الشهيد ، وإنما لم يحرم كما حرمت إزالة دم الشهيد لمعارضته في الصائم بتأذيه وغيره برائحته فأبيح له إزالته ، حتى أن لنا قولا اختاره النووي في مجموعه تبعا لجماعة إنها لا تكره ، بخلاف دم الشهيد فإنه لم يعارضه في فضيلته شيء ، ولأن المستاك متصرف في نفسه ، وإزالة دم [ ص: 183 ] الشهيد تصرف في حق الغير ولم يأذن فيه .

                                                                                                                            نعم نظير دم الشهيد أن يسوك مكلف صائما بعد الزوال بغير إذنه ، ولا شك كما قاله في الخادم في تحريمه ، واختصت الكراهة بما بعد الزوال لأن التغير بالصوم إنما يظهر حينئذ ، بخلافه قبله فيحال على نوم أو أكل في الليل أو نحوهما .

                                                                                                                            ويؤخذ من ذلك أنه لو واصل وأصبح صائما كره له قبل الزوال كما قاله الجيلي ، وتبعه الأذرعي والزركشي ، وجزم به الغزي كصاحب الأنوار وهو المعتمد ، وظاهر كلامهم أنه لا كراهة قبل الزوال ولو لمن لم يتسحر بالكلية ، وهو الأوجه ، ويوجه بأن من شأن التغير قبل الزوال أنه يحال على التغير من الطعام ، بخلافه بعده فأناطوه بالمظنة من غير نظر إلى الأفراد كالمشقة في السفر ، وعلم من إطلاق المصنف أنه لا يستاك بعد الزوال لصلاة أو نحوها ، إذ لو طلب منه ذلك لزم أن لا خلوف غالبا إذ لا بد من مجيء صلاة بعد الزوال .

                                                                                                                            نعم إن تغير فمه بعده بنحو نوم استاك لإزالته كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، ولو أكل الصائم ناسيا بعد الزوال أو مكرها أو موجرا ما زال به الخلوف أو قبله ما منع ظهوره وقلنا بعدم فطره وهو الأصح فهل يكره له السواك أم لا لزوال المعنى ؟ قال الأذرعي : إنه محتمل وإطلاقهم يفهم التعميم ، ولا يجب السواك على من تنجس فمه بدسومة إذ الواجب إزالتها بسواك أو غيره .

                                                                                                                            ومن فوائد السواك أنه يطهر الفم ويرضي الرب ويطيب النكهة ويبيض الأسنان ويشد اللثة ويسوي الظهر ويبطئ الشيب ويضاعف الأجر ويذكي الفطنة ويصفي الخلقة ويسهل النزع ويذكر الشهادة عند الموت

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : أي من سننه ) هذا علم من قوله قبل على بعض سننه وكأن الحامل على ذكره بيان الطريق المفيدة لذلك ( قوله : وهو في اللغة الدلك ) في حج قبل هذا : وهو مصدر ساك فاه يسوكه ا هـ .

                                                                                                                            وعليه فهو مشترك بين المصدر والآلة ، وقوله مصدر يجوز أنه سماعي ، وإلا فقياس مصدر ساك سوكا بالسكون لأن فعلا قياس مصدر الثلاثي المتعدي .

                                                                                                                            هذا وعبارة المختار : السواك : المسواك .

                                                                                                                            قال أبو زيد : جمعه سوك بضم الواو مثل كتاب وكتب وسوك فاه تسويكا .

                                                                                                                            وإذا قلت استاك أو تسوك لم تذكر الفم .

                                                                                                                            وفي المصباح أنه يجمع على سوك بالسكون والأصل بضمتين انتهى : أي فلما استثقلت الضمة على الواو حذفت .

                                                                                                                            وقضيته أن الاستعمال بالسكون لا غير ، وفيه قال ابن دريد : سكت الشيء أسوكه سوكا من باب قال : إذا دلكته ، فقول حج : وهو مصدر ساك فاه ، لم يرد أن المصدر مقصود عليه ، بل مراده أن هذا الاسم استعمل مصدرا كما استعمل اسما للآلة . [ فائدة ] قال في الأوائل : أول من استاك إبراهيم الخليل وسيأتي في الشرح : { هي ، أي شجرة الزيتون ، سواكي وسواك الأنبياء من قبلي } [ ص: 178 ]

                                                                                                                            وبذلك يعلم أنه ليس من خصوصيات هذه الأمة بل هو مشترك بين نبينا وسائر الأنبياء ، والأصل أن ما ثبت لنبي ثبت لأمته ، إلا ما خرج بدليل فيدخل فيه سائر أمم الأنبياء ، هذا وقوله صلى الله عليه وسلم { وسواك الأنبياء من قبلي } قد يفيد عمومه لسائرهم وهو مخالف لما تقدم عن الأوائل من أن أول من استاك إبراهيم ، إلا أن يقال : المراد بسواك الأنبياء أنه سواك مجموعهم لا كل واحد فليراجع ( قوله : في الأسنان ) زاد حج : وأقله مرة إلا إن كان لتغير فلا بد من إزالته فيما يظهر ، ويحتمل الاكتفاء بما فيه أيضا لأنها تخففه ( قوله : وما حولها ) فيه قصور إذ لا يشمل اللسان ولا سقف الحنك مع أنه يطلب فيهما ، إلا أن يقال أراد بما حولها ما يقرب منها ( قوله : لأمرتهم ) أي أمر إيجاب .

                                                                                                                            ومحله بين غسل الكفين والمضمضة ا هـ حج .

                                                                                                                            ( قوله : وفي رواية لفرضت ) فإن قلت : هو صلى الله عليه وسلم له الاستقلال بالفرض ، وإنما يبلغ ما أمر بتبليغه من الأحكام عن الله تعالى قلنا : أجيب بأنه يحتمل أنه فرض إليه ذلك بأن خيره الله بين أن يأمرهم أمر إيجاب وأمر ندب ، فاختار الأسهل لهم { وكان صلى الله عليه وسلم رءوفا رحيما } ( قوله : المتقدمة عليه ) أي وليست منه بدليل قوله بعد التي منه .

                                                                                                                            وقد يشكل بما قالوه إن محله بعد غسل الكفين ، إلا أن يقال المتقدمة عليه : أي على معظمه ، وعبارة الزيادي قوله والمراد إلخ هذا بالنسبة للسنن الفعلية التي منه ، أما بالنسبة للسنن الفعلية التي ليست منه فأوله السواك ، وأما بالنسبة للسنن القولية فأوله التسمية ، وبهذا يجمع بين الأقوال المختلفة انتهى رملي .

                                                                                                                            ومنه يعلم أن منهم من جرى على أن أوله التسمية ، وهذا لا يستفاد من كلام الشارح حيث اقتصر على قوله وجرى بعضهم على أن أولها غسل كفيه وإن أشعر الجمع بأن فيه الأقوال المذكورة ( قوله : قرنها بها ) الضمير في قرنها للنية وفي بها للتسمية ( قوله : فيسن لكل غسل إلخ ) أي وإن استاك للوضوء قبله على الأوجه وفاقا لمر انتهى سم على حج .

                                                                                                                            وينبغي أن محله فيهما عند إرادة الشروع في الغسل وإرادة الضرب في التيمم ، ويحتمل أنه في الغسل قبيل المضمضة بعد فعل ما يتقدم عليها قياسا على ما تقدم في الوضوء عن حج ( قوله : بجانب فمه الأيمن ) المتبادر من هذا أنه يبدأ بجانبه الأيمن فيستوعبه إلى [ ص: 179 ] الوسط باستعمال السواك في الأسنان العليا والسفلى ظهرا وبطنا إلى الوسط ، ويبقى الكلام حيث لم يعم السواك العليا والسفلى في حال واحدة ، هل يبدأ بالعليا فيستوعبها إلى الوسط ثم اليمنى كذلك أو بالسفلى ؟ أو يستوعب ظهر الأسنان من العليا والسفلى ثم باطنها ؟ أو كيف الحال ؟ والأقرب أنه يخير بين تلك الكيفيات لعدم المرجح ( قوله : ويذهب إليه ) هذا في ظاهر الأسنان ، أما باطنها فينبغي أن يتخير فيه بين الأيمن والأيسر لكن إطلاقه المتقدم يخالفه ( قوله : ويكره طولا ) أي في عرض الأسنان كما هو مقتضى قوله أولا : أي عرض الأسنان ، وعليه فلعل إلا في قوله الآتي إلا اللسان بمعنى غير ، إذ اللسان ليس داخلا في عبارته حتى يستثنيه ، ومقتضى تخصيص العرض بعرض الأسنان والطول باللسان أنه يتخير فيما عداهما مما يمر عليه السواك ، وينبغي أن يكون طولا كاللسان في غير اللثة ، أما هي فينبغي أن يكون عرضا لأنه علل كراهة الطول في الأسنان بالخوف من إدماء اللثة ( قوله إلا في اللسان ) ويستحب أن يمر السواك على سقف فمه بلطف وعلى كراسي أضراسه انتهى خطيب .

                                                                                                                            قلت : وينبغي أن يجعل استعماله في كراسي الأضراس تتميما للأسنان ، ثم بعد الأسنان اللسان ، وبعد اللسان سقف الحنك ( قوله : بالمبرد ) كمنبر لأنه اسم آلة ( قوله : لإزالته جزءا ) أي ولأنه قد يفضي إلى كسرها ( قوله : كأن فعله بضار ) كالنباتات السمية ( قوله : ويسن غسله ) زاد حج قبل وضعه : كما إذا أراد الاستياك به ثانيا وقد حصل به نحو ريح ( قوله ويندب بلع الريق ) ولعل حكمته التبرك بما يحصل في أول العبادة .

                                                                                                                            ويفعل ذلك وإن لم يكن السواك جديدا .

                                                                                                                            وعبارة فتاوى الشارح : المراد بأول السواك ما اجتمع في فيه من ريقه عند ابتداء السواك ا هـ ( قوله : أول الاستياك ) انظر ما المراد بأوله ، ولعله المرة التي يأتي بها بعد أن كان تاركا له ( قوله : فلا يكفي النجس ) خلافا حج .

                                                                                                                            وقد يفرق بين عدم إجزاء النجس وإجزاء الضار كالنباتات السمية والمبرد مع أن الأول منهما محرم والثاني مكروه بأن استعمال النجس مناف للحديث على ما ذكره الشارح ، بخلاف غيره فإن الحرمة أو الكراهة فيه لأمر خارج لا ينافي مقصود السواك ، وعلى ما ذكره حج من إجزاء النجس يمنع منافاته للحديث بأن المراد بالطهارة فيه الطهارة اللغوية ، وكتب أيضا قوله فلا يكفي النجس : أي ابتداء ، وأما لو استعمل السواك فدميت لثته فلا يحرم استعماله ( قوله : مطهرة ) ضبطها شيخ الإسلام كالمحلي بالفتح والكسر ، وانظر ما وجه فتحها مع أنه اسم آلة والقياس الكسر ، وقد يوجه الفتح بأنه مصدر ميمي : أي السواك طهارة للفم ، ثم رأيته في حج ونصه : مطهرة أي بكسر الميم وفتحها مصدر ميمي بمعنى اسم الفاعل من التطهير أو اسم للآلة انتهى ( قوله : لإزالة تغير ) ويتجه الكراهة إذا استاك لإزالة نجاسة احتاج للسواك في إزالتها كالدسومة النجسة انتهى قم .

                                                                                                                            وقضية التعليل بأن اليد لا تباشره أنه لا فرق ( قوله : في نحو الاستنثار ) بالمثناة كما في المختار ( قوله : وأولاه الأراك ) قال حج : للاتباع مع ما فيه من [ ص: 180 ] طيب طعم وريح وتشعيرة لطيفة تنقي ما بين الأسنان ، ظاهره أنه مقدم بسائر أقسامه على ما بعده ( قوله : فالنخل ) قال حج : { لأنه آخر سواك استاك به صلى الله عليه وسلم } ، وصح أيضا أنه كان أراكا لكن الأول أصح ، أو كل راو قال بحسب علمه انتهى حج ( قوله فذو الريح الطيب ) ظاهره أنه لا فرق فيه بين المحرم وغيره .

                                                                                                                            ويوجه بأن المحرم إنما يمتنع عليه ما يعد طيبا في العرف ، بخلاف زهر البادية وإن كان طيب الريح .

                                                                                                                            وعبارة شيخنا الشوبري : قوله بكل خشن ولو مطيبا لغير المحرم والمحدة كما هو ظاهر انتهى فيض : وتقييده بالمطيب يخرج ما له رائحة طيبة في نفسه ككثير الأعشاب فلا يمنع منه ( قوله : فاليابس المندى ) أي من كل نوع ( قوله : ماء الورد ) أي في حق غير المحرم ( قوله : فبغيره ) ظاهره استواء المنديات بغير ماء الورد من الريق ونحوه ، وينبغي أن يستثنى منها ما ندى بما له رائحة طيبة كماء الزهر فيكون كماء الورد ، وقد تشعر عبارته أيضا بأن الرطب واليابس الذي لم يند أصلا في مرتبة واحدة ، لكن عبارة حج : ويظهر أن اليابس المندى بغير الماء أولى من الرطب لأنه أبلغ في الإزالة ( قوله : فالعود ) يتأمل المراد بالعود هنا ، فإنه إن كان المراد به العود المعروف فقد دخل في ذي الريح الطيب ، وإن كان المراد به غيره فلم يبينه ، فلعل المراد بالعود واحد العيدان من غير ما ذكر كالحطب وغيره .

                                                                                                                            هذا ويمكن حمل العود على الرطب من أي نوع ( قوله : ولا يكره بسواك غيره ) قال حج : لكنه خلاف الأولى إلا للتبرك كما فعلته عائشة ا هـ : أي فيكون سنة ( قوله : أصبع غيره المتصلة إلخ ) أي إذا كان صاحبها حيا أخذا مما بعده ( قوله : ولو منه ) أخذه غاية للرد على من ذهب إلى الاكتفاء بأصبعه المنفصلة كما جرى عليه الشيخ في شرح منهجه : أي أو المنفصلة من غيره كما جرى عليه حج ( قوله : بعض المتأخرين ) منهم شيخ الإسلام في منهجه ( قوله المستثنى والمستثنى منه ) المستثنى هو قوله إلا أصبعه ، والمستثنى منه هو قول المتن بكل خشن ( قوله : ولسجدة تلاوة ) ويكون محله بعد فراغ القراءة لآية السجدة قبل الهوي للسجود حج ويفعله القارئ بعد فراغ الآية ، وكذا السامع كما هو ظاهر إذ لا يدخل وقتها في حقه أيضا إلا به .

                                                                                                                            فمن قال يقدمه عليه لتتصل هي به لعله لرعاية الأفضل ا هـ حج .

                                                                                                                            أقول : فإن قلت قضية قوله [ ص: 181 ] وكذا السامع أنه لو استاك قبل فراغ القارئ من الآية لا تحصل له السنة بل قد يقتضي الحرمة لتعاطيه عبادة قبل دخول وقتها وهي غير مشروعة : قلت : يمكن الجواب بأنه لا يطلب إلا بعد فراغ القراءة ، وهو لا ينافي أن الأفضل في حق السامع التهيؤ للسجود عقب القراءة بفعل ما هو وسيلة له قبل الفراغ من القراءة ، ونظيره الوضوء للصلاة قبل دخول وقتها ، فإن الأفضل فعله قبل دخول الوقت ليتهيأ للعبادة عقب دخول وقتها .

                                                                                                                            لا يقال يشكل على أفضلية السواك قبل الوقت حرمة الأذان قبله لاشتغاله بعبادة فاسدة .

                                                                                                                            لأنا نقول : الأذان شرع للإعلام بدخول الوقت ففعله قبله ينافي ما شرع له بل فعله قبله يوقع في لبس ، بخلاف السواك فإنه شرع لشيء يفعل بعده ليكون على الحالة الكاملة وهو حاصل بفعله قبل دخول وقته ، ثم رأيت سم على حج استشكل ذلك ولم يجب عنه ( قوله : وإن استاك للقراءة ) هذا محله إذا كان خارج الصلاة ، فإن كان فيها وسجد للتلاوة لا يطلب منه الاستياك لانسحاب السواك الأول على الصلاة وتوابعها ، ولو فرغ من السجود وأراد القراءة بنى ذلك على أنه هل يتعوذ للقراءة بعد السجود أو لا ؟ فيه تردد ، والأصح الثاني وعليه فلا يستاك للقراءة كذا نقل عن شرح العباب حج ، غير أن ما أطلقه من عدم استحباب التعوذ علل بأن وجهه عدم طول الفصل بالسجود .

                                                                                                                            وقال سم على منهج : يؤخذ منه أنه لو طال سجوده استحب التعوذ ، وقياسه أن يكون هنا كذلك ، وقد يفرق ، وقد يتوقف في قوله السابق بنى ذلك أنه هل إلخ ، فإن محل التردد فيما لو سجد للتلاوة في صلاته ثم أراد القراءة بعده ، وتقدم أن تلك الصورة ليس فيها سواك ( قوله : أو شكر ) ويكون وقته بعد وجود سبب السجود ( قوله : والمعتمد تفضيل صلاة الجماعة ) أي بلا سواك ( قوله بين الخبر المذكور ) هو قوله صلى الله عليه وسلم { ركعتان بسواك } إلخ ( قوله : ثم تداركه ) أي في الصلاة ( قوله : ألا ترى ) أي تعلم ( قوله فالقول إلخ ) قائله الخطيب ( قوله وتغير الفم ) قد يشمل الفم في وجه لا يجب غسله كالوجه الثاني الذي في جهة القفا وليس بعيدا ا هـ سم على بهجة ، ومثله على حج ، وعبارته : وهل يطلب السواك للفم الذي فيه : أي الوجه الثاني ويتأكد لتغيره وللصلاة فيه نظر والطلب غير بعيد ( قوله : كقراءة قرآن ) كالتسمية [ ص: 182 ] أول الوضوء ولدخول مسجد ولو خاليا ومنزل ولو لغيره ، ثم يحتمل تقييده بغير الخالي ، ويفرق بينه وبين المسجد بأن ملائكته أفضل فروعوا كما روعوا بكراهة دخوله خاليا لمن أكل كريها بخلاف غيره ، ويحتمل التسوية والأول أقرب ا هـ حج .

                                                                                                                            وعليه فيستحب السواك قبل التسمية في الوضوء لأجل التسمية وبعد غسل الكفين لأجل الوضوء . [ فائدة ] لو نذر السواك هل يحمل على ما هو المتعارف فيه من دلك الأسنان وما حولها أم يشمل اللسان وسقف الحلق فيخرج من عهدة النذر بإمراره على اللسان وسقف الحلق فقط ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول لأنه المراد في قوله { إذا استكتم فاستاكوا عرضا } ولتفسيرهم السواك شرعا بأنه استعمال عود ونحوه في الأسنان وما حولها ( قوله : أو علم شرعي ) أي ما له تعلق بالشرع فتدخل الآلات ، وبه صرح حج ( قوله : إلا للصائم بعد الزوال ) خرج به ما لو مات فلا يكره تسويكه لأن الصوم انقطع بالموت ، ونقل عن فتاوى الشارح ما يوافقه ( قوله : بعد الزوال ) وألحق به الإسنوي الممسك لنحو فقد النية انتهى سم على أبي شجاع .

                                                                                                                            وعبارة الخطيب على التنبيه : وخرج بالصائم الممسك كمن نسي نية الصوم فإنه ليس بصائم حقيقة فلا يكره له السواك انتهى .

                                                                                                                            لكنه في شرح الغاية اقتصر على نقل ما مر عن الإسنوي فراجع ( قوله : والخلوف بضم الخاء ) قال حج : وتفتح في لغة شاذة انتهى .

                                                                                                                            وقال السيوطي في قوت المغتذي بشرح جامع الترمذي بضم الخاء لا غير .

                                                                                                                            هذا هو المعروف في كتب اللغة والحديث ، ولم يحك صاحب المحكم والصحاح غيره .

                                                                                                                            قال القاضي : وكثير من الشيوخ يروونه بفتحها .

                                                                                                                            قال الخطابي : وهو خطأ .

                                                                                                                            أقول : ويمكن الجواب أن يكون من حيث الرواية فلا ينافي أنها لغة شاذة ( قوله : { أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا أما الأولى فإذا كان أول ليلة من رمضان نظر الله إليهم ، ومن نظر إليه لم يعذبه . وأما الثانية فإن خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك . وأما الثالثة فإن الملائكة يستغفرون لهم في كل يوم وليلة . وأما الرابعة فإن الله يأمر جنته ، فيقول لها : استعدي وتزيني لعبادي أوشك أن يستريحوا من تعب الدنيا إلى دار كرامتي . وأما الخامسة فإذا كان آخر ليلة غفر لهم جميعا ، فقال رجل أهي ليلة القدر ؟ قال لا ، ألم تروا إلى العمال يعملون ، فإذا فرغوا من أعمالهم وفوا أجورهم } رواه الحسن بن سعيد في مسنده وغيره ( قوله أفواههم ) مفهومه أنهم لا يصبحون كذلك فهذا المفهوم يخصص الحديث السابق سم على منهج ، وهو معنى قول الشارح : فخصصنا إلخ ( قوله : وأطيب عند الله ) ومعنى كونه أطيب عند الله ثناؤه عليه ورضاه ، وبذلك فسر الخطابي [ ص: 183 ] والبغوي فلا يختص بيوم القيامة وفاقا لابن الصلاح .

                                                                                                                            وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام : يختص لتقييده بيوم القيامة بذلك في رواية مسلم .

                                                                                                                            وأجيب بأن ذكر يوم القيامة لكونه محل الجزاء انتهى ابن أبي شريف ( قوله : أنه لو واصل ) أي بأن لم يتعاط مفطرا ( قوله : كالمشقة في السفر ) هذا يرد عليه ما مر من كراهته للمواصل قبل الزوال مع وجود المظنة ، إلا أن يقال : إنما يكون مظنة مع وجود ما يحال عليه في الجملة .

                                                                                                                            وقضيته أيضا أنه لو قطع المواصلة بما لا يحال عليه التغير بوجه كابتلاع ريقه بعد ظهوره على شفتيه كراهة الاستياك بعد الفجر لانتفاء ما هو مظنة للتغير ، وقضية كلام حج خلافه حيث قال : ولو تمحض التغير من الصوم قبل الزوال بأن لم يتعاط مفطرا ينشأ عنه تغير ليلا كره من أول النهار .

                                                                                                                            ونقل بالدرس عن شرح العباب للشارح ما يوافق ما قاله حج نقلا عن والده ، ونص ما نقل يؤخذ منه أن فرض الكلام فيما يحتمل تغيره به ، أما لو أفطر بما لا يحتمل أن يحال عليه التغير كنحو سمسمة أو جماع فحكمه كما لو واصل ، أفاده الشارح في شرح العباب وقال إن والده أفتى به ( قوله : نعم إن تغير فمه بعده ) أي الزوال ( قوله : يطهر الفم ) أي ينظفه ( قوله : ويصفي الخلقة ) أي لون البدن ( قوله ويسهل النزع ) مقتضى عده من الخصوصيات أنه لا فرق في استعماله بين وقت النزع وغيره ، ولا مانع منه لجواز أن هذه خصوصية جعلت له ، ولا ينافيه قول شرح البهجة ويتأكد عند الاحتضار كما دل عليه خبر عائشة في الصحيحين ، يقال إنه يسهل خروج الروح لجواز أن استعماله في ذلك الوقت أبلغ في تسهيل خروج الروح منه قبل الاحتضار ( قوله : ويذكر الشهادة ) . [ فائدة ] لو اجتمع في الشخص خصلتان إحداهما تذكر الشهادة والأخرى تنسيها كالسواك وأكل الحشيشة مثلا هل يغلب الأولى أو الثانية ؟ فيه نظر : ونقل بالدرس عن المناوي تغليب الأولى تحسينا للظن فليراجع



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 177 - 178 ] قوله : عقب التسمية ) لا يخفى أن حكم التلفظ بالنية مساعدة اللسان القلب ، وذلك إنما يحصل عند تقارن فعل اللسان ، والقلب أو تقدم التلفظ كما هو واضح ، بخلاف تأخير التلفظ ( قوله : وبما تقرر يندفع ما قيل قرنها بها مستحيل ) دفع استحالة المقارنة لم يحصل بما أجاب به ، وإنما حصل بيان المراد من إيقاع التلفظ بالنية والتسمية من غير حصول المقارنة المستحيلة ففيه اعتراف باستحالة المقارنة الحقيقية التي قالها المعترض [ ص: 179 ] قوله : وبين ما مر في نحو الاستنثار ) أي الداخل في قوله السابق في الاستنجاء ; إذ اليسرى للأذى ، واليمنى لغيره [ ص: 180 ] إن قرئ الاستنثار هنا بالمثلثة ، ويجوز قراءته بالمثناة وعليه اقتصر الشيخ في الحاشية ، فمراده به نتر الذكر المتقدم ثم ( قوله : فاليابس المندى إلخ ) كأن المراد أن أولاه الأراك فالنخل فذو الريح الطيب من غيرهما فالعود : أي غير ذي الريح الطيب ، واليابس المندى بالماء من هذه المذكورات أولى من غيره ثم المندى بماء الورد وإن كانت عبارته تقتضي خلاف ذلك وهي عبارة شرح الإرشاد للشهاب ابن حجر ، وعبارة الروضة : ويحصل السواك بخرقة وكل خشن مزيل ، لكن العود أولى ، والأراك منه أولى ، والأفضل أن يكون بيابس ندي بالماء [ ص: 181 ] قوله لكثرة الفوائد المترتبة إلخ ) في هذا السياق في أداء المقصود قلاقة ، وعبارة الشهاب ابن حجر : وليس فيه أفضليته على الجماعة التي هي بسبع وعشرين درجة ; لأنه لم يتحد الجزاء في الحديثين ; لأن درجة من هذه قد تعدل كثيرا من تلك السبعين ركعة [ ص: 182 ] قوله : فكره إزالته كدم الشهيد ) ظاهره أن التشبيه في الكراهة وينافيه ما بعده من حرمة إزالة دم الشهيد ، فلا بد من تأويل في العبارة [ ص: 183 ] قوله : يفهم التعميم ) أي فيكره ، ولا ينافيه ما مر من عدم الكراهة في النوم بعد الزوال للتغير هناك لا هنا




                                                                                                                            الخدمات العلمية