الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويسن بعدهما ) أي ركعتي العيد ( خطبتان ) اقتداء به صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعد ، وسواء في ذلك المسافرون وغيرهم ويأتي بهما وإن خرج الوقت ، فلو اقتصر على خطبة واحدة لم يكف ، ولو قدم الخطبة على الصلاة لم يعتد بها كما صوبه في الروضة ، وهو ظاهر نص الأم كما لو قدم البعدية على الفريضة ( وأركانهما ) وسننهما ( كهي ) أي كما ( في الجمعة ) وفهم من عبارته عدم اعتبار الشروط فيهما كالقيام والستر والطهارة ، وهو كذلك فيجوز له أن يخطب قاعدا أو مضطجعا مع القدرة على القيام .

                                                                                                                            نعم يعتبر لأداء السنة الإسماع والسماع وكون الخطبة عربية ، على أن الإسماع هنا يستلزم السماع وعكسه .

                                                                                                                            قال في التوسط : لا خفاء أن الكلام فيما إذا لم ينذر الصلاة والخطبة . [ ص: 392 ] أما لو نذر وجب أن يخطبها قائما نص عليه في الأم ، ويستحب الجلوس قبلهما للاستراحة .

                                                                                                                            قال الخوارزمي : قدر الأذان : أي في الجمعة وعلى عدم اعتبار الشروط يستحب الإتيان بها ( ويعلمهم ) استحبابا ( في ) كل عيد أحكامه ففي عيد ( الفطر ) أحكام ( الفطرة ) وهي بكسر الفاء كما في المجموع وبضمها كما قاله ابن الصلاح وغيره ( و ) في ( الأضحى ) أحكام ( الأضحية ) ; للاتباع ; ولكونه لائقا بالحال ( يفتتح ) الخطبة ( الأولى بتسع تكبيرات ولاء ) إفرادا ( و ) الخطبة ( الثانية بسبع ) ولاء كذلك لقول عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود إلى ذلك من السنة ، وفي الحقيقة : الخطبة شبهت بالصلاة هنا ، فإن الركعة الأولى يفتتحها بسبع تكبيرات مع تكبيرة التحريم والركوع . فجملتها تسع ، والثانية بخمس مع تكبيرة القيام والركوع ، والولاء سنة في التكبيرات ، وكذا الإفراد ، فلو تخلل ذكر بين كل تكبيرتين أو قرن بينهما جاز ، والتكبيرات مقدمة للخطبة وليست منها وافتتاح الشيء قد يكون ببعض مقدماته التي ليست من نفسه ، ويسن للنساء استماع الخطبتين ، ومن يصلي وحده لا يخطب لعدم فائدته ، ومن دخل في أثناء الخطبة بدأ بالتحية إن كان في مسجد ثم بعد فراغ الخطبة يصلي فيه صلاة العيد ، فلو صلى فيه العيد بدل التحية وهو الأولى حصلا ، فإن دخل وعليه مكتوبة فعلها وحصلت التحية بها ، فإن كان في غير مسجد سن له أن يجلس للاستماع لعدم طلب تحية ويؤخر الصلاة ما لم يخف فوتها فيقدمها عليه ، وإذا أخرها تخير بين صلاتها في محله وبين فعلها في غيره إن أمن فوتها ، ويسن للإمام بعد فراغه من الخطبة إعادة ذلك لمن فاته سماعه وإن لم يكن ذكرا ، والخطب المشروعة عشر : خطبة الجمعة والعيدين والكسوفين والاستسقاء وأربع في الحج ، وكلها بعد الصلاة إلا خطبتي الجمعة وعرفة فقبلها ، وكلها ثنتان إلا الثلاثة الباقية في الحج ففرادى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ولو قدم الخطبة على الصلاة ) قال سم على منهج : فلو قصد أن تقديم الخطبة عبادة وتعمد ذلك لم يبعد التحريم وإن لم يوافق م ر عليه مع تردد ، ثم رأيت شيخنا في شرح العباب اختار الحرمة فراجعه ا هـ .

                                                                                                                            ويدل على الحرمة قول متن الروض : ولو خطب قبل الصلاة لم يعتد بها وأساء .

                                                                                                                            قال شارحه : كالسنة الراتبة بعد الفريضة إذا قدمها عليها ( قوله : وكون الخطبة عربية ) انظر ولو كانوا من غير العرب ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            أقول ظاهر إطلاق الشارح ذلك ، ويوجه بأنه ليس الغرض منها مجرد الوعظ بل الغالب عليها الاتباع نظرا لكونها عبادة ، ثم رأيت في حج ما نصه : ولا بد في أداء سنتها من كونها عربية ، لكن المتجه أن هذا الشرط لكمالها لا لأصلها بالنسبة لمن يفهمها ا هـ .

                                                                                                                            قال سم على حج : فلو قرأ الجنب الآية لا بقصد قرآن فهل تجزئ لقراءته ذات الآية أو لا ; لأنها لا تكون قرآنا إلا بالقصد ؟ فيه نظر ا هـ .

                                                                                                                            أقول : الأقرب الثاني ، بل لا وجه للتردد ; لأنه إذا قصد الذكر لم يكن قرآنا ، وبقي ما لو قرأ الآية والحالة ما ذكر بقصد القرآن فقط فهل تجزئه مع الحرمة أو لا ؟ فيه نظر أيضا ، وصريح كلام شرح المنهج حيث قال : وحرمة قراءة الجنب آية إلخ الإجزاء ; لأن الحرمة لأمر خارج وقد وجد مسمى الآية ذاتا ووصفا ( قوله : على أن الإسماع هنا يستلزم السماع ) لعله احترز به عما قيل إنه يقال : [ ص: 392 ] أسمعته فلم يسمع فإن ذاك مجاز ، والمراد منه رفعت صوتي بالكلام فلم يسمع لبعده مثلا ( قوله : أما لو نذر وجب أن يخطبها قائما ) وكذا لو نذر الخطبة وحدها وكالقيام غيره من بقية شروط الجمعة بناء على أن النذر يسلك به مسلك واجب الشرع ، ومع ذلك لو خالف صح مع الإثم ( قوله : أحكام الفطرة ) الأولى أن يقول بعد قوله الفطرة : أي أحكامها ، مثله يقال فيما بعده لأن فيما ذكره تغييرا لإعراب المتن ثم رأيته كذلك في بعض النسخ ( قوله : بتسع تكبيرات ) هل تفوت هذه التكبيرات بالشروع في أركان الخطبة لا يبعد الفوات كما يفوت التكبير في الصلاة بالشروع في القراءة ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            أقول : ويحتمل أن يقال بعدم الفوات ، ويوجه بما في شرح الروض عن السبكي من طلب الإكثار منه في فصول الخطبة : أي بين سجعاتها ( قوله : ولاء إفرادا ) أي واحدة واحدة ، وقوله ولاء : أي فيضر الفصل الطويل ، فعلم أن ذكر الولاء لا يغني عن ذكر الإفراد ، وقد أوضح ذلك في القوت ا هـ سم على منهج ( قوله : والثانية بسبع ) وينبغي أن يفصل بين الخطبتين بالتكبير ويكثر منه في فصول الخطبة قاله السبكي ا هـ شرح روض ( قوله : ولاء كذلك ) أي إفرادا ( قوله : أو قرن بينهما ) أي أو بين الجميع ( قوله : جاز ) يؤخذ من تعبيره بالجواز كالمحلي عدم سن الفصل المذكور ، وعليه فهل يكون خلاف الأولى أو لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول ; لأن في الإتيان به ترف الولاء المطلوب ( قوله : وليست منها ) وينبني على ذلك أنه لو أخل فيها بالشروط لم يضر وإن قلنا بوجوبها لصحة الخطبة ( قوله : بدأ بالتحية ) أي حيث أراد الجمع بينها وبين صلاة العيد لما يأتي في قوله فلو صلى إلخ ( قوله : ما لم يخف فوتها ) أي بخروج الوقت ومثله ما لو عرض له مانع من فعلها لو أخرها إلى فراغ الخطبة ( قوله : فيقدمها عليه ) أي السماع ( قوله : إعادة ذلك ) أي الخطبة ما لم يؤد ذلك إلى تطويل كأن كثر الداخلون وترتبوا في المجيء ( قوله : إلا الثلاثة الباقية ) أي بعد عرفة



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 389 - 391 ] ( قوله : على أن الإسماع هنا ) أي بخلافه في الجمعة إذ المعتبر ثم الإسماع والسماع بالقوة ، بخلافه هنا فإنه يعتبر بالفعل كما صرح به الشهاب حج في الإسماع المستلزم للسماع .




                                                                                                                            الخدمات العلمية