الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويجب ) الصاع ( من ) غالب ( قوت بلده ) إن كان بلديا وفي غيره من غالب قوت محله لأن ذلك يختلف باختلاف النواحي ( وقيل ) من غالب ( قوته ) على الخصوص ( وقيل يتخير بين ) جميع ( الأقوات ) فأوفى الخبرين السابقين على الأولين للتنويع وعلى الثالث للتخيير ، والمعتبر في غالب القوت غالب قوت السنة كما في المجموع لا غالب قوت وقت الوجوب ، فإن غلب في بعضها جنس وفي بعضها جنس آخر أجزأ أدناها في ذلك الوقت كما في العباب ( ويجزئ ) على الأولين القوت ( الأعلى عن ) القوت ( الأدنى ) بل هو أفضل لأنه زاد خيرا فأشبه . ما لو دفع بنت لبون عن بنت مخاض ، قيل لا يجزي كالحنطة عن الشعير والذهب عن الفضة ، وفرق الأول بأن الزكاة المالية تتعلق بالمال فأمر أن يواسي المستحقين بما أعطاه الله تعالى ، والفطرة زكاة البدن فوقع النظر فيها إلى ما هو غذاء البدن وبه قوامه والأعلى يحصل به هذا الغرض وزيادة فأجزأ ( ولا عكس ) لنقصه عن الحق ففيه ضرر بمستحقيها ( والاعتبار ) في الأعلى والأدنى ( بزيادة القيمة في وجه ) رفقا بالمستحقين ( وبزيادة الاقتيات في الأصح ) بالنظر للغالب لا لبلدة نفسه ; لأنه المقصود وعليه ( فالبر خير من التمر والأرز ) ومن الزبيب والشعير وسائر الأقوات لكونه أنفع اقتياتا مما سواه ( والأصح أن الشعير خير من التمر ) لأنه أبلغ في الاقتيات ( وأن التمر خير من الزبيب ) لما مر .

                                                                                                                            والثاني أن التمر خير من الشعير وأن الزبيب خير من التمر نظرا إلى القيمة ، والأوجه على الأول تقديم الشعير على الأرز والأرز على التمر لغلبة الاقتيات به ، وقول الجاربردي في شرح الحاوي : والأرز خير من الشعير مبني على أن المعتبر زيادة القيمة ، ويظهر تقدم السلت على الشعير وتقديم الذرة والدخن على ما بعد الشعير ولم أر فيه نصا ، ويبقى النظر في مراتب بقية المعشرات التي سكتوا عنها والمرجع في ذلك لغلبة الاقتيات .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 122 ] قوله : فإن غلب في بعضها جنس وفي بعضها جنس آخر ) قال الشارح في شرحه على العباب واستوى في الغلبة كستة أشهر من بر وستة من شعير : أي أما لو غلب أحدهما لم يجز غيره .

                                                                                                                            ( قوله : الأعلى ) رسمه بالياء هو الصواب لأنه يمال بمال .

                                                                                                                            ( قوله : فأجزأ ) قال حج : ويؤخذ منه أنه لو أراد إخراج الأعلى فأبى المستحقون إلا قبول الواجب أجيب المالك ، وفيه نظر ، بل ينبغي إجابة المستحق حينئذ لأن الأعلى إنما أجزأ رفقا به فإذا أبى إلا الواجب له فينبغي إجابته كما لو أبى الدائن غير جنس دينه ولو أعلى وإن أمكن الفرق ا هـ حج .

                                                                                                                            أقول : ولعله أن الزكاة ليست دينا حقيقيا كسائر الديون بدليل أنه لا يجبر على الإخراج من عين المال ، بل إذا أخرج عن غيره من جنسه وجب قبوله فالمغلب فيها معنى المواساة وهي حاصلة بما أخرجه ، وقد مر أنه لو أخرج ضأنا عن معز أو عكسه وجب على المستحق قبوله مع أن الحق تعلق بغيره .

                                                                                                                            ( قوله : وتقديم الذرة والدخن ) وتقدم أن الدخن نوع من الذرة وهو يقتضي أنهما في مرتبة واحدة .

                                                                                                                            ( قوله : على ما بعد الشعير ) أي فيكونان في مرتبة الشعير فيقدمان على الأرز زيادي وينبغي تقديم الذرة على الدخن وتقدم الأرز على التمر .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 122 ] ( قوله كالحنطة عن الشعير ) أي في زكاة المعشرات ( قوله : لأنه المقصود ) يعني الاقتيات




                                                                                                                            الخدمات العلمية