الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وله ) ( صومه عن القضاء والنذر ) المستقر في ذمته والكفارة فيحل من غير كراهة مسارعة إلى براءة ذمته كنظيره في الصلاة في الأوقات المكروهة لخبر الصحيحين { لا تقدموا أي لا تتقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجلا كان يصوم صوما فليصمه } وقيس بالورد الباقي بجامع السبب ، ولا يشكل الخبر بخبر { إذا انتصف شعبان } لتقدم النص على الظاهر .

                                                                                                                            قال الإسنوي : فلو أخر صوما ليوقعه يوم الشك فقياس كلامهم في الأوقات المنهي عنها تحريمه ، ( وشمل إطلاقه قضاء المستحب ) وهو نظير قولهم بجواز قضاء الفائتة في الأوقات المكروهة وإن كانت نافلة .

                                                                                                                            وصورة قضاء المستحب هنا أن يشرع في صوم نفل ثم يفسده فإنه يسن قضاؤه كما في الروضة ، وأفهم كلامالمصنف أنه لا يجوز صومه احتياطا لرمضان إذ لا فائدة له لعدم وقوعه عنه فلا احتياط ، ولا يصح نذر يوم الشك كنذر أيام التشريق والعيدين لأنه معصية ( وكذا لو وافق عادة تطوعه ) سواء أكان يسرد الصوم أم يصوم يوما معينا كالاثنين والخميس أو يصوم يوما ويفطر يوما فوافق صومه يوم الشك فله صيامه للخبر المار ، وتثبت عادته المذكورة بمرة كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ،

                                                                                                                            [ ص: 179 ] ويجب أن يفطر بين الصومين نفلا أو فرضا ، إذ الوصال حرام وهو أن يصوم يومين فأكثر ولا يتناول بالليل مطعوما عمدا بلا عذر كما في المجموع ، وقضيته ( أن الجماع ونحوه لا يمنع الوصال ) .

                                                                                                                            قال في المهمات : وهو ظاهر المعنى لأن تحريم الوصال للضعف : أي عن الصيام ونحوه من الطاعات ، وترك الجماع ونحوه لا يضعف بل يقوي ، لكن قال في البحر : هو أن يستديم جميع أوصاف الصائمين ، وذكر الجرجاني وابن الصلاح نحوه قال : وتعبير الرافعي : أي وغيره بأن يصوم يومين يقتضي أن المأمور بالإمساك كتارك النية لا يكون امتناعه ليلا من تعاطي المفطر وصالا لأنه ليس بين صومين إلا أن الظاهر أنه جرى على الغالب

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وله صومه عن القضاء ) ولو مندوبا كما يأتي ( قوله : إلا رجلا ) عبارة المحلي إلا رجل ا هـ ، وكل منهما جائز من حيث العربية والأفصح الرفع لكن تراجع الرواية ( قوله : ولا يشكل الخبر ) أي حيث دل على جواز الورود ونحوه بقوله إلا رجل إلخ ، ودل خبر إذا انتصف على امتناعه لإطلاقه وقوله لتقدم النص : أي هذا الخبر على الظاهر : أي خبر إذا انتصف ا هـ سم على شرح البهجة ( قوله : فلو أخر صوما ) أي ولو واجبا ( قوله : فقياس كلامهم ) معتمد : أي بل وقياس ذلك أيضا أنه لو تحرى تأخيره ليوقعه في النصف الثاني من شعبان حرم عليه أيضا ولم ينعقد ( قوله وشمل إطلاقه ) أي حيث لم يقيد القضاء بالواجب ( قوله : وصورة قضاء المستحب ) يتأمل قصره على هذه الصورة ، فإن قضية قولهم يندب قضاء النفل المؤقت أنه لا يختص بهذه الصورة بل مثلها عاشوراء وتاسوعاء وغيرها ( قوله : ولا يصح نذر يوم الشك ) أي ما يصدق عليه أنه شك وإن لم يعلم بذلك وقت النذر ، وعليه فلو نذر صوم يوم بعينه كالخميس الآتي مثلا ثم طرأ شك في ذلك اليوم تبين عدم انعقاد نذره فلا يصح صومه ( قوله : وتثبت عادته المذكورة ) وعليه فلو صام في أول شعبان يومين متفرقين ثم أفطر باقيه فوافق يوم الشك يوما لو أدام الأول من صوم يوم وفطر يوم لوقع يوم الشك موافقا ليوم الصوم صح صومه ومثله ما لو صام يوما قبل الانتصاف علم أنه يوافق آخر شعبان واتفق أن آخر شعبان حصل فيه شك فلا يحرم صومه لأنه صار عادة له ( قوله بمرة ) ظاهره أنه لا فرق في ذلك بين السنة الماضية وبين ما قبلها إلى آخر عمره وهو ظاهر ، وفي فتاوى ولد الشارح

                                                                                                                            [ ص: 179 ] ما يخالفه ونصها : سئل الشيخ الرملي هل العبرة بعادته القديمة أو السنة الماضية فأجاب بأن العبرة بعادته في السنة الماضية لا القديمة ، وكتب سم على شرح البهجة قوله بأن اعتاد إلخ قد يستشكل تصوير العادة ابتداء لأن ابتداء الصوم بعد النصف بلا سبب ممتنع فيحتاج لعادة وينقل الكلام إليها فيتسلسل ، ويجاب بأن يصور ذلك بما إذا صام الاثنين مثلا قبل النصف ، فالظاهر أن له صومه بعده لأنه صار عادة له ، ولو اختلفت عادته كأن اعتاد الاثنين في عام والخميس في آخر فهل يعتبر الأخير أو نقول كل صار عادة له ؟ فيه نظر ، ولا يبعد الثاني .

                                                                                                                            نعم إن عزم على هجر أحدهما والإعراض عنه فيحتمل أن لا يعتبر ا هـ وهو ظاهر ويمكن حمل ما نقل عن إفتاء والد الشارح المتقدم عليه ( قوله : ويجب أن يفطر ) بيان فائدة مستقلة ( قوله : وهو ) أي الوصال ( قوله : لكن قال في البحر ) معتمد ( قوله : أنه جرى على الغالب ) أي فلا فرق في حرمة الوصال بين كونه بين صومين وأن لا



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله وصورة قضاء المستحب هنا أن يشرع في صوم نفل ثم يفسده ) أي مثلا وإلا فتصويره لا ينحصر في ذلك ، إذ المستحب المؤقت يستحب قضاؤه مطلقا كصوم عرفة وعاشوراء ( قوله : وتثبت عادته المذكورة بمرة ) أي بأن يصوم نظير ذلك اليوم من نصف شعبان الأول ثم يمنعه من صومه في النصف الثاني مانع لم يزل إلا في يوم الشك ، وإلا فالصوم في النصف الثاني منه مطلقا بلا سبب ممنوع




                                                                                                                            الخدمات العلمية