الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويسن تعجيل الفطر ) بتناول شيء كما في الجواهر ، وقضيته عدم حصول سنة التعجيل بالجماع وهو محتمل لما فيه من إضعاف القوة والضرر ، ومحل الندب إذا تحقق الغروب أو ظنه بأمارة لخبر { لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر } متفق عليه ، ( ويكره تأخيره إن قصد ذلك ورأى أن فيه فضيلة ) وإلا فلا بأس به كما في المجموع عن نص الأم ، وفيه عن صاحب البيان أنه يكره أن يتمضمض بماء ويمجه وأن يشربه ويتقيأه إلا لضرورة ، قال : وكأنه شبه بالسواك للصائم بعد الزوال لكونه يزيل الخلوف ا هـ .

                                                                                                                            وقول الزركشي إنه إنما يتأتى على القول بأن كراهة السواك لا تزول بالغروب والأكثرون على خلافه يرد بأن الظاهر تأتيه مطلقا لوضوح الفرق بينهما ( ويسن الفطر [ ص: 181 ] على تمر ، وإلا )

                                                                                                                            بأن لم يجده ( فماء ) لخبر { إذا كان أحدكم صائما فليفطر على التمر ، فإن لم يجد التمر فعلى الماء فإنه طهور } صححه الترمذي وابن حبان وورد { أنه صلى الله عليه وسلم كان يفطر قبل أن يصلي على رطبات ، فإن لم يكن فعلى تمرات ، فإن لم يكن حسا حسوات من ماء } ، وقضية هذا الخبر تقديم الرطب على التمر وأن السنة تثليث ما يفطر عليه من رطب وغيره وهو كذلك كما اقتضاه في الثاني نص حرملة وتصريح ابن عبد السلام به في الماء وتعبير المصنف وغيره بتمر إذ هو اسم جنس جمعي وتعبير جمع بتمره محمول على أنه يحصل بها أصل السنة سواء في ذلك من هو بمكة وغيره خلافا للمحب الطبري ( وتأخير السحور ) لخبر { لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور } ولما في ذلك من مخالفة اليهود والنصارى ولأن تأخير السحور أقرب للتقوى على العبادة وصح { تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة وكان قدر ما بينهما خمسين آية } وفيه ضبط لقدر ما يحصل به سنة التأخير ويسن السحور أيضا لخبر { تسحروا فإن في السحور بركة } ولخبر الحاكم في صحيحه { استعينوا بطعام السحر على صيام النهار وبقيلولة النهار على قيام الليل } والسحور بفتح السين المأكول وبضمها الأكل حينئذ ويحصل بقليل المطعوم وكثيره لخبر { تسحروا ولو بجرعة ماء } ويدخل وقته بنصف الليل ، ومحل استحبابه إذا رجا به منفعة أو لم يخش به ضررا كما قاله المحاملي ، ولهذا قال الحليمي : إذا كان شبعان فينبغي أن لا يتسحر لأنه فوق الشبع ا هـ .

                                                                                                                            ومراده إكثار الأكل ومحله أيضا ( ما لم يقع في شك ) بأن يتردد في بقاء الليل وحينئذ فتركه أولى لخبر { دع ما يريبك إلى ما لا يريبك }

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويسن تعجيل الفطر ) ينبغي سن ذلك ولو مارا بالطريق ، ولا تنخرم مروءته به أخذا مما ذكروه من طلب الأكل يوم عيد الفطر قبل الصلاة ولو مارا بالطريق ( قوله : وهو محتمل ) معتمد ( قوله : أو ظنه بأمارة ) قد يخالف ما تقدم من الاختلاف في جواز الفطر إذا ظن الغروب بالاجتهاد وهو مقتض لندب التأخير ( قوله : أنه ) أي الصائم ( قوله : وأن يشربه ) أي بعد دخول وقت الفطر كما هو ظاهر ( قوله : لوضوح الفرق بينهما ) أي وهو أن السواك مستحب ولا يكره إلا لسبب وقد زال بخلاف المضمضة فإنها ليست مطلوبة فإزالة

                                                                                                                            [ ص: 181 ] الخلوف بها تعد عينا حيث لا غرض ( قوله على تمر ) ولينظر هل يقدم اللبن على العسل .

                                                                                                                            أقول : ينبغي أن يقدم العسل لأنهم نظروا للحلو في هذا المحل بعد فقد التمر والماء ونحوهما مما ورد ، وكتب سم على منهج عميرة : قيل الحكمة كونه مدخول النار وقيل تفاؤلا بالحلاوة وقيل لنفع البصر ا هـ ( قوله : وإلا فماء ) قال سم على حج : وفي حصوله بنحو ملح وماء ملح نظر ، وكذا بنحو تراب وحجر لا يضر والحصول محتمل ا هـ .

                                                                                                                            أقول : أشار بقوله محتمل إلى أنه قد يقال أيضا بعدم الحصول ، ويوجه أن الغرض المطلوب من تعجيل الفطر بإزالة حرارة الصوم بما يصلح البدن وهو منتف مع ذلك مع أن تناول التراب والمدر مع انتفاء الضرر مكروه فلا ينبغي حصول السنية به ( قوله : على التمر ) أي وعلى العجوة أيضا ( قوله : خلافا للمحب الطبري ) أي حيث قال : يقدم من بمكة ماء زمزم ( قوله : لأنه فوق الشبع ) أي ما يأكله مثلا



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وقضيته عدم حصول سنة التعجيل بالجماع ) وقضيته أيضا عدم حصولها بالاستقاءة ، أو إدخال نحو عود في أذنه ، أو إحليله أو نحو ذلك وإن كان ما ذكره من التعليل يأبى ذلك ، ثم إن قضية تعبيره بلفظ كما في نقله كلام الجواهر المؤذنة بأنه موافق له أن يعتمده وهو له وهو محتمل يؤذن بأنه [ ص: 181 ] لا يعتمد هذه القضية فليراجع مختاره في المسألة ( قوله : بأن لم يجده ) قضيته أنه لو أفطر على الماء مع وجود التمر لا تحصل له سنة الفطر على الماء فليراجع ( قوله : ومحل استحبابه إذا رجا منفعة ) انظره مع ما مر ويأتي من حصول السنة بالقليل كالكثير ( قوله : أو لم يخش به ضررا ) هو كذا بأو في النسخ ولعله تحريف من الكتبة ، وإلا فالذي في القوت عن تجريد التجريد ولم يخش بالواو وهي الأصوب كما لا يخفى ، لكن قضيته أنه لا يسن إلا إذا رجا منفعة




                                                                                                                            الخدمات العلمية