الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وتتبع ) الأنثى غير المحرمة والمحدة ( لحيض ) أو نفاس ولو خلية أو بكرا أو عجوزا أو ثقبة أنثى انسد فرجها أو خنثى حكم بأنوثته بخلاف دم الفساد وغير الدم ( أثره ) أي الدم ( مسكا وإلا ) أي وإن لم يكن المسك ( فنحوه ) بأن تجعله في قطنة وتدخله فرجها بعد غسلها ثم طيبا ثم طينا تطييبا للمحل لا لسرعة العلوق فيكره تركه ، والأوجه أن الترتيب المذكور شرط لكمال السنة ، أما المحرمة فيمتنع عليها استعمال الطيب مطلقا كما بحثه بعض المتأخرين وهو ظاهر ، وكذا المحدة لكن يستحب لها تطييب المحل بقليل قسط أو أظفار ولو لم تجد سوى الماء كفى في دفع الكراهة كما في المجموع لا على السنة خلافا للإسنوي ، وعلم أنه لا يندب تطييب ما أصابه دم الحيض من بقية بدنها وهو كذلك أما الصائمة فلا تستعمل شيئا من ذلك وشمل تعبيره بأثر الدم المستحاضة إذا شفيت وهو ما تفقهه الأذرعي وغيره ، [ ص: 228 ] والأوجه أن المتحيرة عند غسلها كذلك لاحتمال الانقطاع .

                                                                                                                            وأفتى الوالد رحمه الله تعالى بحرمة جماع من تنجس ذكره قبل غسله ، وينبغي تخصيصه بغير السلس لتصريحهم بحل وطء المستحاضة مع جريان دمها .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : والمحدة ) أي وغير الصائمة أيضا أخذا من قوله الآتي : أما الصائمة . إلخ ( قوله : أو ثقبة ) أي وكان محل حيضها ثقبة ا هـ ( قوله : وإن لم يكن المسك ) أي بأن لم تجده أو لم تسمح به ا هـ خطيب على أبي شجاع ، وشمله قول حج : وإلا ترده ( قوله : فنحوه ) أي مما فيه حرارة كالقسط والأظفار ، فإن لم تجد طيبا فطينا . إلخ خطيب على أبي شجاع ( قوله : فرجها ) وهو ما ينفتح منها عند جلوسها على قدميها كما يصرح به قول حج : الواجب غسله بعد قوله : فرجها ( قوله : مطلقا ) أي قسطا كان أو غيره ، طالت مدة ما بقي من إحرامها أم لا .

                                                                                                                            ( قوله : بقليل قسط ) قال في المصباح : والقسط بالضم بخور معروف ، قال ابن فارس : عربي ( قوله : في دفع الكراهة ) ثم الظاهر أن المراد بكفاية الماء هو الغسل الشرعي ، لا إدخال ماء في الفرج بدل الطيب المذكور عميرة .

                                                                                                                            وعبارة حج : بل لو جعلت ماء غير ماء الرفع بدل ذلك كفى في دفع كراهة ترك الاتباع ، بل وفي حصول أصل سنة النظافة كما هو ظاهر ا هـ .

                                                                                                                            وهي مخالفة كما ترى لما قاله الشيخ عميرة ( قوله : وعلم أنه لا يندب ) أي من قوله بأن تجعله في قطنة إلخ ( قوله : وشمل تعبيره بأثر الدم إلخ ) يتأمل هذا مع قوله فيما سبق بخلاف دم الفساد وغير [ ص: 228 ] الدم ، على أن التعبير بأثر الدم ليس في كلام المصنف ، فإن عبارته كما ترى وتتبع لحيض فليتأمل ، إلا أن يقال أشار إلى أن الحيض في كلامه ليس بقيد حيث قال : أي أثر الدم .

                                                                                                                            وقد يقال في دفع التنافي لما كان كل وقت من أوقاتها يحتمل انقطاع الحيض فيه طلب ذلك عند كل غسل لاحتمال أن الدم الذي اغتسلت عقبه دم حيض لا دم فساد كما يشير إليه تعليله بقوله : لاحتمال إلخ ، لكن هذا إنما يتم في المتحيرة لا في غيرها فإن ما وقع في غير زمن حيضها متمحض لكونه دم فساد ، أو يقال : إنه جرى في معنى المستحاضة هنا على ما جرى عليه المحلي في باب الحيض من أن المستحاضة هي التي جاوز دمها أكثر الحيض واستمر ، ولو قال بعد قول المتن : ويلحق بالحيض دم المستحاضة إذا شفيت لم يرد عليه شيء مما ذكر ( قوله : من تنجس ذكره ) أي بغير المذي ، أما به فلا يحرم بل يعفى عن ذلك في حقه بالنسبة للجماع خاصة لأن غسله يفتره ، وقد يتكرر ذلك منه فيشق عليه ، وأما بالنسبة لغير الجماع فلا يعفى عنه ، فلو أصاب ثوبه شيء من المني المختلط به وجب غسله ، ثم ما ذكر في المذي لا فرق فيه بين من ابتلي به وغيره ، فكل من حصل له ذلك كان حكمه ما ذكر وإن ندر خروجه .

                                                                                                                            وقضية قول حج : إن من يعلم من عادته أن الماء يفتره عن جماع يحتاج إليه لا يجب عليه غسل ذكره وأن من اعتاد عدم فتور الذكر بغسله .

                                                                                                                            وإن تكرر لا يعفى عن المذي في حقه .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 227 ] قوله : ثم طيبا ) قضيته أن الطيب غير نحو المسك ، والذي في التحفة تفسير النحو بالطيب ( قوله : وشمل تعبيره بأثر الدم المستحاضة ) لا ينافيه ما مر في قوله بخلاف دم الفساد ; لأن محل ذاك عند استرسال الدم .

                                                                                                                            قال في شرح الروض : واستثنى الزركشي المستحاضة أيضا فقال : ينبغي لها أن لا تستعمله ; لأنه ينجس بخروج الدم فيجب غسله فلا يبقى له فائدة انتهى .

                                                                                                                            وصورة ما هنا عند الشفاء كما ترى ، وحمل بعضهم ما هنا على الاستحاضة المتصلة بالحيض قال : فالاتباع في الحقيقة للحيض ، وإنما حمله على هذا الحمل محاولة شمول المتن للصورة المذكورة والشارح كما ترى إنما جعل الشامل الدم بقطع النظر عن خصوص الحيض وإن كان فيه وقفة على أن قضية هذا الحمل أنه لا يسن لها الاتباع للحيض الذي استحيضت عقبه ولك أن تمنعه بتصريحهم بسنه للمتحيرة لاحتمال الانقطاع [ ص: 228 ] فإذا سن لاحتمال الانقطاع مع استرسال الدم فأولى أن يسن مع تحققه




                                                                                                                            الخدمات العلمية