الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( و ) من ثم لا تعتبر ( المماثلة ) في نحو حب وثمر إلا ( وقت الجفاف ) ليصير كاملا وتنقيتها شرط للمماثلة لا للكمال ; لأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال { أينقص الرطب إذا يبس ؟ فقالوا : نعم ، فنهى عن ذلك } صححه الترمذي وغيره ، أشار صلى الله عليه وسلم بقوله أينقص إلى أن المماثلة إنما تعتبر حال الجفاف ، وإلا [ ص: 435 ] فالنقصان أوضح من أن يسأل عنه ، ويشترط مع ذلك عدم نزع نوى التمر لأنه يعرضه للفساد غالبا ، فلا عبرة بخلافه في بعض النواحي إلا على ما يأتي في نحو القثاء عن جمع ، ولا يؤثر ذلك في نحو مشمش ، وفي اللحم انتفاء عظم وملح يؤثر في وزن وتناهي جفافه ; لأنه موزون وقليل الرطوبة يؤثر فيه بخلاف نحو التمر ، ومن ثم بيع جديده الذي ليس فيه رطوبة تؤثر في الكيل بعتيقه لا بر ببر ابتلا . وإن جفا . واعلم أن شراح هذا الكتاب قد اختلفوا في فهم قوله ( وقد يعتبر الكمال ) المقتضي لصحة بيع الشيء بمثله ( أولا ) فمن ذاهب إلى أن المراد منه أنه يستثنى مما مر المقتضي للنظر إلى آخر الأحوال مطلقا العرايا الآتية ، لأن الكمال فيها بتقدير جفاف الرطب اعتبر أول أحواله عند البيع ، أو نحو عصير الرطب أو العنب لاعتبار كماله عند أول كل منهما وإن كانا غير كاملين أو اللبن الحليب ; لأنه كامل عند خروجه من الضرع ، وقد قال بكل من ذلك جمع ، والأوجه صحة كل منها ، غير أن أقربها أولها كما جرى عليه الشارح ، إذ كمال الأخيرين وتعدده بتعدد أحوالهما معلوم من كلام المصنف في هذا الباب فلا يحتاج لذكره بخلاف العرايا ، وأيضا فهي رخصة أبيحت مع انتفاء الكمال فيها عند البيع بخلافهما فهي أحرى بالاستثناء ، بل ربما إذا نظر لهذا لم يصح استثناء غيرها

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : في نحو حب ) وينبغي أن من النحو البصل إذا وصل إلى الحالة التي يخزن فيها عادة ( قوله : وثمر ) هو بالمثلثة كما يفهمه قوله إلا وقت الجفاف ، إذ لو قرئ بالمثناة لم يكن لقوله إلا وقت الجفاف معنى بالنسبة للتمر ( قوله : وتنقيتها ) جواب عما يقال لا بد بعد الجفاف من التنقية أيضا لصحة بيع أحد الجافين بمثله ( قوله : فقال أينقص الرطب ) استفهام تقريري ، والغرض منه كما يعلم من قوله الآتي وأشار إلخ التنبيه على أن المماثلة إنما تعتبر وقت الكمال ( قوله : فنهى عن ذلك ) وصورة النهي هنا كما قاله في شرح الروض فلا إذن : أي بكسر الهمزة وفتح الذال المعجمة ( قوله : وأشار صلى الله عليه وسلم ) وجه الإشارة أن نقصان الرطب بالجفاف أوضح [ ص: 435 ] من أن يسأل عنه ، فكان الغرض من السؤال الإشارة إلى هذا ومن ثم تعلم أن امتناع بيع الرطب بالجفاف لتحقق النقصان وامتناع الرطب بالرطب لجهل المماثلة كذا في الإسنوي ا هـ سم على منهج . ومحل تحقق النقصان في بيع الرطب بالجفاف إذا بيع بمثله على تلك الحالة موازنة ، أما لو اعتبر جفاف الرطب تقديرا فهو من جهل المماثلة ( قوله فالنقصان أوضح ) أي لكونه معلوما لكل أحد ( قوله : ويشترط مع ذلك ) أن الجفاف لحصول المماثلة واستمرار الكمال .

                                                                                                                            ( قوله : عدم نزع نوى التمر ) هل منه العجوة المنزوعة النوى فلا يجوز بيع بعضها ببعض أم لا ; لأنها على هذه الهيئة تدخر عادة ولا يسرع إليها الفساد ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول ; لأن نزع نواها يعرضها للفساد مع أنها لا تخلو من أن تكون رطبا نزع نواه أو تمرا ، فإن كانت من التمر فعدم الصحة فيها مستفاد مما ذكر ، وإن كانت من الرطب فالفساد فيها مستفاد من قولهم لا يباع رطب برطب ولا بجاف والرطوبة فيها متفاوتة ، ومثلها بالأولى التي بنواها ; لأن النوى فيها غير كامن ( قوله : فلا عبرة ) أي فلا يباع بعضه ببعض وقوله إلا على ما يأتي في نحو إلخ : أي فيجوز بيع بعضه ببعض وهو الراجح الآتي ( قوله في نحو مشمش ) من النحو الخوخ ( قوله : وفي اللحم انتفاء عظم ) أي مطلقا كثر أو قل ; لأن قليله يؤثر في الوزن ككثيره ، ومن العظم ما يؤكل منه مع اللحم كأطرافه الرقاق ( قوله يؤثر ) قيد في الملح ; لأنه يقصد للإصلاح فاغتفر قليله دون كثيره ( قوله : وقليل الرطوبة يؤثر فيه ) يؤخذ منه أنها لو كانت قليلة جدا كانت كالملح فلا تضر ( قوله : بخلاف نحو التمر ) أي مما معياره الكيل فلا يعتبر فيه تناهي جفافه .

                                                                                                                            ( قوله : بيع جديده ) أي التمر ( قوله : ابتلا ) أي أو أحدهما ( قوله : وإن جفا ) أي أو أحدهما ( قوله : عند أول كل منهما ) عبارة حج : عند أول خروجه منهما ا هـ . وهي واضحة ( قوله غير أن أقربها أولها ) أي العرايا لم يصلح استثناء غيرها : أي ولهذا جرى عليه في المنهج كالشارح .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله أشار صلى الله عليه وسلم ) الأولى أومأ صلى الله عليه وسلم إذ هذا من دلالة الإيماء لا من دلالة الإشارة [ ص: 435 ] قوله : أو نحو عصير الرطب أو العنب ) المناسب في هذا وفيما بعده تصديره بقوله ومن ذاهب ، وإلا فهذا الصنيع يوهم أن هذه الثلاثة أمثلة لمذهب واحد ( قوله : لاعتبار كماله عند أول كل منهما ) عبارة مقلوبة ، والمناسب لاعتبار كمال كل منهما عند أوله




                                                                                                                            الخدمات العلمية