الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ويقبل قول المسلم بيمينه في لحم وهو ميتة كما قاله جمع متقدمون استصحابا لأصل الحرمة في الحياة حتى يتيقن الحل بالذكاة الشرعية ، وظاهر أن محله إن سلم ما لم يقل المسلم إليه أنا ذبحته أخذا من قولهم لو وجدت شاة مذبوحة فقال ذمي : ذبحتها حلت ، على أن قولهم لو وجد قطعة لحم في إناء أو خرقة ببلد لا مجوس فيه أو والمسلمون فيه أغلب فطاهرة لأنه يغلب على الظن أنها ذبيحة مسلم يقتضي تصديق المسلم إليه مطلقا لتأييد دعواه بغلبة الظن المذكورة ، إلا أن يفرق بأن غلبة الظن بالنسبة للطهارة لم يعارضها أصل الحرمة في الحياة ، وهو ظاهر إن سلم في مثل ذلك أنه لا تلازم بين الطهارة وحل الأكل .

                                                                                                                            [ ص: 217 ] ( ولو أحضره ) أي المسلم فيه ومثله فيما يأتي جميعه كل دين مؤجل ( قبل محله ) بكسر الحاء أي وقت حلوله ( فامتنع المسلم من قوله لغرض صحيح بأن ) بمعنى كأن فإن المصنف يستعمل ذلك كثيرا ( وكان حيوانا ) يحتاج لمؤنة قبل المحل لها وقع كما في المحرر : أي عرفا أو غيره واحتاج لها في كراء محله أو حفظه أو كان يترقب زيادة سعره عند المحل فيما يظهر ( أو وقت غارة ) الأفصح إغارة وإن وقع العقد وقتها فيما يظهر أو كان يريد أكله عند محله طريا ( لم يجبر ) على قبوله وإن كان للمؤدي غرض للضرر ( وإلا ) بأن لم يكن للمسلم غرض صحيح في الامتناع ( فإن كان للمؤدي غرض صحيح كفك رهن ) أو براءة ضامن أو خوف انقطاع الجنس عند الحلول ( أجبر ) لأن امتناعه حينئذ تعنت ( وكذا ) يجبر إن أتى إليه به ( لمجرد غرض البراءة في الأظهر ) أي براءة ذمة المسلم إليه أو لا لغرض أصلا كما اقتضاه كلام الروض وهو الأوجه لتعنته .

                                                                                                                            والثاني لا يجبر للمنة .

                                                                                                                            وأفهم اعتباره لغرض المؤدي عند عدم غرض المؤدى إليه أنه لو تعارض غرضاهما قدم الثاني ، ولو أصر على الامتناع بعد الإجبار أخذه الحاكم أمانة عنده له وبرئ المدين ، ولو كان المسلم غائبا فقياس ما ذكر أن يقبض له في حال غيبته كما قاله الزركشي .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويقبل قول المسلم ) معتمد : أي ما لم يقل المسلم إليه أنا ذكيته كما يأتي ( قوله ما لم يقل المسلم إليه أنا ذبحته ) أي فإن قال ذلك أجبر الحاكم المسلم على قبوله ثم بعد ذلك انظر ماذا يفعله فيه هل يجوز له التصرف فيه بالبيع ونحوه عملا بحكم الحاكم وبالظاهر أو يعمل بظنه فلا يجوز له استعماله ولا التصرف فيه لأنه ميتة في ظنه ؟ فيه نظر ، والظاهر الثاني ( قوله : أي أن قولهم إلخ ) تأييد للمنع المفهوم من قوله إن سلم ( قوله وهو ) أي الفرق ( قوله : إن سلم في مثل ذلك ) نقل سم في حواشي شرح البهجة في باب الاجتهاد عند قول المصنف واحكم على ما غلبت إلخ عن الإسنوي أنا حيث قلنا بنجاستها حرم أكلها ، وإنما التردد في أنها هل تنجس ما أصابته أو لا واستوجه ثم عدم [ ص: 217 ] التنجيس مع القول بنجاسته .

                                                                                                                            ومفهوم قوله حيث قلنا إلخ أنا إن قلنا بطهارته جاز أكله ، وهو موافق لما نظر به هنا في حاشية حج ومؤيد لتصديق المسلم إليه مطلقا سواء قال ذكيته أم لم يقل وسواء كان فاسقا أم لا ( قوله : كل دين مؤجل ) ويؤخذ من ذلك ما يقع كثيرا أن الرجل يعلق لزوجته على نفسه أنه متى فعل الشيء الفلاني وأبرأت ذمته من الشيء الفلاني من صداقها الذي عليه كانت طالقا أو أنه لو أحضر لها صداقها وكان مؤجلا وطلب منها قبوله لا تجبر على ذلك وهو كذلك كذا بخط الأصل : أي لأن لها غرضا في الامتناع وهو بقاء التعليق إن كان حالا فإن كان غرضه غير البراءة أجبرت على القبول عينا أو هي أجبرت على القبول أو الإبراء رملي ا هـ شيخنا الزيادي .

                                                                                                                            ولو قبضته جاهلة فقياس ما تقدم فيما لو قبض أصله أو فرعه جاهلا الصحة ، وقد يفرق بينهما بأن صفة البعضية معنى قائم بذات المحضر ولا كذلك عدم تمكنها من البراءة عند وجود المعلق عليه فإنه أمر خارجي ، وأيضا فالجهل بعدم وجوب قبول الدين جهل بالحكم وهو غير عذر لنسبتها إلى تقصير في الجملة ( قوله : بأن كان حيوانا ) بقي ما لو اختلفا في كونه المسلم فيه أو غيره فهل يصدق المسلم أو المسلم إليه ، وينبغي أن يأتي فيه ما تقدم في المياه من المرجحات فإن لم يوجد مرجح وقت الأمر حتى يصطلحا على شيء ( قوله : أو كان يترقب إلخ ) يتأمل هذا فإن قضية التعبير بأوانه لو كان غير حيوان ولم يحتج في حفظه لمؤنة وتوقع زيادة سعره عند المحل لم يجب القبول ، وقد يتوقف فيه بأنه حيث لا ضرورة عليه يجبر على القبول ويدخره لوقت الحلول إن شاء فلا يفوت مقصوده فلعل أو بمعنى الواو ويصور ذلك بما إذا لحقه ضرر بغير ما ذكر كخوف تغير المسلم فيه إذا ادخر إلى الوقت الذي يترقبه مع كونه لم يحتج في ادخاره إلى محل يحفظه فيه ولا مؤنة له ( قوله : أجبر ) أي ويكفي الوضع بين يديه ( قوله أولا لغرض ) في تصور انتفاء الغرض للمسلم إليه نظر ، إذ أقل مراتبه حصول البراءة بقبض المسلم له اللهم إلا أن يقال : المراد أنه لم يقصد حصول البراءة وإن كانت حاصلة بقبول المسلم ، ولا يلزم من كون الشيء حاصلا كونه مقصودا ( قوله : أن يقبض ) أي الحاكم



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 216 ] قوله : يقتضي تصديق المسلم إليه مطلقا ) أي في بلد لا مجوس فيه أو والمسلمون فيه أغلب بقرينة ما قبله . ( قوله : مطلقا ) أي سواء أقال ذبحته أم لا . ( قوله : أنه لا تلازم بين الطهارة وحل الأكل ) قال الشهاب سم : وفيه نظر ، بل يلزم من طهارة اللحم حله ما لم يثبت سبب آخر لحرمته غير النجاسة فليتأمل ا هـ [ ص: 217 ]

                                                                                                                            ( قوله : وأفهم اعتباره لغرض المؤدي ) حق العبارة وأفهم تقديمه لغرض المؤدى إليه على غرض المؤدي أو نحو ذلك . ( قوله : ولو كان المسلم غائبا ) هذا في الدين الحال خلافا لما يوهمه سياقه




                                                                                                                            الخدمات العلمية