الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ولها ستة أركان : عاقدان ، ومورد ، وعمل ، وثمر ، وصيغة ، وكلها مع شروطها تعلم من كلامه ( تصح من ) مالك وعامل ( جائز التصرف ) لنفسه كما قاله الشارح رادا به دعوى شمول جائز التصرف للولي في مال محجوره فيكون مكررا وهو الذي لا حجر عليه المختار دون غيره كالقراض ( و ) تصح ( لصبي ومجنون ) وسفيه من وليهم ( بالولاية ) عليهم عند المصلحة للحاجة إلى ذلك ولبيت المال وفي مال من لا يعرف مالكه من الإمام وللوقف من ناظره وفي مال الغائب كما قاله الزركشي قال : ومقتضى كلام الماوردي أنه ليس لعامل القراض المساقاة ، فإن عمله في حق المالك لا في حق نفسه بخلاف المساقي ، وأفتى ابن الصلاح بصحة إجارة ولي لبياض أرض موليه بأجرة هي مقدار منفعة الأرض وقيمة الثمر ثم مساقاة المستأجر بسهم للمولى عليه من ألف سهم بشرط أن لا يعد ذلك عرفا غبنا فاحشا في عقد المساقاة بسبب [ ص: 246 ] انضمامه لعقد الإجارة ، وكونه نقصا مجبورا بزيادة في الأجرة موثوق بها عادة . ورد البلقيني له بما حاصله أنهما صفقتان متباينتان فلا تنجبر إحداهما بالأخرى مردود كما قاله الولي العراقي بأنه لم يزل يرى عدول النظار والقضاة والفقهاء ، يفعلون ذلك ويحكمون به ، وبأنهم اغتفروا الغبن في أحد العقدين لاستدراكه في الآخر لتعين المصلحة فيه المترتب على تركها ضياع الشجر والثمر .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : تصح من مالك وعامل ) .

                                                                                                                            [ فرع ] لو كان العامل صبيا لم تصح وله أجرة المثل ، ويضمن الصبي بالإتلاف لا بالتلف ولو بتقصير لأنه لم يسلطه على الإتلاف م ر ا هـ سم على حج . ومعلوم أن الكلام فيما لو عقد الصبي بنفسه ، أما لو عقد له وليه فينبغي الصحة حيث رأى في ذلك مصلحة له كما يجوز له إيجاره للرعي مثلا ، وقد يشمله قول المصنف الآتي وتصح لصبي بأن يراد أعم من أن يكون في ماله أو في ذاته ليكون عاملا ( قوله : جائز التصرف ) أي من كل منهما ( قوله : من الإمام ) أي أو نائبه ، وعليه فلو تبين المالك بعد ذلك هل يصح التصرف أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول لأن الإمام نائب المالك ، ثم إن كانت الثمرة باقية أخذها وإلا رجع على بيت المال ( قوله وفي مال الغائب ) أي من الإمام أو نائبه ( قوله لا في حق نفسه ) ظاهره وإن ظهر في المال ربح ، ويوجه بأن العامل إنما يملك حصته بالقسمة لا بالظهور . على أنا لو قلنا يملك بالظهور فهو ملك غير مستقر لأنه لو عرض خسر جبر من الربح ( قوله : بخلاف المساقي ) أي فإن عمله بسبب مال نفسه وهو الثمر المشترك بينه وبين المالك سواء كانت المساقاة على [ ص: 246 ] عينه أو ذمته فإن الثمر في كل منهما مشترك بينهما ، ثم إن كانت المساقاة على عينه لا يساقي غيره أو على ذمته جاز كما يأتي ، والمراد بكونه عمل في مال نفسه كما تقدمت الإشارة إليه أن الحامل له على العمل ما يتوقعه من المال ، فلا يرد أن الثمرة قد لا تكون موجودة عند العقد فيكون عمله في مدة عدم الثمرة في مال المالك ( قوله : موثوق بها عادة ) دفع به ما قد يقال : قد يعرض ما يوجب انفساخ عقد الإجارة ( قوله : ويحكمون به ) أي فصار كالمجمع عليه ( قوله : وبأنهم اغتفروا الغبن ) قد يقال : إن كان الحال بحيث لو لم ينضم أحد العاقدين إلى الآخر يحصل من مجموعهما أكثر مما يحصل مع الانضمام ، فالوجه امتناع ما ذكره ابن الصلاح ، وإن كان بحيث لو لم يحصل هذا الضم حصل أقل أو تعطل أحد العقدين ولم يرغب فيه فالوجه جواز ما ذكر بل وجوبه ، وقد يشير إلى ذلك قوله لتعين المصلحة إلخ فليتأمل ا هـ سم على حج .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : رادا به دعوى شمول جائز التصرف للولي إلخ ) وجه الرد من ذلك الذي فهمه الشارح كما يعلم من حله الآتي أن جائز التصرف وإن كان شاملا في حد ذاته للولي إلا أنه أريد به هنا ما قابل الولي بدليل مقابلة المصنف له بصحتها من الولي الذي أشار إليه بقوله ولصبي ومجنون بالولاية فهو عام أريد به الخصوص ، وهو مجاز لعلاقة الكلية والجزئية والقرينة عليه المقابلة التي قررناها ، هذا حاصل كلام الشارح هنا .

                                                                                                                            والظاهر أن هذا ليس مراد الجلال بل مراده من ذلك تسليم أن قول المصنف جائز التصرف شامل للولي وأنه باق على عمومه لكن قول المصنف ولصبي ومجنون ليس معطوفا على قوله من جائز التصرف بل هو معطوف على محذوف وهو الذي قدره من قوله لنفسه وهو متعلق ب تصح وتقدير الكلام حينئذ : تصح من جائز التصرف وصحتها منه لا فرق فيما بين كونها لنفسه بلا وقاية وبين كونها لصبي ومجنون بالولاية ، وحينئذ فحق الحل للمتن أن يقال : تصح من جائز التصرف لنفسه : أي بلا ولاية ، وتصح منه لصبي ومجنون وسفيه بالولاية عليهم .

                                                                                                                            واعلم أن لنفسه على ما فهمه الشارح متعلق بالتصرف فتأمل . ( قوله : فإن عمله في حق المالك ) مراده بعمله معاملته للغير : أي مساقاته التي الكلام فيها وإلا فهو لا عمل له في الثمرة . ( قوله : بشرط أن لا يعد ذلك عرفا غبنا فاحشا ) انظر ما فائدة هذا الشرط مع أن الصورة أن الأجرة تفي بمنفعة الأرض وبقيمة الثمر إلا أن يكون الحال [ ص: 246 ] يختلف في المساقاة بين أن تقع منضمة إلى إجارة الأرض وبين أن تقع منفردة فتأمل




                                                                                                                            الخدمات العلمية