الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( والفسخ ) بعيبه أو بعيبها المقارن أو الحادث ( قبل دخول يسقط المهر ) والمتعة لأنها إن كانت فاسخة فظاهر أو هو فبسببها فكأنها الفاسخة ولأنه بذل العوض السليم في مقابلة منافعها وقد تعذرت بالعيب ، وبه فارق عدم جعل العيب فيه بمنزلة فسخه بغير عيبها لأن قضية الفسخ تراد العوضين فكما رد شرط كاملا ردت مهره كذلك ( و ) الفسخ ( بعده ) أي الدخول أو معه الأصح أنه يجب به ( مهر ) ( مثل إن فسخ ) بالبناء للمفعول لا الفاعل لإيهامه بعد الوطء أو معه

                                                                                                                            ( ب ) عيب به أو بها

                                                                                                                            ( مقارن ) للعقد لأنه إنما بذل المسمى في مقابلة استمتاعه بسليمة ولم يوجد فكأنه لا تسمية

                                                                                                                            ( أو ) إن فسخ معه أو بعده

                                                                                                                            ( بحادث بين العقد والوطء ) أو فسخ معه أو بعده بحادث معه

                                                                                                                            ( جهله الواطئ ) لما ذكر أما إذا علمه ثم واطئ فلا خيار

                                                                                                                            [ ص: 313 ] لرضاه به فشمل ما لو عذر بالتأخير فيبطل خياره فيما يظهر

                                                                                                                            ( و ) الأصح أنه يجب

                                                                                                                            ( المسمى إن ) فسخ بعد وطء وقد

                                                                                                                            ( حدث ) العيب

                                                                                                                            ( بعد وطء ) لأنه لما استمتع بسليمة استقر ولم يغير وإنما ضمن الوطء هنا بالمسمى أو بمهر المثل ، بخلافه في أمة اشتراها ثم وطئها ثم علم عيبها ، لأنه هنا مقابل بالمهر وثم غير مقابل بالثمن لأنه في مقابلة الرقبة فقط .

                                                                                                                            الثاني وهو قول مخرج يجب المسمى مطلقا فيتصور بالدخول .

                                                                                                                            والثالث مهر المثل مطلقا وقيل في المقارن إن فسخ بعيبها فمهر المثل أو فسخت بعيبه فالمسمى .

                                                                                                                            والحاصل أن الوطء مضمون بلا خلاف لأنه لا يخلو عن مقابل ، وإنما الخلاف هل يجب المسمى أو مهر المثل ، وما استشكل به التفصيل بأن الفسخ إن رفع العقد من أصله فليجب مهر المثل مطلقا أو من حينه فالمسمى مطلقا .

                                                                                                                            أجاب عنه السبكي بأنه هنا وفي الإجارة إنما يرفعه من حين وجود سبب الفسخ لا من أصل العقد ولا من حين الفسخ لأن المعقود عليه فيهما المنافع هي لا تقبض إلا بالاستيفاء وحينئذ تعين ذلك التفصيل ، بخلافه في الفسخ بنحو ردة أو رضاع أو إعسار فإنه من حين الفسخ قطعا انتهى .

                                                                                                                            وهو مشكل في الإعسار فإنه ليس فاسخا بذاته بخلاف اللذين قبله فكان القياس إلحاقه بالعيب لا بهما ، وقال غيره بمنع التردد هنا لأن سبب وجوب مهر المثل أنه لما تمتع بمعيبة على خلاف ما ظنه من السلامة صار العقد كأنه جرى بلا تسمية ، وأيضا فقضية الفسخ رجوع كل إلى عين حقه إن وجد وإلا فبدله فتعين الرجوع إلى حقه وهو المسمى ورجوعها لبدل حقها وهو مهر المثل لفوات حقها بالدخول .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : يسقط المهر والمتعة ) الأولى أن يقول ويمنع من وجوب المتعة لأن التعبير بيسقط قد يقتضي أنها وجبت ثم سقطت مع أنه ليس كذلك ( قوله : وبه فارق ) أي بأنه بذل العوض إلخ ( قوله : عدم جعل العيب فيه ) أي الزوج ( قوله لإيهامه ) أي أن الفاسخ هو الزوج ( قوله أما إذا علمه ثم وطئ ) أي مختارا ، أما لو أكره على الوطء فالقياس أنه لا يشترط خياره وأنه يجب عليه مهر المثل ويرجع به على المكره كإكراه

                                                                                                                            [ ص: 313 ] على إتلاف مال الغير ، فإن كلا طريق في الضمان وقرار الضمان على المكره ( قوله : فشمل ما لو عذر بالتأخير ) أي ثم وطئ هو ظاهر فيما إذا كان العذر نحو ليل أو غيبة الحاكم ، أما لو كان العذر جهله ثبوت الخيار فينبغي أن لا يسقط لأن وطأه والحالة ما ذكر لا يدل على رضاه بالعيب ، وعبارة حج : لو عذر بالقاضي لا يبطل خياره بوطئه والظاهر خلافه .

                                                                                                                            ثم رأيت ما ذكرته وقدمته في مشتر علم العيب وجهل أن له الرد فاستعمله هل يسقط رده لأن استعماله رضاه منه به أولا لأنه إنما استعمله لظنه يأسه من الرد فيأتي نظير ذلك هنا ( قوله : بخلافه في أمة اشتراها ) أي ثيبا أو غيرها ، لكن زوال البكارة في البكر عيب حادث يمنع الرد القهري فيأتي فيه ما ذكر ثم . ا هـ ( قوله : وما استشكل به التفصيل ) بين كون الفسخ بعيب بعد الوطء أو قبله ( قوله : بخلاف اللذين ) أي الردة والرضاع وقوله قبله أي الإعسار ( قوله : فكان القياس إلحاقه بالعيب ) أي على أن فسخ النكاح بعيب والإجارة ترفع العقد من حين سببه لا من أصل العقد ولا من حين الفسخ .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : لإيهامه ) أي أن محل وجوب المهر إذا كان هو الفاسخ ( قوله : ; لأنه إنما بذل المسمى إلخ ) لا يخفى أنه إنما يأتي فيما لو كان العيب بها ويقتضي أنه لو كان العيب به يجب المسمى وهو القول الآتي ، ومن ثم قال بعضهم فيه : إنه الذي لا يتجه غيره لكن أجاب عنه الشهاب حج بما لا يشفي عند التأمل فليراجع [ ص: 313 ] قوله : فكان القياس إلحاقه بالعيب ) لك أن تقول بل القياس إلحاقه بهما بجامع أن كلا من الثلاثة ملحظ الفسخ فيه حصوله في الحال من غير نظر إلى كونه مقارنا أو غير مقارن ، ولا يصح إلحاقه بالعيب للفارق الذي أشرت إليه .

                                                                                                                            وأما كون الفسخ يقع بنفسه أو بفاعل فذاك أمر آخر لا يصح أن يكون ملحظا في ذلك فتأمل ( قوله : أنه إنما تمتع بمعيبة ) هو قاصر على ما إذا كان العيب بها ( قوله : وأيضا فقضية الفسخ إلخ ) يقتضي وجوب مهر المثل حتى في العيب الحادث بعد الوطء فتأمل




                                                                                                                            الخدمات العلمية