الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( و ) تجب ( موالاتها ) بأن يصل بعض كلماتها ببعض من غير فصل إلا بقدر تنفس وعي فلا يضر وإن طال لأنه معذور كما نقله في المجموع عن نص الأم ، وإن أشعر كلام الروضة بخلافه للاتباع مع خبر { صلوا كما رأيتموني أصلي } فلو أخل بها ساهيا لم يضر كما لو طول ركنا قصيرا ساهيا ، بخلاف ما لو ترك الفاتحة سهوا فإنه يضر لأن الموالاة صفة والقراءة أصل ، ولا يرد على ذلك نسيان الترتيب حيث كان ضارا ، لأن أمر الموالاة أيسر من الترتيب لما مر من أن تطويل الركن القصير لا يضر ، بخلاف الترتيب فإنه لا يعتد بالمقدم من سجود على ركوع مثلا ، ولو شك هل ترك حرفا فأكثر من الفاتحة بعد تمامها لم يؤثر لأن الظاهر حينئذ مضيها تامة ، ولأن الشك في حروفها يكثر لكثرتها ، فعفا عنه للمشقة فاكتفى فيها بغلبة الظن ،

                                                                                                                            بخلاف بقية الأركان ، أو شك في ذلك قبل تمامها أو هل قرأها أو لا استأنف لأن الأصل عدم قراءتها ، والأوجه إلحاق التشهد بها فيما ذكر كما قاله الزركشي لا سائر الأركان فيما يظهر ( فإن تخلل ذكر ) أجنبي غير متعلق بالصلاة ( قطع الموالاة ) وإن كان قليلا كحمد عاطس وإن سن خارجها [ ص: 483 ] وكإجابة مؤذن لأن ذلك ليس مختصا بها لمصلحتها ، فكان مشعرا بالإعراض ولتغييره النظم من غير عذر ، بخلافه مع النسيان فلا يقطعها بل يبني .

                                                                                                                            والذكر بكسر الذال باللسان ضد الإنصات وبالضم بالقلب ضد النسيان قاله الكسائي ، وقال غيره إنهما لغتان بمعنى ( فإن تعلق بالصلاة كتأمينه لقراءة إمامه وفتحه عليه ) عند توقفه وسكوته إذ الفتح تلقين الآية فلا يرد عليه ما دام يرددها ، وكسجوده لتلاوة إمامه معه وسؤال رحمة واستعاذة من عذاب عند قراءة آيتهما ( فلا ) يقطع الموالاة ( في الأصح ) لأنه من مصلحتها فلا يجب استئنافها ، وإن كان هو الأولى كما في المجموع خروجا من خلاف من قطع الموالاة به ، وكأنهم إنما لم يبالوا بالقول ببطلان الصلاة بالتكرير حينئذ إن كان بعد فراغ الفاتحة لأن مدركه أضعف من مدرك الخلاف الأول ، ويؤخذ من ذلك أنه إذا تعارض خلافان يقدم أقواهما وهي مسألة نفيسة ، وإن اقتضى كلام الزركشي أنه عند التعارض يترك رعاية القولين معا ، وأفاد أيضا أن محل مراعاة الخلاف إمكان الجمع بين المذهبين وإلا قدم مذهبه ، ومقابل الأصح يقطعها لأنه ليس بمندوب كالحمد عند العطاس وغيره ورد بأن ذلك ليس من مصلحة الصلاة .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : إلا بقدر تنفس ) أي وغلبة سعال وعطاس ، وقوله فلا يضر وإن طال ومنه التثاؤب ( قوله : بخلاف ما لو ترك الفاتحة سهوا فإنه يضر ) أي يضر في عدم حسبان ما فعله سهوا قبل قراءة الفاتحة فلا يحسب ركوعه الذي أتى به قبل الفاتحة لسهوه عنها .

                                                                                                                            [ فرع ] لو سكت في أثناء الفاتحة عمدا بقصد أن يطيل السكوت هل تنقطع الموالاة بمجرد شروعه في السكوت كما لو قصد أن يأتي بثلاث خطوات متواليات تبطل صلاته بمجرد شروعه في الخطوة الأولى أو لا تنقطع إلا إن حصل الطول بالفعل حتى لو عرض ولم يطل لم تنقطع ، ويفارق ما ذكر بأن ذاك إنما ضر لأنه ينافي اشتراط دوام نية الصلاة حكما ، لأن قصد المبطل ينافي الدوام ، ولا كذلك هنا لأن المضر وجود ما يقطع أو السكوت بقصد القطع ولم يوجد واحد منهما ، ومجرد الشروع في السكوت بقصد إطالته لا يستلزم وجوده لجواز الإعراض عنه ، فيه نظر ، ويتجه الآن الثاني والفرق فليحرر ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            وقد يقال : يتجه الأول لأن السكوت بقصد الإطالة مستلزم لقصد القطع فأشبه ما لو سكت يسيرا بقصد قطع القراءة ( قوله : بخلاف بقية الأركان ) أي فيضر الشك في صفتها بعد قراءتها ، ومنها التشهد فيضر الشك في بعضه بعد فراغه منه على ما اقتضاه كلامه هنا ، لكن سيأتي له أن الأوجه خلافه ( قوله : استأنف ) أي وجوبا ( قوله : لا سائر الأركان ) أي فإنه إذا شك فيها أو في صفتها وجب إعادتها مطلقا كما مر فورا ، ومن ذلك ما لو شك في شيء من الأعضاء السبعة هل وضعه أو لا ، فيعيد السجود وإن كان الشك بعد الفراغ منه ، هذا إن كان إماما أو منفردا ، أو بعد سلام الإمام إن كان مأموما : أي حيث امتنع عليه الرجوع إليه بأن تلبس مع الإمام بما بعده ( قوله : وإن سن خارجها ) أي خارج قراءة الفاتحة لا خارج [ ص: 483 ] الصلاة ، فلا ينافي ما صرح به في العباب من أنه إذا عطس في الصلاة سن له الحمد ، وقال في بيانه سم : لعل المراد أنه يسن له في غير الفاتحة وإلا فكيف يسن له فيها ما يقطع موالاتها ( قوله : وبخلافه مع النسيان ) أي فلا يقطعها : أي وإن طال ما أتى به جهلا أو نسيانا حج ( قوله : وفتحه عليه عند توقفه ) ظاهره وإن كان التوقف في قراءة غير الفاتحة ، وهو ظاهر إعانة للإمام على القراءة المطلوبة قال الشيخ عميرة : هذا التوقف تقول العرب فيه ارتج عليه مخففا مبنيا للمجهول إرتاجا من أرتجت الباب أغلقته ، ولا يجوز ارتج عليه بالتشديد كما قاله الجوهري ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            ولا بد في الفتح عليه من قصد القراءة ولو مع الفتح وإلا بطلت صلاته على المعتمد ا هـ زيادي .

                                                                                                                            وعليه فلو فتح عليه وشك بعد الفتح هل قصد القراءة أم لا هل تبطل صلاته أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب عدم البطلان لأن الأصل دوام الصحة ( قوله : فلا يرد عليه ) أي لا يسن فإن فتح عليه حينئذ انقطعت الموالاة تأمل ا هـ سم على منهج ( قوله واستعاذة من عذاب ) ومنه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند قراءة ما فيه اسمه فيما يظهر بناء على استحباب ذلك ، وهو ما نقل سم اعتماده عن الشارح ، وسيأتي فيه كلام للشارح عند قول المصنف : والصحيح سن الصلاة إلخ ( قوله : عند قراءة آيتهما ) قضيته أن المأموم إذا سمع سؤال الإمام الرحمة والاستعاذة من النار أمن ولا يشاركه في الدعاء ، وهو قياس ما يأتي في القنوت إن كان الإمام أتى به بلفظ الجمع ( قوله : فلا يقطع الموالاة في الأصح ) قال الإسنوي : مقتضى كلام الشيخين عدم القطع ولو طال وفيه نظر ا هـ عميرة ، ومقتضى النظر هو المعتمد ( قوله : بالتكرير حينئذ ) أي حين كررها لإتيانه بالذكر المار ، وقوله إن كان بعد فراغ الفاتحة ، قضيته أنه لو كرر آية من الفاتحة قبل الفراغ منها أو قرأ بعضها بعد إتمامها لم تبطل قطعا ، ولكن قوله وكأنهم إنما لم يبالوا إلخ ، لا يظهر وجهه لأن الكلام هنا فيما لو فتح عليه وهو في أثناء القراءة ( قوله : وأفاد أيضا ) أي الزركشي ( قوله : ومقابل الأصح يقطعها ) أي ما ذكر من الذكر المتعلق بمصلحة الصلاة ( قوله : كالحمد عند العطاس ) أي فإنه يقطع الموالاة ( قوله ليس من مصلحة الصلاة ) قضية الاقتصار في الرد على ما ذكر تسليم أن ما تعلق بمصلحة الصلاة من التأمين والفتح ليس بمندوب ، وليس مرادا لما يأتي في المتن من أنه يسن له أن يؤمن مع إمامه ، وعبارة المحلي : [ ص: 484 ] فلا يقطع الموالاة في الأصح بناء على أن ذلك مندوب ، وقيل ليس بمندوب فيقطعها .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : غير متعلق بالصلاة ) بيان للمراد من الأجنبي ، وسيأتي ما يوضح معنى تعلقه بالصلاة في قوله ; لأن ذلك ليس مختصا بها لمصلحتها ، إذ يعلم منه أن المتعلق بها ما كان مختصا بها لمصلحتها ( قوله : وإن سن ) أي حمد العاطس وقوله خارجها : أي الفاتحة [ ص: 483 ] قوله : يرد عليه إلخ ) أي فإن رد حينئذ انقطعت الموالاة كما هو ظاهر ( قوله : إن كان بعد فراغ الفاتحة ) أي الصادق به أولوية الاستئناف إذ هو أعم من أن يكون تمم الفاتحة أو لا ، لكن محل الخلاف إذا استأنفها بعد تمامها كما نبه [ ص: 484 ] عليه الشارح




                                                                                                                            الخدمات العلمية