الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ومن ) ( أقر بعقوبة لله تعالى ) أي بموجبها كزنى وسرقة وشرب مسكر ولو بعد دعوى ( فالصحيح أن للقاضي ) أي يجوز له كما في الروضة ، لكن في شرح مسلم إشارة إلى نقل الإجماع على ندبه ، وحكاه عن الأصحاب والمعتمد الأول [ ص: 464 ] وقضية تخصيصهم الجواز بالقاضي حرمته على غيره ، والأوجه جوازه لامتناع التلقين على الحاكم دون غيره ( أن يعرض له ) حيث كان جاهلا وجوب الحد وهو معذور كما في التعزير ، ولعله جرى على الغالب إذ العالم قد تطرأ له دهشة فلا فرق كما قاله البلقيني ( بالرجوع ) عن الإقرار وإن كان عالما بجوازه فيقول : لعلك قبلت فاخذت أخذت من غير حرز غصبت انتهبت لم تعلم أن ما شربته مسكر ; { لأنه صلى الله عليه وسلم عرض به لماعز وقال لمن أقر عنده بالسرقة ما أخالك سرقت ، قال بلى ، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثا فأمر به فقطع } .

                                                                                                                            والثاني لا يعرض له .

                                                                                                                            والثالث : يعرض له إن جهل أن له الرجوع ، فإن علم فلا ، وأفهم قوله بالرجوع أنه لا يعرض له بالإنكار أي ما لم يخش أن ذلك يحمله على إنكار المال أيضا فيما يظهر ، وأنه يمتنع التعريض إذا ثبت بالبينة ، وقوله لله يفيد أن حق الآدمي لا يحل التعريض بالرجوع عنه وإن لم يفد الرجوع فيه شيئا ، ويوجه بأن فيه حملا على محرم فهو كمتعاطي العقد الفاسد ( ولا يقول ) له ( ارجع ) عنه أو اجحده قطعا فيأثم به ; لأنه أمر بالكذب ، وله أن يعرض للشهود بالتوقف في حده تعالى إن رأى المصلحة في الستر وإلا فلا ، وعلم منه أنه لا يجوز له التعريض ، ولا لهم التوقف عند ترتب مفسدة على ذلك من ضياع المسروق أو حد للغير .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله والمعتمد الأول ) [ ص: 464 ] أي الجواز

                                                                                                                            ( قوله : والأوجه جوازه ) أي من الغير

                                                                                                                            ( قوله : فلا فرق ) أي بين العالم والجاهل ( قوله ما لم يخش ) متصلة بقول المصنف بالرجوع فكان الأولى ذكرها قبل قوله وأفهم ، وعبارة حج : وأفهم قوله أقر أن له قبل الإقرار ولا بينة حمله بالتعريض على الإنكار : أي ما لم يخش أن ذلك إلخ ا هـ

                                                                                                                            ( قوله : لا يحل التعريض ) أي وإن كان رجوعه لا يقبل

                                                                                                                            ( قوله : فيأثم به ) ومثل القاضي غيره

                                                                                                                            ( قوله : لأنه أمر بالكذب ) إن رجع المتن أيضا كما هو ظاهر دل على تضمن الرجوع الكذب فيخالف ما تقدم من الفرق بين التعريض بالرجوع والتعريض بالإنكار ، وأن في الثاني حملا على الكذب ، وتسليم ذلك في الجواب مع الاعتذار عنه ، إلا أن يجاب بالفرق بين الحمل على الكذب والأمر به فليحرر ا هـ سم على حج

                                                                                                                            ( قوله : أو حد للغير ) ومثله بالأولى ما لو خاف على نفسه أو ماله كما هو معلوم .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 464 ] ( قوله : دون غيره ) أي فهو أولى بالجوار ( قوله : وأفهم قوله : للرجوع أنه لا يعرض له بالإنكار إلخ . ) صوابه ما في التحفة ونصه : وقوله : أي وأفهم قول المتن أقر أن له قبل الإقرار ولا بينة حمله بالتعويض على الإنكار : أي ما لم يخش إلخ . ولعل صورة إنكار السرقة دون المال كأن يقر به ويدعي أنه أخذه بشبهة أو نحو ذلك




                                                                                                                            الخدمات العلمية