الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            أن ( يسمى فيه ) للخبر الصحيح وإن مات قبله بل يندب تسمية سقط نفخت فيه روح ، فإن لم يعلم له ذكورة ولا أنوثة سمي باسم يصلح لهما كطلحة وهند ، ووردت أخبار صحيحة بتسميته يوم الولادة ، وحملها البخاري على [ ص: 148 ] من لم يرد العق والأول على من أراده ، ويندب تحسين الأسماء وأحبها عبد الله ثم عبد الرحمن ، ولا يكره اسم نبي أو ملك ، بل جاء في التسمية بمحمد فضائل جمة ، ويكره بقبيح كحرب ومرة وما يتطير بنفيه كيسار ونافع وبركة ومبارك ، ويحرم بملك الملوك إذ لا يصلح لغيره تعالى ، وكذا عبد الكعبة أو الدار أو علي أو الحسن لإيهام التشريك ، ومثله عبد النبي على ما قاله الأكثرون ، والأوجه جوازه لا سيما عند إرادة النسبة له صلى الله عليه وسلم ، ويؤخذ من العلة حرمة التسمية بجار الله ورفيق الله ونحوهما لإيهامه المحذور أيضا ، وحرمة قول بعض العوام إذا حمل ثقيلا الحملة على الله ، ولا بأس باللقب الحسن إلا ما توسع فيه الناس حتى سموا السفلة بفلان الدين ، ويكره كراهة شديدة بنحو ست الناس أو العرب أو القضاة أو العلماء لأنه من أقبح الكذب ، ويحرم التكني بأبي القاسم مطلقا كما مر في الخطبة بما فيه مما يأتي مجيئه هنا ( و ) أن ( يحلق رأسه ) ولو أنثى للخبر الصحيح ، ويكره لطخه بدم من الذبيحة لأنه فعل الجاهلية ، وإنما لم يحرم لروايات ضعيفة به قال بها بعض المجتهدين ، ويكره القزع وهو حلق بعض الرأس من محل أو محال ، ويندب لطخه بالخلوق والزعفران ، وأن يكون الحلق ( بعد ذبحها و ) يسن بعد الحلق للأنثى والذكر أن ( يتصدق بزنته ذهبا أو فضة ) لخبر { أنه صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة أن تزن شعر الحسين رضي الله عنهما وتتصدق بوزنه فضة } وألحق بها الذهب بالأولى ومن ثم كان أفضل ، فأو في كلامه للتنويع لا للتخيير لأن القاعدة متى بدئ بالأغلظ قبل ، أو كانت للترتيب أو بالأسهل فللتخيير .

                                                                                                                            ويندب لكل أحد أن يدهن غبا ويكتحل لكل عين ثلاثة ويقلم ظفره وينتف إبطه ويحلق عانته ، ويجوز العكس ، وأن يقص شاربه عند الحاجة حتى يبين طرف الشفة بيانا ظاهرا ، ويكره الإحفاء وتأخير هذه الأمور عن حاجتها ، وبعد الأربعين أشد كراهة ، وأن يغسل البراجم ومعاطف الأذن وصماخها وباطن الأنف تيامنا في الكل ، وأن يخضب الشيب بالحمرة والصفرة ، [ ص: 149 ] ويحرم بالسواد إلا لجهاد ، وخضاب اليدين والرجلين بالحناء للرجل والخنثى حرام بلا عذر ، ويندب فرق الشعر وترجيله وتسريح اللحية ، ويكره نتفها وحلقها ونتف الشيب واستعجاله بالكبريت ونتف جانبي العنفقة وتصفيفها طاقة فوق طاقة والنظر في سوادها وبياضها إعجابا والزيادة في العذارين والنقص منهما ولا بأس بترك سباليه ، ويندب لولده وقنه وتلميذه أن لا يسميه باسمه ، وأن يكني أهل الفضل الذكور والإناث وإن لم يكن لهم ولد ، ولا يكنى كافر وفاسق ومبتدع إلا لخوف فتنة أو تعريف ولا بأس بكنية الصغير ، ويندب تكنية من له أولاد بأكبر أولاده ، والأدب أن لا يكني نفسه في كتاب أو غيره إلا إن كانت أشهر من الاسم أو لا يعرف إلا بها ، ويحرم تكنيته بما يكره وإن كان فيه ( و ) يسن أن ( يؤذن في أذنه اليمنى ) ويقيم في اليسرى ( حين يولد ) لخبر { أنه صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسين حين ولد } والحكمة في ذلك أن الشيطان ينخسه حينئذ فشرع الأذان والإقامة لأنه يدبر عند سماعهما .

                                                                                                                            وروى البيهقي خبر { من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى لم تضره أم الصبيان } وهي التابعة من الجن ، وقيل مرض يلحقهم في الصغر ، ويسن أن يقرأ في أذنه اليمنى كما هو الظاهر { وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم } على إرادة النسمة وإن كان ذكرا ويزيد في الذكر التسمية وورد { أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في أذن مولود الإخلاص } فيسن ذلك أيضا ( و ) أن ( يحنك بتمر ) ذكرا كان أو أنثى بأن يمضغه ويدلك به حنكه حتى يصل بعضه إلى جوفه فإن فقد تمر فحلو لم تمسه النار ، والأوجه تقديم الرطب على التمر نظير ما مر في الصوم ، وينبغي كون المحنك من أهل الخير والصلاح ليحصل للمولود بركة مخالطة ريقه لجوفه ، ويندب [ ص: 150 ] تهنئة الوالد ونحوه عند الولادة يبارك الله لك في الولد الموهوب وشكرت الواهب وبلغ أشده ورزقت بره ، ويندب الرد عليه بنحو جزاك الله خيرا ، والأوجه امتداد ذلك منها ثلاثا بعد العلم أو القدوم من السفر أخذا مما مر في التعزية .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : أن يسمي فيه ) وينبغي أن التسمية حق من له الولاية من الأب وإن لم تجب عليه نفقته لفقره ثم الجد وينبغي أيضا أن تكون التسمية قبل العق كما قد يؤخذ من قوله السابق ويقول عند ذبحها بسم الله إلخ .

                                                                                                                            [ فائدة ] نقل الأذرعي عن بعض حنابلة عصره أنه أفتى بمنع اليهود والنصارى من التسمية بمحمد وأحمد وأبي بكر وعمر والحسن والحسين ونحوها ، وأن بعض ضعفاء الشافعية تبعه .

                                                                                                                            ثم قال : أي الأذرعي : ولا أدري من أين لهم ذلك وإن كانت النفس تميل إلى المنع من الأولين خوف السب والسخرية ، وفيه شيء فإن من اليهود من تسمي بعيسى والنصارى بموسى : أي وهم لا يعتقدون نبوتهما ولم ينكر على ممر الزمان .

                                                                                                                            وأما غير ذلك : أي من الأسماء فلا أرى له وجها .

                                                                                                                            نعم روي أن عمر نهى نصارى الشام أن يكتنوا بكنى المسلمين ، ويقوي ذلك فيما تضمن مدحا وشرفا كأبي الفضل والمحاسن والمكارم والمشيخة وأن يسموا بمعظم عندنا : أي ونهاهم أن يسموا إلخ دونهم ، فإن قامت قرينة على نحو استهزائهم أو استخفاف بنا منعوا ، وإن سموا أولادهم فلا لقضاء العادة بأن [ ص: 148 ] الإنسان لا يسمي ولده إلا بما يحب انتهى مناوي عند قوله صلى الله عليه وسلم { إذا سميتم محمدا فلا تضربوه ولا تحرموه } ( قوله : ومبارك ) ومن ذلك ما تقع التسمية به من نحو آمنت بالله ( قوله : أو علي ) أي عبد علي وقوله أو الحسين : أي أو عبد الحسين ( قوله : ومثله عبد النبي ) أي أو عبد الرسول ( قوله : والأوجه جوازه ) أي عبد النبي مع الكراهة ( قوله : لإيهامه المحذور ) أي التشريك ( قوله : وحرمة قول بعض العوام إلخ ) أي وإن لم يقصد المعنى المستحيل على الله لإيهامه إياه ( قوله : حتى سموا السفلة بفلان ) أي فيكره ( قوله : ويكره كراهة شديدة بنحو ست الناس أو العرب ) أي بل وينبغي الكراهة بنحو عرب وناس وقضاة وعلماء بدون ست ( قوله : ويحرم التكني بأبي القاسم مطلقا ) أي سواء كان اسمه محمدا أم لا ( قوله : لأنه من أقبح الكذب ) أي ولو لم يحرم لأنه لم يرد به معناه الحقيقي ( قوله : ويكره لطخه ) أي الرأس ( قوله : ويكره القزع ) ومنه الشوشة ( قوله ويندب لطخه بالخلوق ) هو بالفتح ضرب من الطيب ( قوله : ويندب لكل أحد أن يدهن ) أي يدهن الشعر الذي جرت العادة بتزيينه بالدهن ( قوله : ويكتحل لكل عين ثلاثة ) أي متوالية ( قوله : ويجوز العكس ) أي نتف العانة وحلق الإبط ( قوله : وأن يغسل البراجم ) اسم لعقد الأصابع ، وعبارة المختار : البرجمة بالضم واحدة البراجم ، وهي مفاصل الأصابع التي بين الأشاجع والرواجب ، وهي رءوس السلاميات من ظهور الكف إذا قبض القابض كفة نشزت وارتفعت [ ص: 149 ] قوله : ويحرم بالسواد ) أي للرجل والمرأة كما شمله إطلاقه وقوله إلا لجهاد بالنسبة للرجل فقط ( قوله : حرام ) أي ولو بعد الموت ( قوله : ويندب فرق الشعر ) أي عند الحاجة إليه ( قوله : وتسريح اللحية ) قضيته أن الترجيل غير التسريح وأنه يكون في الرأس والتسريح في اللحية ، وعليه فالترجيل التجعيد وإرسال الشعر .

                                                                                                                            قال في المختار : قلت : ترجيل الشعر تجعيده ، وترجيله أيضا إرساله بمشط ( قوله ونتف جانبي العنفقة ) ومنه إزالة ذلك بنحو القص ( قوله : أن لا يسميه باسمه ) أي ولو في مكتوب كأن يقول العبد يا سيدي والولد يا والدي أو يا أبي والتلميذ يا أستاذنا أو يا شيخنا ( قوله : وأن يكني أهل الفضل ) أي والمكنى له الأب والجد ( قوله : ولا يكنى كافر ) أي لا يجوز ذلك ( قوله : ولا بأس بكنية الصغير ) أي ولو أنثى ( قوله : بأكبر أولاده ) أي ولو أنثى ( قوله : وإن كان فيه ) أي إلا إذا لم يعرف إلا به ( قوله : ويسن أن يؤذن ) أي ولو من امرأة لأن هذا ليس الأذان الذي هو من وظيفة الرجال ، بل المقصود به مجرد الذكر للتبرك ، وظاهر إطلاق المصنف فعل الأذان وإن كان المولود كافرا وهو قريب لأن المقصود أن أول ما يقرع سمعه ذكر الله ودفع الشيطان عنه ، وربما يكون دفعه عنه مؤديا لبقائه على الفطرة حتى يكون ذلك سببا لهدايته بعد بلوغه ( قوله : فيسن ذلك ) أي ويكون في اليمين كما في الذكر السابق [ ص: 150 ] قوله : في الولد ) أي ذكرا كان أو أنثى ( قوله : ورزقت بره ) ويحصل أصل السنة بالدعاء بغير ذلك للوالد أو الولد .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وإن مات قبله ) ظاهره أنه يسمى في السابع وإن مات قبله فتؤخر التسمية للسابع ، ويحتمل أنه غاية في أصل التسمية لا بقيد كونها في السابع فليراجع [ ص: 148 ] قوله : والأول على من أراده ) هل هو شامل لمن أراده بعد السابع ( قوله للترتيب ) عبارة التحفة للتنويع : ثم رأيته في نسخة كذلك ( قوله : الإحفاء ) هو بالحاء المهملة : أي حف الشارب من أصله ( قوله : البراجم ) جمع برجمة بضم [ ص: 149 ] الموحدة وبالجيم وهي عقد الأصابع ومفاصلها أي غسلها ولو في غير الوضوء ( قوله وتصفيفها ) يعني اللحية ( قوله : والزيادة في العذارين ) أي من الصدغين ( قوله : أن لا يسميه باسمه ) ظاهره ولو مقرونا بما يدل على التعظيم ( قوله : ويحرم تكنيته بما يكره ) لعل محله إذا عرف بغيرها بقرينة ما قبله ( قوله : وإن كان ذكرا ) ينبغي حذف الواو ( قوله : ويزيد في الذكر التسمية ) كذا في النسخ يزيد بالزاي والتسمية بمثناة فوقية قبل السين وبمثناة تحتية بعد الميم وهو تحريف والصواب يريد بالراء بدل الزاي من الإرادة والنسمة بنون ثم سين ثم ميم ثم تاء التأنيث كما هي عبارة شرح الروض ، على أنه لا حاجة إليه لأنه مكرر مع قوله قبله على إرادة النسمة .




                                                                                                                            الخدمات العلمية