الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
، ومنها : في أحكام النيابة ، فنقول : من أعطى مالا ليحج به عن شخص بلا إجارة ولا جعالة : جاز ، نص عليه كالغزو ، وقال أحمد : لا يعجبني أن يأخذ دراهم ويحج عن غيره ، إلا أن يتبرع ، قال في الفروع : ومراده للإجارة ، أو : أحج حجة بكذا ، والنائب أمين ، يركب وينفق بالمعروف منه ، أو مما اقترضه أو استدانه لعذر على ربه ، أو ينفق من نفسه ، وينوي رجوعه به ، وتركه وأنفق من نفسه ، فقال في الفروع : ظاهر كلام أصحابنا يضمن وفيه نظر . انتهى . قال الأصحاب : ويضمن ما زاد على المعروف ، ويرد ما فضل إلا أن يؤذن له فيه ; لأنه لا يملكه بل أباحه ، فيؤخذ منه ، ولو أحرم ، ثم مات مستنيبه : أخذه الورثة ، وضمن ما أنفق بعد موته . قال في الفروع : ويتوجه لا ; للزوم ما أذن فيه . قال في الإرشاد وغيره في قوله " حج عني بهذا فما فضل فلك " ليس له أن يشتري به تجارة قبل حجه ، قال في الفروع : ويجوز له صرف نقد بآخر لمصلحته ، وشراء ماء للطهارة به ، وتداوي ، ودخول حمام ، وإن مات أو ضل أو صد أو مرض أو تلف بلا تفريط أو أعوز بعده : لم يضمن . قال في الفروع : ويتوجه من كلامهم : يصدق ، إلا أن يدعي أمرا ظاهرا ، فببينة . [ ص: 420 ] وله نفقة رجوعه على الصحيح من المذهب مطلقا ، وعنه إن رجع لمرض : رد ما أخذ ، كرجوعه لخوفه مرضا . قال في الفروع : ويتوجه فيه احتمال ، وإن سلك طريقا يمكنه سلوك أقرب منه بلا ضرر : ضمن ما زاد ، قال المصنف : أو تعجل عجلة يمكنه تركها . قال في الفروع : كذا قال ، ونقل الأثرم : ويضمن ما زاد على أمر بسلوكه ، ولو جاوز الميقات محلا . ثم رجع ليحرم : ضمن نفقة تجاوزه ورجوعه ، وإن أقام بمكة فوق مدة قصر بلا عذر فمن ماله ، وله نفقة رجوعه . خلافا للرعاية الكبرى ، إلا أن يتخذها دارا ، ولو ساعة واحدة فلا ، وهل الوحدة عذر أم لا ؟ ظاهر كلام الأصحاب : مختلف . قال في الفروع : والأولى أنه عذر ، ومعناه في الرعاية وغيره للنهي ، وذكر المصنف : إن شرط المؤجر على أجيره : أنه لا يتأخر عن القافلة ، أو لا يسير في آخرها ، أو وقت القائلة ، أو ليلا ، فخالف : ضمن .

فدل أنه لا يضمن بلا شرط ، والمراد مع الأمن . قاله في الفروع ، ومتى وجب القضاء فمنه ، عن المستنيب ، ويرد ما أخذ ; لأن الحجة لم تقع عن مستنيبه كجنايته . كذا معنى كلام المصنف ، وكذا في الرعاية : نفقة الفاسد والقضاء على النائب . ولعله ظاهر المستوعب . قاله في الفروع . قال : وفيه نظر ، فإن حج من قابل بمال نفسه : أجزأه ، ومع عذر : ذكر المصنف إن فات بلا تفريط احتسب له النفقة ، فإن قلنا : يجب القضاء فعليه ; لدخوله في حج ظنه عليه ، فلم يكن . وفاته ، وذكر جماعة : إن فات بلا تفريط فلا قضاء عليهما : إلا واجبا على مستنيب ، فيؤدي عنه بوجوب سابق ، والدماء عليه ، والمنصوص : ودم تمتع وقران كنهيه : على مستنيبه إن أذن . كدم إحصار ، وأطلق في المستوعب في دم إحصار وجهين . [ ص: 421 ] ونقل ابن منصور : إن أمر مريض من يرمي عنه ، فنسي المأمور : أساء ، والدم على الآمر ، قال في الفروع : ويتوجه أن ما سبق من نفقة تجاوزه ورجوعه والدم مع عذر : على مستنيبه . كما ذكروه في النفقة في فواته بلا تفريط ، ولعله مرادهم . انتهى . وإن شرط أحدهما أن الدم الواجب عليه على غيره : لم يصح شرط . كأجنبي ، قال في الفروع : ويتوجه إن شرط على نائب لم يصح ، واقتصر عليه في الرعاية . فيؤخذ منه : يصح عكسه ، وفي صحة الاستئجار لحج أو عمرة : روايتا الإجارة على قربة . يأتيان في كلام المصنف في الإجارة . والمذهب : عدم الصحة ، ويلزم من استنابه إجارة بدليل استنابة قاض ، وفي عمل مجهول ، ومحدث في صلاة . قال في الفروع : كذا قالوا ، واختار ابن شاقلا تصح ، وذكر في الوسيلة الصحة عنه ، وعن الخرقي ، فعلى هذا : تعتبر شروط الإجارة ، وإن استأجر عينه لم يستنب على الصحيح من المذهب ، وقال في الفروع : يتوجه كتوكيل ، وأن يستنيب لعذر ، وإن ألزم ذمته بتحصيل حجة له استناب ، فإن قال " بنفسك " قال في الفروع : فيتوجه في بطلان الإجارة تردد ، فإن صحت لم يجز أن يستنيب . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية