الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 50 ] قوله ( فإذا ودع البيت ثم اشتغل في تجارة ، أو أقام : أعاد الوداع ) إذا ودع ثم اشتغل في تجارة : أعاد الوداع قولا واحدا وإن اشتغل بغير شد رحل ونحوه : أعاد الوداع لا نعلم فيه خلافا وقال في الرعايتين ، والحاويين : وإن قضى حاجة في طريقه : لم يعد أيضا نص عليه وقدمه في الفروع وجزم به في التلخيص وغيره وقال ابن عقيل ، وابن الجوزي : إن تشاغل في طريقه بشراء زاد ونحوه : لم يعد وقال المصنف والشارح : إن قضى حاجته في طريقه ، أو اشترى زادا في طريقه : لم يعد زاد في الكبرى : أو صلى فوائد منها : يستحب أن يصلي بعد طواف الوداع ركعتين ويقبل الحجر ومنها : يستحب دخول البيت ، والحجر منه ويكون حافيا ، بلا خف ولا نعل ولا سلاح نص على ذلك ومنها : ما قاله في الفنون : تعظيم دخول البيت فوق الطواف : يدل على قلة العلم انتهى ومنها : النظر إلى البيت عبادة قاله الإمام أحمد وقال في الفصول : وكذا رؤيته لمقام الأنبياء ، ومواضع الأنساك .

قوله ( ومن أخر طواف الزيارة فطافه عند الخروج : أجزأ عن طواف الوداع ) .

هذا المذهب وعليه الأصحاب وقاله الخرقي في شرح المختصر ، وصاحب المغني في كتاب الصلاة قاله في القواعد [ ص: 51 ] وعنه لا يجزيه عنه فيطوف له وأطلقهما في المغني فائدة :

لو أخر طواف القدوم ، فطافه عند الخروج : لم يجزه عن طواف الوداع على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع [ وهو ظاهر كلام كثير حيث اقتصروا على المسألة الأولى ] وقال في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والهادي ، والمستوعب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والترغيب ، والرعايتين ، والحاويين : يجزيه ، كطواف الزيارة وقطعوا به وقالوا : نص عليه زاد في الهداية في رواية ابن القاسم قلت : هذا المذهب ولم أر لما قدمه في الفروع موافقا .

قوله ( فإن خرج قبل الوداع رجع إليه فإن لم يمكنه فعليه دم ) إذا خرج قبل الوداع ، وكان قريبا فعليه الرجوع ، إذا لم يخف على نفس أو مال أو فوات رفقة ، أو غير ذلك فإن رجع فلا دم عليه وإن كان بعيدا وهو مسافة القصر لزمه الدم سواء رجع أو لا على الصحيح من المذهب نص عليه قال في الفروع : لزمه دم في المنصوص قاله القاضي وغيره وجزم به في المستوعب ، والتلخيص ، والكافي ، والرعايتين ، والحاويين ، وغيرهم وقال المصنف ، وغيره : ويحتمل سقوط الدم عن البعيد برجوعه كالقريب ، ومسافة القصر : من مثله قال الزركشي : وقد يقال من الحرم وأما إذا لم يمكن الرجوع للقريب : فإن عليه دما وكذا لو أمكنه ولم يرجع بطريق أولى فمتى رجع القريب : لم يلزمه إحرام بلا نزاع قال المصنف والشارح : كرجوعه لطواف الزيارة وإن رجع البعيد أحرم بعمرة لزوما ويأتي بها وبطواف الوداع

فائدة :

قال في الفروع : لو ودع ثم أقام بمنى ، ولم يدخل مكة : يتوجه جوازه [ ص: 52 ] وإن خرج غير حاج ، فظاهر كلام شيخنا : لا يودع انتهى

تنبيه :

شمل كلام المصنف وهو قوله " فإن خرج قبل الوداع " كل حاج سواء الحائض والنفساء وهو صحيح وهو المذهب ، وعليه الأصحاب وقال المصنف والشارح : أهل الحرم لا وداع عليهم .

قوله ( إلا الحائض والنفساء فلا وداع عليهما ) بلا نزاع وهو مقيد بما إذا لم تطهر قبل مفارقة البنيان فإن طهرت قبل مفارقة البنيان : لزمها العود للوداع وإن طهرت بعد مفارقة البنيان : لم يلزمها العود ، ولو كان قبل مسافة القصر بخلاف المقصر بالترك .

قوله ( وإذا فرغ من الوداع : وقف في الملتزم ، بين الركن والباب ) وهذا بلا نزاع بين الأصحاب وذكر أحمد : أنه يأتي الحطيم أيضا وهو تحت الميزاب فيدعو وذكر الشيخ تقي الدين : ثم يشرب من ماء زمزم ويستلم الحجر الأسود ونقل حرب : إذا قدم معتمرا ، فيستحب له أن يقيم بمكة بعد عمرته ثلاثة أيام ثم يخرج فإن التفت ودع نص عليه وذكره أبو بكر وقدمه في التعليق وغيره وحمله جماعة على الندب وذكر ابن عقيل ، وابن الزاغوني : لا يولي ظهره حتى يغيب قال في الفائق : لا يسن له المشي القهقرى بعد وداعه وقدمه في الرعاية قال الشيخ تقي الدين : هذا بدعة مكروهة وذكر جماعة من الأصحاب منهم صاحب الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والرعايتين ، والحاويين ، والفائق وغيرهم : ثم يأتي المحصب فيصلي فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم يهجع واقتصر عليه في المغني

التالي السابق


الخدمات العلمية