الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 273 ] قوله ( ويجوز بيع الهر والفيل وسباع البهائم التي تصلح للصيد ، وكذا سباع الطير . في إحدى الروايتين ) . هذا المذهب . صححه في التصحيح ، والكافي ، والنظم ، وغيرهم . واختاره المصنف ، والشارح ، وابن رزين في شرحه . قال الحارثي في شرحه : الأصح جواز بيع ما يصلح للصيد . وقدمه ابن رزين في شرحه ، والحاوي الكبير . وجزم به الخرقي ، وصاحب الوجيز ، والمنور ، ومنتخب الأدمي ، وغيرهم . والأخرى : لا يجوز . اختارها أبو بكر ، وابن أبي موسى ، وصاحب الهدي . قال في القواعد الفقهية : لا يجوز بيع الهر . في أصح الروايتين . واختاره في الفائق في الهر . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والبلغة ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وتجريد العناية ، والزركشي ، وكذا الفائق في غير الهر . وقيل : يجوز فيما قيل بطهارته منها . وقيل : يجوز بيع المعلم منها دون غيره . ويحتمله كلام المصنف هنا . لكن الأولى : أنه أراد ما يصلح أن يقبل التعليم . وهو محل الخلاف . فعلى المذهب : في جواز بيع فراخه ، وبيضه وجهان . وأطلقهما في الفروع . وأطلقهما في الرعاية في البيض .

أحدهما : يجوز فيما إذا كان البيض ينتفع به . بأن يصير فراخا . اختاره المصنف ، والشارح . وصححه في النظم . وقدمه في الكافي ، والحاوي الكبير ، وابن رزين . قال الزركشي : إن قبل التعليم جاز على الأشهر كالجحش الصغير . وقيل : لا يجوز بيعهما . [ ص: 274 ] قال القاضي : لا يجوز بيع البيض لنجاسته . ورده المصنف ، والشارح .

تنبيه :

قوله " التي تصلح للصيد " عائد إلى " سباع البهائم " فقط . وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب . وتعليلهم يدل عليه . لا إلى الهر والفيل . وقال في الفروع : وفي بيع هر وما يعلم من الصيد ، أو يقبل التعليم . كفيل ، وفهد ، وباز . إلى آخره . وقال بعد ذلك : فإن لم يقبل الفيل والفهد التعليم : لم يجز بيعه . كأسد ، وذئب ، ودب ، وغراب . فلعله أراد أن تعليم كل شيء بحسبه . فتعليم الفيل للركوب والحمل عليه ونحوهما . وتعليم غيره للصيد . لا أنه أراد تعليم الفيل للصيد . فإن هذا لم يعهد ، ولم يذكره الأصحاب فيما يصاد به على ما يأتي . ولشيخنا عليه كلام في حواشي الفروع .

فوائد

الأولى : في جواز بيع ما يصاد عليه كالبومة التي يجعلها شباكا لتجمع الطيور إليها فيصيدها الصياد وجهان . وهما احتمالان مطلقان في المغني ، والشرح ، والرعاية الكبرى . وأطلقهما في الفروع ، والحاوي الكبير . وكذا حكم اللقلق .

أحدهما : يجوز . قدمه ابن رزين في شرحه . وكذا قدم الجواز في اللقلق .

والثاني : لا يجوز .

الثانية : بيع القرد ، إن كان لأجل اللعب به : لم يصح . على الصحيح من المذهب . جزم به في الرعاية ، والمستوعب . وقيل : يصح مع الكراهة . قدمه في الحاوي الكبير . وقد أطلق الإمام أحمد رحمه الله كراهة بيع القردة وشرائها . [ ص: 275 ] فإن كان لأجل حفظ المتاع ونحوه . فقيل : يصح . اختاره ابن عقيل وقدمه في الحاوي الكبير . وتقدم نص أحمد . قلت : وهو الصواب . وعمومات كلام كثير من الأصحاب تقتضي ذلك . وقيل : لا يصح . قال المصنف ، والشارح : هو قياس قول أبي بكر ، وابن أبي موسى . واختاره ابن عبدوس في تذكرته . وأطلقهما في المستوعب ، والرعايتين ، والفائق . وظاهر المغني ، والشرح ، والفروع : الإطلاق . وقال في آداب الرعايتين : يكره اقتناء قرد لأجل اللهو واللعب . وقيل : مطلقا . قلت : الصواب تحريم اللعب .

الثالثة : يصح بيع طير لأجل صوته . كالهزار ، والبلبل ، والببغاء . ذكره جماعة . منهم : صاحب المستوعب ، والمصنف ، والشارح ، وصاحب الرعايتين ، والحاويين ، والنظم ، وشرح ابن رزين . وقدمه في الفروع . وقال الشيخ تقي الدين : يجوز بيعه إن جاز حبسه . وفي جواز حبسه احتمالان . ذكرهما ابن عقيل . وقال في الموجز : لا تصح إجارة ما قصد صوته . كديك ، وقمري . قال في التبصرة : لا تصح إجارة ما لا ينتفع به . كغنم ، ودجاج ، وقمري ، وبلبل . وقال في الفنون : يكره .

التالي السابق


الخدمات العلمية