الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فائدتان : إحداهما : قوله ( وجنايته على الغاصب وعلى ماله هدر ) . بلا نزاع .

وقوله ( ويضمن زوائد الغصب كالولد ، والثمرة إذا تلفت ، أو نقصت كالأصل ) . بلا نزاع في الجملة . فإذا غصب حاملا أو حائلا ، فحملت عنده : فالولد مضمون عليه . ثم إذا ولدت ، فلا يخلو : إما أن تلده حيا ، أو ميتا . فإن ولدته ميتا ، وكان قد غصبها حاملا : فلا شيء عليه . لأنه لا يعلم حياته . وإن كان غصبها حائلا ، فحملت وولدته ميتا : فكذلك عند القاضي . وعند أبيه أبي الحسين : يضمنه بقيمته لو كان حيا . وقال المصنف ، ومن تبعه والأولى : أنه يضمنه بعشر قيمة أمه . وإن ولدته حيا ومات : فعليه قيمته يوم تلفه .

الثانية : قال في الفروع في هذا الباب ، في أول الفصل الأخير منه : وإطلاق الأصحاب بأنه لا يضمن ما أتلفته بهيمة لا يد عليها ظاهره ، ولو كانت مغصوبة . لظاهر الخبر . [ ص: 161 ] وعلل الأصحاب المسألة بأنه لا تفريط من المالك . ولا ذمة لها فيتعلق بها . ولا قصد فيتعلق برقبتها . ويبين ذلك : أنهم ذكروا جناية العبد المغصوب ، وأن الغاصب يضمنها . وقالوا : لأن جنايته تتعلق برقبته فضمنها . لأنه نقص حصل في يد المغصوب . فهذا التخصيص وتعليله يقتضي خلافه في البهيمة . قال : وهذا فيه نظر . ولهذا قال ابن عقيل في جنايات البهائم : لو نقب لص ، وترك النقب ، فخرجت منه بهيمة : ضمنها . وضمن ما تجني بإفلاتها وتخليتها . وقد يحتمل ، إن حازها وتركها بمكان : ضمن . لتعديه بتركها فيه . بخلاف ما لو تركها بمكانها وقت الغصب . وفيه نظر . ولهذا قال الأصحاب ، في نقل التراب من الأرض المغصوبة : إن أراده الغاصب ، وأبى المالك : فللغاصب ذلك مع غرض صحيح . مثل : إن كان نقله إلى ملك نفسه ، فينقله لينتفع بالمكان ، أو كان طرحه في طريق . فيضمن ما يتجدد به من جناية على آدمي ، أو بهيمة . ولا يملك ذلك بلا غرض صحيح . مثل : إن كان نقله إلى ملك المالك ، أو طرف الأرض التي حفرها . ويفارق طم البئر . لأنه لا ينفك عن غرض . لأنه يسقط ضمان جناية الحفر . زاد ابن عقيل : ولعله معنى كلام بعضهم : أو جناية الغير بالتراب . انتهى كلام صاحب الفروع . ومحل هذه الفائدة : عند ضمان ما أتلفت البهيمة . لكن لها هنا نوع تعلق .

التالي السابق


الخدمات العلمية