الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ويجوز لمن أراد خطبة امرأة : النظر ) . هذا المذهب . أعني أنه يباح . [ ص: 17 ] جزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والكافي ، والرعايتين والحاوي الصغير ، والفائق ، وغيرهم . وقدمه في الفروع ، وتجريد العناية . وقيل : يستحب له النظر . جزم به أبو الفتح الحلواني ، وابن عقيل ، وصاحب الترغيب ، وغيرهم . قلت : وهو الصواب . قال الزركشي : وجعله ابن عقيل وابن الجوزي مستحبا . وهو ظاهر الحديث فزاد : ابن الجوزي . قال ابن رزين في شرحه : يسن إجماعا . كذا قال . وأطلق الوجهين ابن خطيب السلامية . وقال : قلت : ويتعين تقييد ذلك بمن إذا خطبها غلب على ظنه إجابته إلى نكاحها . وقاله ابن رجب في تعليقه على المحرر . ذكره عنه في القواعد الأصولية . قلت : وهو كما قال . وهو مراد الإمام والأصحاب قطعا .

قوله ( النظر إلى وجهها ) . يعني فقط من غير خلوة بها . هذا إحدى الروايات عن الإمام أحمد رحمه الله جزم به في البلغة ، والوجيز ، ونظم المفردات . قال في المذهب ، ومسبوك الذهب : هذا أصح الروايتين . وقدمه في الهداية ، والمستوعب ، والخلاصة ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وإدراك الغاية ، وشرح ابن رزين ، وتجريد العناية . قال الزركشي : صححها القاضي في المجرد ، وابن عقيل . [ ص: 18 ] وهو من مفردات المذهب . وعنه : له النظر إلى ما يظهر غالبا ، كالرقبة ، واليدين ، والقدمين . وهو المذهب قال في تجريد العناية : هذا الأصح . ونصره الناظم . وإليه ميل المصنف ، والشارح . وحمل كلام الخرقي وأبي بكر الآتي على ذلك . وجزم به في العمدة . وقدمه في المحرر ، والفروع ، والفائق . وأطلقهما في الكافي . وقيل : له النظر إلى الرقبة ، والقدم ، والرأس ، والساق . وعنه : له النظر إلى الوجه والكفين فقط . حكاها ابن عقيل . وحكاه بعضهم قولا ، بناء على أن اليدين ليستا من العورة . قال الزركشي : وهي اختيار من زعم ذلك . قال القاضي في التعليق : المذهب المعول عليه إلى المنع من النظر : ما هو عورة ونحوه . قال الشريف ، وأبو الخطاب في خلافيهما : وجوز أبو بكر النظر إليها في حال كونها حاسرة . وحكى ابن عقيل رواية : بأن له النظر إلى ما عدا العورة المغلظة . ذكرها في المفردات . والعورة المغلظة : هي الفرجان . وهذا مشهور عن داود الظاهري .

تنبيه :

حيث أتحنا له النظر إلى شيء من بدنها ، فله تكرار النظر إليه ، وتأمل المحاسن . كل ذلك إذا أمن الشهوة . قيده بذلك الأصحاب .

تنبيه آخر :

مقتضى قوله " ويجوز لمن أراد خطبة امرأة " أن محل النظر قبل الخطبة . وهو صحيح . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : وينبغي أن يكون النظر بعد العزم على نكاحها وقبل الخطبة . [ ص: 19 ]

فائدتان

إحداهما : قال الإمام أحمد رحمه الله : إذا خطب رجل امرأة سأل عن جمالها أولا . فإن حمد : سأل عن دينها . فإن حمد : تزوج ، وإن لم يحمد : يكون رده لأجل الدين . ولا يسأل أولا عن الدين ، فإن حمد سأل عن الجمال . فإن لم يحمد ردها . فيكون رده للجمال لا للدين .

الثانية : قال ابن الجوزي : ومن ابتلي بالهوى ، فأراد التزوج : فليجتهد في نكاح التي ابتلي بها ، إن صح ذلك وجاز ، وإلا فليتخير ما يظنه مثلها .

قوله ( وله النظر إلى ذلك ، وإلى الرأس ، والساقين من الأمة المستامة ) . يعني : له النظر إلى ما يظهر غالبا ، وإلى الرأس والساقين منها . وهو المذهب جزم به في الوجيز ، والهداية ، والمذهب ، والخلاصة . وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، والفائق ، والمستوعب . وعنه : ينظر سوى عورة الصلاة . جزم به في الكافي ، فقال . ويجوز لمن أراد شراء جارية النظر منها إلى ما عدا عورتها . وقيل : ينظر غير ما بين السرة والركبة . قال الناظم : هذا المقدم . وقيل : حكمها في النظر كالمخطوبة . ونقل حنبل : لا بأس أن يقلبها إذا أراد شراءها من فوق ثيابها ; لأنها لا حرمة لها . قال القاضي : أجاز تقليب الظهر والصدر . بمعنى لمسه من فوق الثياب .

التالي السابق


الخدمات العلمية